ابو العز يوسف بن سوار بن عبيد بن هبة الله السلمي ثم البلوي القضاعي المصري البرجي الفق...


تفسير

رقم الحديث : 32

قَرَأْتُ عَلَى إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَكُمُ ابْنُ نَاصِرٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ بُنْدَارٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شَاذَانَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ كَامِلٍ ، قِيلَ لَهُ حَدَّثَكُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْمُبَرِّدُ ، حَدَّثَنِي التَّوَّزِيُّ فِي إِسْنَادٍ ذَكَرَهُ ، آخِرُهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيُّ ، قَالَ : بَيَّنَا نَحْنُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعِ بِالْكُوفَةِ ، وَأَهْلُ الْكُوفَةِ يَوْمَئِذٍ ذَوُو حَالٍ حَسَنَةٍ ، يَخْرُجُ الرَّجُلُ مِنْهُمْ فِي الْعَشْرَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ مَوَالِيهِ ، أَتَانَا آتٍ ، فَقَالَ : هَذَا الْحَجَّاجُ قَدِمَ أَمِيرًا عَلَى الْعِرَاقِ ، فَإِذَا بِهِ قَدْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ مُتَعَمِّمًا بِعَمَامَةٍ قَدْ غَطَّى بِهَا أَكْثَرَ وَجْهِهِ ، مُتَقَلِّدًا سَيْفًا ، مُتَنَكِّبًا قَوْسًا ، يَؤُمُّ الْمِنْبَرَ ، فَقَامَ النَّاسُ نَحْوَهُ ، حَتَّى صَعَدَ الْمِنْبَرَ ، فَمَكَثَ سَاعَةً لا يَتَكَلَّمُ ، فَقَالَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : قَبَّحَ اللَّهُ بَنِي أُمَيَّةَ حَيْثُ تَسْتَعْمِلُ مِثْلَ هَذَا عَلَى الْعِرَاقِ ! حَتَّى قَالَ عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ الْبُرْجُمِيُّ : أَلا أَحْصِبُهُ لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : أَمْهِلْ حَتَّى نَنْظُرَ ، فَلَمَّا رَأَى عُيُونَ النَّاسِ إِلِيهِ حَسَرَ اللِّثَامَ عَنْ فِيهِ ، وَنَهَضَ ، فقال من الوافر أنا ابن جلا وطلاع الثنايا متى أضع العمامة تعرفوني ثم قَالَ : وَاللَّهِ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ إِنِّي لأَرَى رُؤُوسًا قَدْ أَيْنَعَتْ وَحَانَ قِطَافُهَا ، وَإِنِّي لَصَاحِبُهَا ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى الدِّمَاءِ بَيْنَ الْعَمَائِمَ وَاللِّحَى ، ثُمَّ قَالَ : مِنَ الرَّجَزِ هَذَا أَوَانُ الشَّدِّ فَاشْتَدِّي زِيَمْ قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ لِيسَ بِرَاعِي إِبِلٍ وَلا غَنَمْ وَلا بِجَزَّارٍ عَلَى ظَهْرِ وَضَمْ ثُمّ قَالَ : مِنَ الرَّجَزِ قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبِيَّ أَرْوَعَ خَرَّاجٍ مِنَ الدَّوِيّ مُهَاجِرٍ لِيسَ بِأَعْرَابِيِّ وَقَالَ : مِنَ الرَّجَزِ قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِهَا فَشُدُّوا وَجَدَّتِ الْحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا وَالْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُرُدُّ مِثْلُ ذِرَاعِ الْبَكْرِ أَوْ أَشَدُّ لابُدَّ مِمَّا لِيسَ مِنْهُ بُدُّ إِنِّي وَاللَّهِ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا يُقَعْقَعُ لِي بِالشِّنَانِ ، وَلا يُغْمَزُ جَانِبِي كَغْمِزِ التِّينِ ، وَلَقَدْ فُرِرْتُ عَنْ ذَكَاءٍ ، وَفُتِّشْتُ عَنْ تَجْرِبَةٍ ، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَهُ نَثَرَ كِنَانَتَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَعَجَمَ عِيدَانَهَا ، فَوَجَدَنِي أَمَرَّهَا عُودًا ، وَأَصْلَبَهَا