سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحِيمِ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ الْمُؤَذِّنَ ، يَحْكِي أَنَّ الْوَالِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ خَرَجَ لِصَلاةِ الْعِشَاءِ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي الْمُظْلِمَةِ ، وَأَنَا أَنْتَظِرُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ ، فَحَسِبْتُ أَنَّ فِي يَدِهِ سِرَاجًا فَتَعَجَّبْتُ مِنْهُ لأَنَّهُ مَا كَانَ يَعْتَادُهُ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لَمْ أَجِدْ مَعَهُ شَيْئًا ، فَدَهِشْتُ ثُمَّ ذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ مَنْ بَعْدُ فَمَنَعَنِي مِنْ حِكَايَتِهِ وَإِفْشَائِهِ ، أُحْضِرْتُ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ تَقْرِيبًا مَجْلِسَ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَجَرَى عَلَى عَادَتِهِ فِي بِنَاءِ الْمَجْلِسِ عَلَى الأَذْكَارِ وَالدَّعَوَاتِ ، وَذَكَرَ فَضْلَ الذِّكْرِ الَّذِي رَوَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، وَهُوَ يَا أَوَّلَ الأَوَّلِينَ ، وَيَا آخِرَ الآخِرِينَ ، وَيَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِينِ ، وَيَا أَرْحَمَ الْمَسَاكِينَ ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، هَذَا حَدِيثٌ يُرْوَى مُسْنَدًا ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ ، قَالَ : أَصَابَتْ عَلِيَّ بْنَ أبَيِ طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَصَاصَةٌ ، فَقَالَ لِفَاطِمَةَ لَوْ أَتَيْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتِهِ ، فَأَتَتْهُ وَهُوَ عِنْدَ أُمِّ أَيْمَنَ ، فَدَقَّتِ الْبَابَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأُمِّ أَيْمَنَ : أَنَّ هَذَا لَدَقُّ فَاطِمَةَ ، وَلَقَدْ أَتَتْنَا السَّاعَةَ مَا عَوَّدَتْنَا أَنْ تَأْتِينَا فِي مِثْلِهَا ، فَقُومِي فَافْتَحِي لَهَا الْبَابَ ، فَفَتَحَتْ لَهَا الْبَابَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا فَاطِمَةُ ، لَقَدْ أَتَيْتِنَا فِي سَاعَةٍ مَا عَوَّدْتِنَا أَنْ تَأْتِينَا فِي مِثْلِهَا ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَذِهِ الْمَلائِكَةُ طَعَامُهَا التَّهْلِيلُ ، وَالتَّسْبِيحُ ، وَالتَّمْجِيدُ ، فَمَا طَعَامُنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ مَا اقْتَبَسَ آلُ مُحَمَّدٍ نَارًا مُنْذُ ثَلاثِينَ يَوْمًا ، وَلَقَدْ أَتَتْنَا أَعْنُزٌ ، فَإِنْ شِئْتِ أَمَرْنَا لَكِ بِخَمْسِ أَعْنُزٍ ، وَإِنْ شِئْتِ عَلَّمْتُكِ خَمْسَ كَلِمَاتٍ عَلَّمَنِيهُنَّ جِبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، قَالَتْ بَلْ عَلِّمْنِي الْكَلِمَاتِ ، فَقَالَ : قُولِي : يَا أَوَّلَ الأَوَّلِينَ ، وَيَا آخِرَ الآخِرِينَ ، وَيَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِينِ ، وَيَا أَرْحَمَ الْمَسَاكِينِ ، وَيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ فَانْصَرَفَتْ ، فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ لَهَا : مَا وَرَاءَكِ ، قَالَتْ : ذَهَبْتُ مِنْ عِنْدِكَ إِلَى الدُّنْيَا وَأَتَيْتُ بِالآخِرَةِ ، فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : خَيْرُ أَيَّامِكَ خَيْرُ أَيَّامِكَ فَحَفِظْتُ الْكَلِمَاتِ مِنْ لَفْظِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، وَلَمَّا أَمْسَيْنَا وَجَدْتُ كَسَلا فِي نَفْسِي ، وَتَقَاعُدًا عَنْ إِقَامَةِ وَظِيفَةِ التِّكْرَارِ ، وَشَغَلَنِي بَعْضُ مَنْ حَضَرَ دَارَنَا مِنَ الأَقَارِبِ ، فَعَزَمْتُ عَلَى أَنْ أَتَوَسَّلَ بِشَفَاعَةِ مَنْ حَضَرَ إِلَى الاسْتِيذَانِ فِي تَعْطِيلِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، ثُمَّ نَقَضْتُ ذَلِكَ الْعَزْمَ ، وَدَخَلْتُ بَيْتًا خَالِيًا فَصَلَيْتُ فِيهِ الْعِشَاءَ الآخِرَةَ ، وَدَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَى بِالْكِلَمَاتِ الْخَمْسِ ، وَسَأَلْتُهُ تَيْسِيرَ مَا قَصَدْتُهُ ، فَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ التِّكْرَارِ ، وَنَهَضْتُ لَهُ دَعَانِي الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَسَارَّنِي بِمَا كُنْتُ أَطْلُبُهُ ، وَكَانَ تِلْكَ تَفَرُّسًا مِنْهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ | سويد بن غفلة الجعفي | ثقة |
عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ | عبدة بن أبي لبابة الأسدي | ثقة |
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ | سفيان الثوري | ثقة حافظ فقيه إمام حجة وربما دلس |