قَالَ قَالَ زِيَادٌ : وَحَدَّثَنِي الْمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْحِمْيَرِيِّ ، عَنْ سعَد بْنِ مَسْعُودٍ : " أَنَّ أَبَا طَالِبٍ فَقَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَيْنِ ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً ، وَظَنَّ أَنَّهُ قَدِ اغْتِيلَ ، فَأَرْسَلَ ، فَالْتَمَسَهُ ، فَلَمْ يَجِدْهُ ، فَدَعَا بَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ وَمَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ رَأْيِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، فَقَالَ : حُدُّوا سِلَاحَكُمْ ، وَكُونُوا عَلَى مَكَانِكُمْ ، وَأَعْطَى بَنِيهِ وَبَنِي أَخِيهِ كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ شَفْرَةً قَدْ شَحَذَهَا ، وَقَالَ : لِيَجْلِسْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ إِلَى جَنْبِ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى أَنْطَلِقَ إِلَى هَذَا الْجَبَلِ ، فَإِنِّي قَدْ طَلَبْتُ مُحَمَّدًا فِي مَظَانِّهِ إِلا هَذَا الْمَكَانَ مِنْ نَاحِيَةِ الْجَبَلِ الَّذِي يُطِلُّ عَلَى مَكَّةَ ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ أَنْعِي مُحَمَّدًا فَلْيَجَأْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ جَلِيسَهُ . قَالَ : وَخَرَجَ أَبُو طَالِبٍ وَهُوَ يُنَادِي : يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ ! حَتَّى بَلَغَ أَسْفَلَ مَكَّةَ ، فَأَتَى الْمَكَانَ الَّذِي أَرَادَ ، فَوَجَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا لَكَ يَا عَمِّ ؟ قَالَ : ظَنَنْتُ وَاللَّهِ أَنَّكَ قَدِ اغْتِلْتَ ، فَقَدْ كِدْتَ تَجْرِمُنِي الْيَوْمَ أَنْ أَقْتُلَ قَوْمِي فِيكَ ! أَلا تُخْبِرْنِي إِذَا خَرَجْتَ مَكَانًا أَيْنَ مَكَانَكَ فَأَعْرِفُهُ ؟ , فَقَالَ لَهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا عَمِّ ، مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يُسْعِدَهُ اللَّهُ بِمَا بُعِثْتُ بِهِ مِنْكَ ، أَفَلا أُرِيكَ آيَةً عَلَى أَنْ تُسْلِمَ ؟ قَالَ : وَمَا الآيَةُ يَا ابْنَ أَخِي ؟ قَالَ : أُرِيكَ شَيْئًا لا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُرِيكَهُ ! قَالَ : فَأَرِنِيهِ ! قَالَ : تَرَى تِلْكَ الشَّجَرَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَإِنِّي أَدْعُو رَبِّي فَيَأْتِيكَ بِهَا حَتَّى تَنْظُرَ إِلَيْهَا عِنْدَكَ . قَالَ : فَافْعَلْ ! قَالَ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَقْبِلِي بِإِذْنِ اللَّهِ ، فَأَقْبَلَتِ الشَّجَرَةُ تَهْتَزُّ حَتَّى أَتَتْهُمَا ، فَقَالَ : خُذْ مِنْ وَرِقِهَا وَمِنْ بَعْضِ غُصُونِهَا . فَأَخَذَ أَبُو طَالِبٍ ، ثُمَّ قَالَ لَهَا : ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ ، فَرَجَعَتْ ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَمِّ عِنْدَكَ اتْبَعْنِي ، فَقَالَ : يَا ابْنَ أَخِي لِهَذَا يَقُولُ قَوْمُكَ إِنَّكَ سَاحِرٌ ، فَانْطَلِقْ حَتَّى أُؤْنِسُهُمْ مِنْكَ ، فَأَقْبَلَ أَبُو طَالِبٍ آخِذًا بِيَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى نَادِي قُرَيْشٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَلَمَّا رَآهُ ، قَالُوا : هَذَا أَبُو طَالِبٍ آخِذٌ بِيَدِ مُحَمَّدٍ ، مَا تَرَوْنَهُ يُرِيدُ ؟ أَتَرَوْنَهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْلِمَهُ إِلَيْكُمْ ؟ قَالُوا : مَا نَرَاهُ إِلا فَاعِلا ، فَأَقْبَلَ أَبُو طَالِبٍ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : مَا لَكَ يَا أَبَا طَالِبٍ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَرَاكُمْ قَدْ قَتَلْتُمُوهُ ، وَرَبِّ هَذَا الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَالْبَلَدِ الْحَرَامِ ، لَوْ كُنْتُمْ فَعَلْتُمْ لَقَتَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ جَلِيسَهُ ، أَخْرِجُوا شِفَارَكُمْ ، فَأَخْرَجُوهَا ، فَلَمَّا رَأَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ ، يَئِسُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " . وَمِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الأُمَوِيِّ : فَلَمَّا عَرَفَتْ قُرَيْشٌ أَنَّهُ لا سَبِيلَ لَهُمْ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَكْتُبُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ كِتَابًا أَنْ لا يُنْكِحَوهُمْ ، وَلا يَخْطِبُوا إِلَيْهِمْ ، وَلا يُبَايِعُوهُمْ ، وَلا يَبْتَاعُوا مِنْهُمْ ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا لِذَلِكَ ، كَتَبُوهُ فِي صَحِيفَةٍ ، ثُمَّ تَعَاهَدُوا عَلَيْهِ ، وَتَوَاثَقُوا عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ عَلَّقُوا الصَّحِيفَةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ تَوْكِيدًا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ، فَلَمَّا فَعَلَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ انْحَازَتْ بَنُو هَاشِمٍ ، وَبَنُو الْمُطَّلِبِ إِلَى أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَدَخَلُوا مَعَهُ فِي شِعْبِهِ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ، وَخَرَجَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَبُو لَهَبٍ عَبْدُ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِلَى قُرَيْشٍ ، وَظَاهَرَ عَلَيْهِمْ قُرَيْشًا ، وَقَالَ لِهِنْدِ بِنْتِ عُتْبَةَ : يَا ابْنَةَ عُتْبَةَ ، هَلْ نَصَرْتُ اللاتَ وَالْعُزَّى وَفَارَقْتُ مَنْ فَارَقَهُمَا وَظَاهَرَ عَلَيْهِمَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا أَبَا عُتْبَةَ ، ثُمَّ عَدَتْ قُرَيْشٌ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ ، فَأَوْبَقُوهُمْ ، وَآذُوهُمْ ، وَاشْتَدَّ الْبَلَاءُ عَلَيْهِمْ ، وَعَظُمَتِ الْفِتْنَةُ فِيهِمْ ، وَزُلْزِلُوا زِلْزَالا شَدِيدًا ، وَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ ، وَأَخْبَرُوهُمْ بِمَا قَالَ ، اشْتَدَّ وَجْدُهُمْ ، وَآذَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ أَذًى شَدِيدًا ، وَضَرَبُوهُمْ فِي كُلِّ طَرِيقٍ ، وَحَصَرُوهُمْ فِي شِعْبِهِمْ ، وَقَطَعُوا عَنْهُمُ الْمَادَّةَ وَالأَسْوَاقَ ، فَلَمْ يَدَعُوا أَحَدًا يُدْخِلُ عَلَيْهِمْ طَعَامًا ، وَلا شَيْئًا مِمَّا يَرْتَفِقُونَ بِهِ ، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ مِنَ الشِّعْبِ إِلَى الأَسْوَاقِ ، فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تِبَادِرُهُمْ إِلَى الأَسْوَاقِ ، فَيَشْرُونَهَا وَيُغَلُّونَهَا عَلَيْهِمْ ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ ثَلاثَ سِنِينَ ، حَتَّى بَلَغَ الْقَوْمَ الْجَهْدُ الشَّدِيدُ ، حَتَّى سَمِعُوا أَصْوَاتَ صِبْيَانِهِمْ يَتَضَاغون مِنْ وَرَاءِ الشِّعْبِ ، فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ : أَلا أَبْلِغَا عَنِّي عَلَى ذَاتِ بَيْنِنَا لُؤَيًّا وَخُصَّا مِنْ لُؤَيِّ بَنِي كَعْبِ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّا وَجَدْنَا مُحَمَّدًا نَبِيًّا كَمُوسَى خُطَّ فِي أَوَّلِ الْكُتْبِ وَأَنَّ عَلَيْهِ فِي الْعِبَادِ مَحَبَّةً وَلَا خَيْرَ مِمَّنْ خَصَّهُ اللَّهُ بِالْحُبِّ وَأَنَّ الَّذِي أَلْصَقْتُمُ مِنْ كِتَابِكُمْ يَكُونُ لَكُمْ يَوْمًا كَرَاغِيَةِ السَّقْبِ فَلَسْنَا وَرَبِّ الْبَيْتِ نُسْلِمُ أَحْمَدًا لِعَزَّاءِ مِنْ عَضِّ الزَّمَانِ وَلا كَرْبِ وَلَمَّا تَبِنْ مِنَّا وَمِنْكُمْ سَوَالِفٌ وَأَيْدٌ أُتِرَّتْ بِالْمُهَنَّدَةِ الشُّهْبِ بِمُعْتَرَكٍ ضَنْكٍ تَرَى كِسَرَ الْقَنَا بِهِ وَالنُّسُورَ الطُّخْمِ يَعْكُفْنَ كَالشَّرْبِ كَأَنَّ مُجَالَ الْخَيْلِ فِي حَجَرَاتِهِ وَمَعْمَعَةَ الأَبْطَالِ مَعْرَكَةُ الْحَرْبِ ثُمَّ رَجْعُ الْحَدِيثِ إِلَى زِيَادٍ : " فَأَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا ، حَتَّى جُهِدُوا ، وَلا يَصِلُ إِلَيْهِمْ شَيْءٌ إِلا مُسْتَخْفًى بِهِ مِنْ كُلِّ مَنْ أَرَادَ وَصْلَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَقَدْ كَانَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ ، فِيمَا يَذْكُرُونَ ، لَقِيَ حَكِيمَ بْنَ حِزَامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى مَعَهُ غُلامٌ لَهُ يَحْمِلُ مَعَهُ قَمْحًا يُرِيدُ بِهِ عَمَّتَهُ خَدِيجَةَ بِنْتَ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ ، وَهِيَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ فِي الشِّعْبِ ، فَتَعَلَّقَ بِهِ ، وَقَالَ : أَتَذْهَبُ بِالطَّعَامِ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ ؟ لا تَبْرَحُ أَنْتَ وَطَعَامُكَ حَتَّى أَفْضَحَكَ بِمَكَّةَ ، فَجَاءَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ ، فَقَالَ : مَا لَكَ وَلَهُ ؟ فَقَالَ : يَحْمِلُ الطَّعَامَ إِلَى بَنِي هَاشِمٍ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ : طَعَامٌ كَانَ لِعَمَّتِهِ عِنْدَهُ ، فَبَعَثَتْ إِلَيْهِ ، أَتَمْنَعُهُ أَنْ يَأْتِيَهَا بِطَعَامِهَا ؟ خَلِّ سَبِيلَ الرَّجُلِ ، فَأَبَى أَبُو جَهْلٍ ، حَتَّى نَالَ أَحَدُهُمَا مِنَ الآخَرِ ، فَأَخَذَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَحْيَ بَعِيرٍ ، فَضَرَبَهُ ، فَشَجَّهُ ، وَوَطِئَهُ وَطْأً شَدِيدًا ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ قَرِيبٌ يَرَى كُلَّ ذَلِكَ ، وَهُمْ يَكْرَهُونَ أَنْ يَبْلُغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ فَيَشْمَتُوا بِهِمْ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ يَدْعُو قَوْمَهُ لَيْلا وَنَهَارًا ، وَسِرًّا ، وَجَهَارًا ، مُبَادِيًا بِأَمْرِ اللَّهِ ، لا يَتَّقِي فِيهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ ، فَجَعَلَتْ قُرَيْشٌ حِينَ مَنَعَهُ اللَّهُ مِنْهَا بِعَمِّهِ وَقَوْمِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ ، وَحَالُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا أَرَادُوا مِنَ الْبَطْشِ بِهِمْ وَبِهِ ، يَهْمِزُونَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَيُخَاصِمُونَهُ ، ثُمَّ أَنَّهُ قَامَ فِي نَقْضِ تِلْكَ الصَّحِيفَةِ الَّتِي تَكَاتَبَتْ فِيهَا قُرَيْشٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ ، وَبَنِي الْمُطَّلِبِ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَلَمْ يُبْلِ فِيهَا أَحَدٌ بَلاءً أَحْسَنَ مِنْ بَلاءِ هَاشِمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ ابْنُ أَخِي نَضْلَةَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ لأُمِّهِ ، وَكَانَ نَضْلَةُ وَعَمْرٌو أَخَوَيْنِ لأُمٍّ ، وَكَانَ هَاشِمٌ لِبَنِي هَاشِمٍ وَاصِلا ، وَكَانَ ذَا شَرَفٍ فِي قَوْمِهِ ، وَكَانَ فِيمَا بَلَغَنِي يَأْتِي بِالْبَعِيرِ قَدْ أَوْقَرَهُ طَعَامًا لَيْلا ، حَتَّى إِذَا أَقْبَلَهُ فَمَ الشِّعْبِ ، خَلَعَ خِطَامَهُ مِنْ رَأْسِهِ ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَى جَنْبَيْهِ ، فَيَدْخُلُ الشِّعْبَ عَلَيْهِمْ ، وَيَأْتِي بِهِ ، قَدْ أَوْقَرَهُ برا ، فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَنَّهُ مَشِيَ إِلَى زُهَيْرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَخْزُومٍ ، وَكَانَتْ أُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَقَالَ : أَيْ زُهَيْرُ ، قَدْ رَضِيتَ أَنْ تَأْكُلَ الطَّعَامَ وَتَلْبَسَ الثِّيَابَ وَأَخْوَالُكَ حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ ، لا يُبَايَعُونَ وَلا يُبْتَاعُ مِنْهُمْ ، وَلا يَنْكِحُونَ وَلا يُنْكَحُ إِلَيْهِمْ ؟ ! أَمَا إِنِّي أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَوْ كَانَ أَخْوَالُ أَبِي الْحَكَمِ بْنِ هِشَامٍ ثُمَّ دَعَوْتَهُ إِلَى مِثْلِ مَا دَعَاكَ إِلَيْهِ مَا أَجَابَكَ إِلَيْهِ أَبَدًا ! قَالَ : وَيْحَكَ يَا هَاشِمُ ! فَمَاذَا أَصْنَعُ ؟ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مَعِي رَجُلٌ آخَرُ لَقُمْتُ فِي نَقْضِهَا حَتَّى أَنْقُضَهَا . قَالَ : قَدْ وَجَدْتَ رَجُلا . قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : أَنَا ، قَالَ : أَبْغِنِي ثَالِثًا . فَذَهَبَ إِلَى الْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ ، فَقَالَ : يَا مُطْعِمُ ، أَقَدْ رَضِيتَ أَنْ يَهْلِكَ بَطْنَانِ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ وَأَنْتَ شَاهِدٌ لِذَلِكَ ، مُوَافِقٌ لِقُرَيْشٍ فِيهِ ؟ أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ أَمْكَنْتُمُوهُمْ مِنْ هَذِهِ لَتَجِدُنَّهُمْ إِلَيْهَا مِنْكُمْ سِرَاعًا . قَالَ : وَيْحَكَ ! فَمَاذَا أَصْنَعُ ؟ إِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ وَاحِدٌ ، قَالَ : قَدْ وَجَدْتَ ثَانِيًا ، قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : أَنَا ، قَالَ : أَبْغِنِي ثَالِثًا ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ . قَالَ : أَبْغِنَا رَابِعًا . قَالَ : فَذَهَبَ إِلَى أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ ، فَقَالَ لَهُ نَحْوًا مِمَّا قَالَ لِلْمُطْعِمِ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ : وَهَلْ مِنْ أَحَدٍ يُعِينُ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ قَالَ : زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ ، وَالْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ ، وَأَنَا ، قَالَ : أَبْغِنَا خَامِسًا . فَذَهَبَ إِلَى زَمْعَةَ بْنِ الأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، فَذَكَرَ لَهُ قَرَابَتَهُمْ وَحَقَّهُمْ ، قَالَ : وَهَلْ عَلَى هَذَا الأَمْرِ الَّذِي تَدْعُونِي إِلَيْهِ أَحَدٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، ثُمَّ سَمَّى لَهُ الْقَوْمَ ، فَاتَّعَدُوا خَطْمَ الْحَجُونِ لَيْلًا بِأَعْلَى مَكَّةَ ، فَاجْتَمَعُوا هُنَالِكَ ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ ، وَتَعَاهَدُوا عَلَى الْقِيَامِ عَلَى الصَّحِيفَةِ حَتَّى يَنْقُضُوهَا . وَقَالَ زُهَيْرٌ : أَنَا أَبْدَؤُكُمْ ، فَأَكُونُ أَوَّلَكُمْ يَتَكَلَّمُ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ، غَدَوْا عَلَى أَنْدِيَتِهِمْ ، وَغَدَا زُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ ، فَقَالَ : يَا أَهْلَ مَكَّةَ ، إِنَّا نَأْكُلُ الطَّعَامَ ، وَنَلْبَسُ الثِّيَابَ ، وَبَنُو هَاشِمٍ هَلْكَى ، لا يُبْايَعُونَ وَلا يُبْتَاعُ مِنْهُمْ ! وَاللَّهِ لا أَقْعُدُ حَتَّى تُشَقَّ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ الْقَاطِعَةُ الظَّالِمَةُ . قَالَ أَبُو جَهْلٍ وَكَانَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ : كَذَبْتَ وَاللَّهِ لا تُشَقُّ . قَالَ زَمْعَةُ بْنُ الأَسْوَدِ : أَنْتَ وَاللَّهِ أَكْذَبُ ، مَا رَضِينَا كِتَابَتَهَا حِينَ كُتِبَتْ . قَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ : صَدَقَ زَمْعَةُ ، لا نَرْضَى مَا كُتِبَ فِيهَا ، وَلا نُقِرُّ بِهِ . قَالَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ : صَدَقْتُمَا وَكَذَبَ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ ، نَبْرَأُ إِلَى اللَّهِ مِنْهَا وَمِمَّا كُتِبَ فِيهَا . وَقَالَ هَاشِمُ بْنُ عَمْرٍو نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ عِنْدَ ذَلِكَ : هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ ، وَتُشُووِرَ فِيهِ بِغَيْرِ هَذَا الْمَكَانِ . وَأَبُو طَالِبٍ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ . فَقَامَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ إِلَى الصَّحِيفَةِ فَشَقَّهَا ، فَوَجَدَ الأَرَضَةَ قَدْ أَكَلَتْهَا ، إِلا " بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ " . قَالَ : وَكَانَ كَاتِبُ الصَّحِيفَةِ مَنْصُورَ بْنَ عِكْرِمَةَ ، أَخَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ ، فَشُلَّتْ يَدُهُ فِيمَا يَزْعُمُونَ . قَالَ غَيْرُ زِيَادٍ : فَلَمَّا أَفْسَدَ اللَّهُ صَحِيفَةَ مَكْرِهِمْ ، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَهْطُهُ ، فَعَاشُوا فِي النَّاسٍ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سعَد بْنِ مَسْعُودٍ | سعد بن مسعود الكندي | مختلف في صحبته |
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعَمَ الْحِمْيَرِيِّ | عبد الرحمن بن زياد الإفريقي / ولد في :75 / توفي في :156 | ضعيف الحديث |
الْمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ | مجالد بن سعيد الهمداني / ولد في :48 / توفي في :144 | ضعيف الحديث |
زِيَادٌ | زياد بن عبد الله البكائي | صدوق حسن الحديث |