مَكْسَرًا ، فَرَمَاكُمْ بِي لأَنَّكُمْ طَالَمَا أَوْضَعْتُمْ فِي الْفِتْنَةِ ، وَاضْطَجَعْتُمْ فِي مَرَاقِدِ الضَّلالِ . وَاللَّهِ لأَحْزِمِنَّكُمْ حَزْمَ السَّلَمَةِ ، وَلأَضْرَبَنَّكُمْ ضَرْبَ غَرَائِبِ الإِبِلِ ، فَإِنَّكُمْ لَكَأَهْلِ قَرْيَةٍ كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيَهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ ، فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ . وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَقُولُ إِلا وَفَيْتُ ، وَلا أَهُمُّ إِلا أمْضَيْتُ ، وَلا أَخْلُقُ إِلا فَرَيْتُ ، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي بِإِعْطَائِكُمْ أُعُطِيَتِكُمْ ، وَأَنْ أُوَجَّهَكُمْ لِمُحَارَبَةِ عَدُوِّكُمْ مَعَ الْمُهَلَّّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ . وَإِنِّي أُقْسِمُ بِاللَّهِ لا أَجِدُ رَجُلا تَخَلَّفَ بَعْدَ أَخْذِ عَطَائِهِ بِثَلاثَةِ أَيَّامٍ إِلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ . يَا غُلامُ اقْرَأْ عَلِيهِمْ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَرَأَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : مِنْ عَبْدِ اللَّهِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَنْ بِالْكُوفَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، سَلامٌ عَلِيكُمْ . فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا ، فَقَالَ الْحَجَّاجُ : اكْفُفْ يَا غُلامُ . ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ ، فَقَالَ : سَلَّمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ تَرُدُّوا عَلِيهِ شَيْئًا ؟ ! هَذَا أَدَبُ ابْنِ نُهْيَةٍ ، أَمَا وَاللَّهِ لأُؤَدِّبَنَّكُمْ غَيْرَ هَذَا الأَدَبِ ، أَوْ لَتَسْتَقِيمُنَّ . اقْرَأْ يَا غُلامُ كِتَابَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَرَأَ ، فَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ : سَلامٌ عَلِيكُمْ لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ إِلا ، قَالَ : وَعَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ السَّلامُ . ثُمَّ نَزَلَ فَوَضَعَ لِلنَّاسِ أُعْطِيَاتِهِمْ ، فَجَعَلُوا يَأْخُذُونَ ، حَتَّى أَتَاهُ شَيْخٌ يُرْعِدُ كِبَرًا ، فَقَالَ : أَيُّهَا الأَمِيرُ ، إِنِّي مِنَ الضَّعْفِ عَلَى مَا تَرَى ، وَلِي ابْنٌ هُوَ أَقْوَى عَلَى الأَسْفَارِ مِنِّي ، أَفَتَقْبَلُهُ مِنِّي بَدِيلا ؟ فَقَالَ لَهُ الْحجَّاجُ : نَفْعَلُ أَيُّهَا الشَّيْخُ . فَلَمَّا وَلَّى قَالَ لَهُ قَائِلٌ : أَتَدْرِي مَنْ هَذَا أَيُّهَا الأَمِيرُ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : هَذَا عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ الْبُرْجُمِيُّ ، الَّذِي يَقُولُ أَبُوهُ : مِنَ الطَّوِيلِ هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ وَكِدْتُ وَلِيتَنْ تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلائِلُهْ وَدَخَلَ هَذَا الشَّيْخُ عَلَى عُثْمَانَ مَقْتُولا ، فَوَطِئَ عَلَى بَطْنِهِ ، فَكَسَرَ ضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلاعِهِ . فَقَالَ : رُدُّوهُ ! فَلَمَّا رُدَّ قَالَ لَهُ الْحَجَّاجُ : أَيُّها الشَّيْخُ ، هَلا بَعَثْتَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بَدِيلا يَوْمَ الدَّارِ ! إِنَّ قَتْلَكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ صَلاحٌ لِلْمُسْلِمِينَ . يَا حَرَسِيُّ اضْرَبَنْ عُنُقَهُ . فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَضِيقُ عَلِيهِ بَعْضُ أَمْرهِ فَيَرْتَحِلُ ، وَيأْمُرُ وَلِيهُ أَنْ يَلْحَقَهُ بِزَادِهِ ، فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ : مِنَ الطَّوِيلِ تَجَهَّرْ فَإِمَّا أَنْ تَزُورَ ابْنَ ضَابِئٍ وَإِمَّا أَنْ تَزُورَ الْمُهَلَّبَا هُمَا خُطَّتَا خَسْفٍ نَجَاؤُكَ مِنْهُمَا رُكُوبُكَ حَوْلِيَا مِنَ الثَّلْجِ أَشْهَبَا فَأْضَحَى وَلَوْ كَانَتْ خُرَاسَانُ دُونَهُ رَآهُ مَكَانَ السُّوقِ أَوْ هُوَ أَقْرَبَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ : قَوْلُهُ أَنَا ابْنُ جَلا إِنَّمَا يُرِيدُ الْمُنْكَشِفَ الأَمْرِ وَلَمْ يَصْرِفْ جَلا لأَنَّهُ أَرَادَ الْفِعْلَ فَحَكَى ، وَالْفِعْلُ إِذَا كَانَ فِيهِ فَاعِلُهُ مُضْمَرًا أَوْ مُظْهَرًا لَمْ يَكُنْ إِلا حِكَايَةً ، كَقَوْلِكَ : تَأَبَّطَ شَرًّا ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ : مِنَ الطَّوِيلِ كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ لا تَأْخُذُونَهَا بَنَى شَابَ قَرْنَاهَا تَصُرُّ وَتَحْلُبُ وَتَقُولُ قَرَأْتُ : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ سورة القمر آية 1 ، لأَنَّكَ حَكَيْتَ ، وَكَذَلِكَ الابْتِدَاءُ وَالْخَبَرُ . تَقُولُ قَرَأْتُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سورة الفاتحة آية 2 . وَقَالَ الشَّعْرَ : مِنَ الرَّجَزِ وَاللَّهِ مَا زَيْدٌ بْنَامَ صَاحِبُهْ وَلا مُخَالِطُ اللِّيَانِ جَانِبُهْ وَقَوْلُهُ أَنَا ابْنُ جَلا هُوَ لِسُحَيْمِ بْنِ وَثِيلٍ الرِّيَاحِيِّ يَرْوُونَهُ . وَإِنَّمَا قَالَهُ الْحَجَّاجُ مُتَمَثِّلا . وَقَوْلُهُ : وَطَلاعُ الثَّنَايَا وَالثَّنَايَا : جَمْعُ ثَنِيَّةٍ . وَالثَّنِيَّةُ : الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ ، وَالطَّرِيقُ فِي الرَّمْلِ ، يُقَالُ لَهُ : الْخَلُّ . وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ جَلْدٌ لِطُلُوعِ الثَّنَايَا فِي ارْتِفَاعِهَا وَصُعُوبَتِهَا ، كَمَا قَالَ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ يَعْنِي أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ : مِنَ الطَّوِيلِ كِمَيشُ الإِزَارِ خَارِجٌ نِصْفُ سَاقِهِ بَعِيدٌ مِنَ السَّوْءَاتِ طَلاعُ أَنْجُدِ وَالنَّجْدُ : مَا ارْتَفَعَ عَنِ الأَرْضِ . وَقَوْلُهُ : إِنِّي أَرَى رُؤُوسًا قَدْ أَيْنَعَتْ ، وَحَانَ قِطَافُهَا أَيْ أَدْرَكَتْ . يُقَالَ : أَيْنَعَتِ الثَّمَرَةُ إِينَاعًا ، وَيَنَعَتَ يَنْعًا وَيُنْعًا ، وَيَقْرَأُ : انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ سورة الأنعام آية 99 وَ يَنْعِهِ كِلاهُمَا جَائِزٌ . وَقَوْلُهُ : هَذَا أَوَانِ الشَّدِ فَاشْتَدِّي زِيَمْ ، يَعْنِي : فَرَسًا أَوْ نَاقَةً ، وَالشِّعْرُ لِلْحُطَمِ الْقَيْسِيِّ . وَقَوْلُهُ : قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ ، فهُوَ الَّذِي لا يُبْقِي مِنَ السَّيْرِ شَيْئًا . وَيُقَالُ : رَجُلٌ حُطَمْ : لِلَّذي يَأْتِي عَلَى الزَّادِ بِشِدَّةِ أَكْلِهِ . وَيُقَالُ لِلَّنَارِ الَّتِي لا تُبْقِي : حُطَمَةٌ . وَقَوْلُهُ : عَلَى ظَهْرِ وَضَمْ ، الْوَضَمُ : كُلُّ مَا قُطِعَ عَلِيهِ اللَّحْمُ . قَالَ الشَّاعِرُ : مِنَ الْمُتَقَارِبِ وَفِتْيَانِ صِدْقٍ حِسَانِ الْوُجُوهِ لا يَجِدُونَ لِشَيْءٍ أَلَمْ مِنَ آلِ الْمُغِيرَةِ لا يَشْهَدُونَ عِنْدَ الْمَجَازِرِ لَحْمَ الْوَضَمْ وَقَوْلُهُ : قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِعَصْلَبِيِّ : أَيْ شَدِيدٍ . أَرْوَعَ : أَيْ : ذَكِيٌّ . وَقَوْلُهُ : خَرَّاجٍ مِنَ الدَّوِيِّ ، وَيَقُولُ : خَرَّاجٍ مِنْ كُلِّ غَمَّاءٍ وَشِدَّةٍ . وَيُقَالُ لِلصَّحْرَاءِ : دَوِّيَّةٌ ، وَهِيَ الَّتِي لا تَكَادُ تَنْقَضِي ، وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى الدَّوِّ ، وَالدَّوُّ : صَحْرَاءٌ مَلْسَاءٌ لا عَلَمَ بِهَا وَلا أَمَارَةَ ، قَالَ الْحُطَيْئَةُ : مِنَ الطَّوِيلِ وَأَنَّى اهْتَدَتْ وَالدَّوُّ بَيْنِي وَبَيْنَهَا وَمَا كَانَ سَارِي الدَّوِّ بِاللَّيْلِ يَهْتَدِي وَالدَّاوِيَّةُ : الْمَتَّسِعَةُ الَّتِي يُسْمَعُ لَهَا دَوِيٌّ بِاللَّيْلِ ، وَإِنَّمَا ذَاكَ الدَّوِيُّ مِنْ أَخْفَافِ الإِبِلِ ، تَنْفَسِحُ أَصْوَاتُهَا فِيهَا ، وَيَقُولُ جَهَلَةُ الأَعْرَابِ : إِنَّ ذَلِكَ عَزِيفُ الْجِنِّ . وَقَوْلُهُ : وَالْقَوْسُ فِيهَا وَتَرٌ عُرُدُّ : فَهُوَ الشَّدِيدُ ، وَيُقَالُ : عُرُنْدُ فِي هَذَا الْمَعْنَى . وَقَوْلُهُ : إِنِّي وَاللَّهِ مَا يُقَعْقَعُ لِي بِالشِّنَانِ ، وَاحِدُهَا شَنٌّ ، وَهُوَ الْجِلْدُ الِيَابِسُ ، فَإِذَا تُقُعْقِعَ بِهِ نَفَرَتِ الإِبِلُ ، فَضَرَبَ بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ مَثَلا ، قَالَ النَّابغةُ الذُّبْيَانِيُّ : مِنَ الْوَافَرَ كَأَنَّكَ مَنْ جِمَالِ بَنِي أُقَيْشِ يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلِيهِ بِشَنِّ وَقَوْلُهُ : وَلَقَدْ فُرِرْتُ عَنْ ذَكَاءٍ : يَعْنِي عَنْ تَمَامِ السِّنِّ . وَالذَّكَاءُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : أَحَدُهُمَا تَمَامُ السِّنِّ ، وَالآخَرُ حِدَّةُ الْقَلْبِ . فَمِمَّا جَاءَ فِي تَمَامِ السِّنِّ ، قَوْلُ قَيْسِ بْنِ زُهَيْرٍ : جَرْيُ الْمُذَكِّيَاتِ غِلابٌ . وَقَالَ زُهَيْرٌ : مِنَ الْوَافِرِ يُفَضِّلُهُ إِذَا اجْتَهَدَا عَلِيهِ تَمَامُ السِّنِّ مِنْهُ وَالذَّكَاءُ قَوْلُهُ : فَعَجَمَ عِيدَانَهَا ، يَقُولُ : مَضَغَهَا لِينْظُرَ أَيُّهَا أَصْلبُ ، يُقَالَ : عَجَمْتُ الْعُودَ ، إِذَا مَضَغْتُهُ ، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ . قَالَ النَّابِغَةُ : مِنَ الْبَسِيطِ فَظَلَّ يَعْجُمُ أَعَلَى الرَّوْقِ مُنْقَبِضًا فِي حَالِكِ اللَّوْنِ صِدْقٍ غَيْرِ ذِي أَوَدِ وَالْمَصْدَرُ : الْعَجْمُ . يُقَالَ : عَجَمْتُهُ عَجْمًا . وَيُقَالُ لَنَوَى كُلِّ شَيْءٍ : عَجَمٌ ، مَفْتُوحُ الْجِيمِ ، وَمَنْ أَسْكَنَ الْجِيمَ فَقَدْ أَخْطَأَ . قَالَ الأَعْشَى : مِنَ الْمُتَقَارِبِ غَزَاتَكَ بِالْخَيْلِ أَرْضَ الْعَدُوِّ وَجُذْعَانُهَا كَلَقِيطِ الْعَجَمْ وَقَوْلُهُ : طَالَمَا أَوْضَعْتُمْ فِي الْفِتْنَةِ الإِيضَاعُ : ضَرْبٌ مِنَ السَّيْرِ . وَقَوْلُهُ : فَأَضْحَى وَلَوْ كَانَتْ خُرَاسَانُ دُونَهُ : يَعْنِي : دُونَ السَّفَرِ رَآهُ مَكَانَ السُّوقِ لِلْخَوْفِ وَالطَّاعَةِ . أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ السَّيبِيُّ ، أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ عَلِي بْنُ عَبْدِ السَّيِّدِ بْنِ الصَّبَّاغِ إِجَازَةً حَدَّثَنَا النَّقِيبُ أَبُو الْفَوَارِسِ طِرَادُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِي الزَّيْنِيُّ مِنْ لَفْظِهِ إِمْلاءً بِمَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّوْضَةِ بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.