الرقة والبكاء لابن قدامة


تفسير

رقم الحديث : 17

قَالَ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَ : كَتَبَتِ الأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِمْ رَجُلا يُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّينِ ، فَبَعَثَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ ، فَنَزَلَ عَلَى أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، فَكَانَ يَأْتِي بِهِ دُورَ الأَنْصَارِ ، فَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ ، وَيَتْلُو عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ ، وَيُفَقِّهُ مَنْ كَانَ أَسْلَمَ مِنْهُمْ فِي الإِسْلامِ . قَالَ : فَخَرَجَ بِهِ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ بَنِي ظَفَرَ ، فَجَلَسَ بِهِ فِيهِ ، وَأَتَاهُ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ سَمِعَ بِالإِسْلامِ ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ مِنْ أَهْلِ الدَّارَيْنِ : مِنْ بَنِي ظَفَرَ ، وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، قَالَ : فَسَمِعَ بِذَلِكَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، فَقَالَ لأُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ : ائْتِ هَذَا الرَّجُلَ فَإِنَّهُ لَوْلا أَنَّهُ مَعَ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ وَهُوَ ابْنُ خَالَتِي كُنْتُ أَنَا أَكْفِيكَهُ . قَالَ : فَأَخَذَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ الْحَرْبَةَ ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمَا ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا . قَالَ : وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ حِينَ رَأَى أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ : هَذَا سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِ قَوْمِي ، لَهُ شَرَفٌ وَخَطَرٌ ، فَابْلُ اللَّهَ فِيهِ خَيْرًا . فَقَالَ : إِنْ يَسْمَعْ مِنِّي أُكَلِّمْهُ . قَالَ : فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمَا كَلَّمَهُمَا كَلامًا فِيهِ غِلْظَةٌ ، فَقَالَ لَهُ مُصْعَبٌ : أَوَ تَجْلِسُ فَتَسْمَعُ ؟ فَإِنْ سَمِعْتَ خَيْرًا قَبِلْتَهُ ، وَإِنْ سَمِعْتَ شَيْئًا تَكْرَهُهُ أَوْ خَالَفَكَ أَعْفَيْنَاكَ مِمَّا تَكْرَهُهُ ، فَقَالَ : مَا بِهَذَا بَأْسٌ ، ثُمَّ رَكَزَ حَرْبَتَهُ ، وَجَلَسَ ، فَتَلا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ ، وَكَلَّمَهُمْ بِالإِسْلامِ . قَالَ : فَوَاللَّهِ لَعَرَفْنَا فِيهِ الإِسْلامَ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ ، بِإِشْرَاقِ وَجْهِهِ وَتَسَهُّلِهِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا الْقَوْلَ ، فَدَخَلَ فِيهِ ، فَأَمَرُوهُ ، فَتَشَهَّدَ بِشَهَادَةِ الْحَقِّ ، ثُمَّ قَالَ : كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا أَرَدْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوهُ ؟ قَالا لَهُ : تَقُومُ فَتَغْتَسِلُ ، ثُمَّ تُطَهِّرُ ثَوْبَيْكَ ، وَتَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ ، وَتَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ . قَالَ : فَفَعَلَ ، ثُمَّ خَرَجَ رَاجِعًا ، فَلَمَّا رَآهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ مُقْبِلا ، قَالَ : أَحْلِفُ بِاللَّهِ وَلَقَدْ رَجَعَ إِلَيْكُمْ أُسَيْدٌ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي ذَهَبَ بِهِ مِنْ عِنْدِكُمْ ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِ ، قَالَ : مَا وَرَاءَكَ ؟ قَالَ : كَلَّمْتُ الرَّجُلَيْنِ ، وَقُلْتُ لَهُمَا نَحْوًا مِمَّا قُلْتَ لِي فَكَلَّمَانِي بِكَلامٍ رَقِيقٍ ، وَزَعَمَا أَنَّهُمَا سَيَتْرُكَانِ ذَلِكَ ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ قَدْ سَمِعُوا بِمَكَانِ أَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ فَأَجْمَعُوا لِقَتْلِهِ ، وَهُوَ ابْنُ خَالَتِكَ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِذَلِكَ إِخْفَارِكَ ، فَإِنْ كَانَتْ لَكَ بِهِ حَاجَةٌ فَأَدْرِكْهُ ، قَالَ : فَوَثَبَ ، وَأَخَذَ الْحَرْبَةَ مِنْ يَدْ أُسَيْدٍ ، وَقَالَ : وَاللَّهِ مَا أَرَاكَ أَغْنَيْتَ شَيْئًا ، ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى جَاءَهُمَا ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا مُتَشَتِّمًا ، فَقَالَ لأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ : أَجِئْتَنَا بِهَذَا الرَّجُلِ الْغَرِيبِ تُسَفِّهُ بِهِ سُفَهَاءَنَا وَضُعَفَاءَنَا ؟ وَاللَّهِ لَوْلا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ مِنَ الرَّحِمِ مَا تَرَكْتُكَ وَهَذَا ، وَقَدْ قَالَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ لِمُصْعَبٍ حِينَ رَأَى سَعْدًا طَالِعًا : هَذَا وَاللَّهِ سَيِّدُ مَنْ وَرَاءِهِ ، إِنْ تَابَعَكَ لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ اثْنَانُ مِنْ قَوْمِهِ ، فَابْلُ اللَّهَ فِيهِ بَلاءً حَسَنًا ، قَالَ : إِنْ يَقْعُدْ نُسْمِعْهُ مَا أَسْمَعْنَا صَاحِبَهُ ، قَالَ : فَلَمَّا فَرَغَ سَعْدٌ مِنْ مَقَالَتِهِ لأَسْعَدَ بْنِ زُرَارَةَ ، قَالَ لَهُ مُصْعَبُ : أَوَ تَجْلِسُ ؟ فَإِنْ سَمِعْتَ شَيْئًا تُحِبُّهُ قَبِلْتَهُ ، وَإِنْ خَالَفَكَ شَيْءٌ أَوْ كَرِهْتَهُ أَعْفَيْنَاكَ . قَالَ : أَنْصَفْتَ ، مَا بِهَذَا بَأْسٌ ، قَالَ : فَرَكَزَ حَرْبَتَهُ ، ثُمَّ جَلَسَ ، فَكَلَّمَهُ الإِسْلامَ ، وَتَلا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ . قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا تَكَلَّمَ حَتَّى عَرَفْنَا الإِسْلامَ فِي وَجْهِهِ ، بِإِشْرَاقِهِ وَتَسَهُّلِهِ ، فَأَسْلَمَ ، وَقَالَ : مَا أَحْسَنَ هَذَا وَأَجْمَلَهُ ، نَقْبَلُهُ وَنُعِينُكَ عَلَيْهِ ، كَيْفَ تَصْنَعُونَ إِذَا دَخَلْتُمْ فِي هَذَا الأَمْرِ ؟ قَالَ : تَغْتَسِلُ ، وَتُطَهِّرُ ثَوْبَكَ ، ثُمَّ تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، وَتَشْهَدُ شَهَادَةَ الْحَقِّ ، قَالَ : فَفَعَلَ ، ثُمَّ خَرَجَ ، حَتَّى أَتَى دَارَ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، فَقَالَ : يَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ ، كَيْفَ تَعْلَمُونَ رَأْيِي فِيكُمْ وَمَكَانِي مِنْكُمْ ؟ قَالُوا : نَعْلَمُكَ وَاللَّهِ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَيْمَنُنَا وَأَرْشَدُنَا أَمْرًا . قَالَ : فَإِنَّ كَلامَ رِجَالِكُمْ وَنِسَائِكُمْ عَلِيَّ حَرَامٌ حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ، وَتَشْهَدُوا أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَحْدُهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ ، قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا أَمْسَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي دَارِ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلا مُسْلِمًا " .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ

ثقة ثبت

ابْنُ إِسْحَاقَ

صدوق مدلس

Whoops, looks like something went wrong.