ابو العز يوسف بن سوار بن عبيد بن هبة الله السلمي ثم البلوي القضاعي المصري البرجي الفق...


تفسير

رقم الحديث : 41

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِي بْنُ الْمُبَارَكِ بْنِ بَاسُوَيْهِ الْمُقْرِئُ بِقِرَاءَتِي عَلِيهِ بِالرِّبَاطِ التَّاجَيِّ بِدُنَيْسَرَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَجَا بْنِ شَاتِيلَ الدَّبَّاسُ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْخَطَّابِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَطِرِ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقَوَيْهِ ، قِيلَ لَهُ : أَخْبَرَكُمْ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ ، وَحَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الدِّهْقَانُ ، وَأْحَمَدُ بْنُ خَلَفٍ السَّابِحُ ، فَأَقَرَّ بِهِ ، فِي سَنَةِ أَرْبَعِ وَأَرْبَعِينَ وَثَلاثِ مِائَةٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ الدَّيْرُعَاقُولِي ، فِي دَارِ الْقُطْنِ إِمْلاءً ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَوَائِلِ بْنِ دَاوُدَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَرْبَعَةٌ : عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ حِينَ ، قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا ، فَبَرَّأَهَا اللَّهُ مِمَّا قَالُوا : وَكُلُّهُمْ قَدْ حَدَّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ حَدِيثِهَا ، وَبَعْضُهُمْ كَانَ أَوْعَى لِحَدِيثِهَا مِنْ بَعْضٍ ، وَأَشَدُّ لَهُ اقْتِصَاصًا ، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي وَبْعَضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا , أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا ، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ، فَأَيَّتَهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ مَعَهُ " , قَالَتْ : فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا , قَالَ إِبْرَاهِيمُ : قَالَ سُفْيَانُ : أَرَاهُ قَالَ : غَزْوَةَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ ، فَخَرَجَ فِيهَا سَهْمِي ، فَأَخْرَجَنِي مَعَهُ ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الْحِجَابُ ، فَكُنْتُ أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي ، وَأُنْزَلُ فِيهِ مَسِيرَنَا ، وَكَانَ النَّسَاءُ إِذَا ذَاكَ خِفَافا ، لَمْ يُهَبَّلْنَ وَلَمْ يَغْشَهُنَّ اللَّحْمُ ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ غَزْوَتَهُ وَقَفَلَ ، وَدَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ ، آذَنَ لِيلَةً بِالرَّحِيلِ ، فَقُمْتُ لأَقْضِي شَأْنِي ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الْجَيْشَ ، فَقَضَيْتُ حَاجَتِي ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الرَّحْلِ بَعْدَمَا قَضَيْتُ شَأْنِي ، فَلَمَسْتُ بِيَدِي عَلَى صَدْرِي فَإِذَا عِقْدٌ كَانَ عَلِي مِنْ جَزْعِ ظُفَارٍ قَدْ سَقَطَ ، فَرَجِعْتُ أَلْتَمِسُهُ ، فَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ ، وَأَقْبَلَ النَّفَرُ الَّذِينَ يَشُدُّونَ هَوْدَجِي فَرَحَلُوا عَلَى بَعِيرِي ثُمَّ بَعَثُوهُ ، وَهُوَ يَظُنُّونَ أَنِّي فِيهِ . قَالَتْ : فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَمَا اسْتَمَرَّ الْجَيْشُ وَسَارُوا ، فَأَتَيْتُ الْمَنْزِلَ فَإِذَا لِيسَ فِيهِ دَاعٍ وَلا مُجِيبٌ ، فَتَيَمَّمْتُ الْمَكَانَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَجَلَسْتُ ، وَظَنَنْتُ أَنَّ الْقَوْمَ سَيَفْقِدُونِي وَيَرْجِعُونَ فِي طَلَبِي ، فَبَيَّنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَكَانِي إِذَا غَلَبَتْنِي عَيْنَايَ فَنِمْتُ . وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ، ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ قَدْ عَرَّسَ مِنْ وَرَاءِ الْجَيْشِ فَأَدْلَجَ ، فَأَصْبَحَ فِي الْمَنْزِلِ ، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ ، فَأَتَانِي ، فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي ، وَكَانَ يَرَانِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ عَلِينَا الْحِجَابُ . فَلَمَّا رَآنِي اسْتَرْجَعَ ، وَقَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ سورة البقرة آية 156 عِرْسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ! ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي ، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي ، فَوَاللَّهِ مَا كَلَّمَنِي بِكَلِمَةٍ ، وَلا سَمِعْتُ مِنْهُ شَيْئًا غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ ، حَتَّى جَاءَ بِبَعِيرِهِ فَأَنَاخَهُ ، ثُمَّ وَطِئَ عَلَى يَدَيْهَ فَرَكِبْتُهُ ، وَأَخَذَ بِخِطَامِهِ يَقُودُهُ حَتَّى أَتَيْنَا الْجَيْشَ بَعْدَمَا نَزَلُوا فِي حَرِّ الظَّهِيرَةِ ، فَأَفَاضَ أَهْلُ الإِفْكِ فِي قَوْلِهُمْ ، فَهَلَكَ فِي شَأْنِي مَنْ هَلَكَ ، فَدَخَلْنَا الْمَدِينَةَ ، فَمَرِضْتُ ، فَلَبِثْتُ شَهْرًا فِي وَجَعِي ، وَأَهْلُ الإِفْكِ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِهِمْ ، وَلا أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنَ الشَّرِّ ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلُولٍ ، وَكَانَ لا يَرِيبَنِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ إِلا أَنِّي كُنْتُ لا أَرَى مِنْهُ إِلا : كَيْفَ تَيْكُمْ ؟ فَذَاكَ الَّذِي كَانَ يَريبَنِي مِنْهُ ، فَلَمَّا نَقَهْتُ مِنْ وَجَعِي خَرَجْتُ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ، وَكَانَ مُتَبَرَّزًا قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الْكُنُفُ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا ، وَأَمْرُنَا أَمْرُ الْعَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّنَزُّهِ ، كُنَّا نَتَأَذَّى بِالْكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا ، فَكُنَّا نَخْرُجُ قِبَلَ الْمَنَاصِعِ مِنْ لِيلٍ إِلَى لِيلٍ ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي ، فَرَجِعْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ الْمَنْزِلِ ، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا ، فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ . فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهٍ ! أَتَسُبِّينَ رَجُلا شَهِدَ بَدْرًا ؟ قَالَتْ : يَا هَنْتَاهُ ! فَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ ، أَوَلَمْ تَسْمَعِي إِلَى مَا قَالَ مِسْطَحٍ ؟ قُلْتُ : وَمَا قَالَ مِسْطَحٌ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ ، فَازْدَدْتُ وَجَعًا عَلَى وَجَعِي ، فَلَمَّا رَجِعْتُ إِلَى بَيْتِي وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ : كَيْفَ تَيْكُمْ ؟ فَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ ، وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَخْبِرَ الْخَبَرَ ، وَأْعَلَمَهُ مِنْ قِبَلِهِمَا ، فَأَذِنَ لِي ، فَأَتَيْتُ أَبَوَيَّ ، فَقُلْتُ لأُمِّي : يَا أُمَّهْ ، مَا هَذَا الَّذِي يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهِ ؟ قَالَتْ : هَوِّنِي عَلِيكِ يَا بُنَّيَةٌ ، فَقَلَّ امْرَأَةٌ حَظِيَّةٌ كَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا وَلَهَا ضَرَائِرُ إِلا أَكْثَرْنَ عَلِيهَا الْقَوْلَ . فَقُلْتُ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! أَوَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ بِهَذَا ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَمَكَثْتُ يَوْمِي ذَلِكَ وَلِيلَتِي الْمُقْبِلَةَ لا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ ، وَلا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ، وَظَنَّ أَبَوَايَ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي . وَمَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَ الْعَرَبِ مَا دَخَلَ عَلَى آلِ أَبِي بَكْرٍ . قَالَتْ : وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ ، حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ ، وَمَكَثَ شَهْرًا لا يُوحَى إِلَيْهِ فِي أَمْرِي بِشَيْءٍ ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ ، وَالَّذِي فِي نَفْسِهِ لَهُمْ مِنَ الْوُدِّ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هُمْ أَهْلُكَ ، وَلا نَعْلُمُ إِلا خَيْرًا ، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَقَالَ : لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ ، وَأَرْسِلْ إِلَى الْجَارِيَةِ تُخْبِرُكَ ، قَالَتْ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ بَرِيرَةَ ، فَقَالَ : " هَلْ عَلِمْتِ عَلَى عَائِشَةَ شَيْئًا يَرِيبُكِ ؟ أَوْ رَأَيْتِ شَيْئًا تَكْرَهِينَهُ ؟ " قَالَتْ : أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي ، عَائِشَةُ أَطْيَبُ مِنْ طَيِّبِ الذَّهَبِ ، وَمَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ شَيْئًا يَرِيبَنِي ، غَيْرَ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا ، حَتَّى تَدْخُلَ الدَّاجِنُ فَتَأْكُلَهَا . قَالَ : وَسَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ عَنْ أَمْرِي ، فَكَانَتْ هِيَ الَّتِي تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَهَا عَنْ أَمْرِي ، فَقَالَ لَهَا : " هَلْ عَلِمْتِ عَلَى عَائِشَةَ مِنْ شَيْءٍ تَكْرَهِينَهُ عَلَيْهَا ؟ " فَعَصَمَهَا اللَّهُ بِالْوَرَعِ ، فَقَالَتْ : يَا رسولَ اللَّهِ ، مَا عَلِمْتُ عَلَى عَائِشَةَ مِنْ شَيْءٍ أُغْمِصُهُ عَلَيْهَا . قَالَتْ : وَطَفِقَتْ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ تُحَارِبُ لَهَا ، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ . قَالَتْ : وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَعْذَرَ إِلَى النَّاسِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلُولٍ ، وَكَانَ هُوَ الَّذِي تولَّى كِبْرَهُ ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ : " يَا مَعَاشِرَ النَّاسِ ، مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي أَهْلِي ، فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلا خَيْرًا ، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلا خَيْرًا ، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلا مَعِي " . فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، وَهُوَ سَيِّدُ الأَوْسِ فَقَالَ : أَنَا أَعْذُرُكَ مِنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَئِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الأَوْسِ أَمَرْتَنَا فِيهِ بِأَمْرِكِ ، فَجَعَلْنَا فِيهِ الَّذِي تَأْمُرُنَا . وَإِنْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ أَتَيْنَا بِرَأْسِهِ ، وَقَالَ مَرَّةً : ضَرَبْنَا عُنُقَهُ ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ ، وَكَانَ سَيِّدَ الْخَزْرَجِ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ لا تَقْتُلُهُ وَلا تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ . وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلا صَالِحًا ، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الْحَمِيَّةُ ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَقَالَ : كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ ، وَاللَّهِ لَنَقْتُلُهُ إِنْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ ، وَثَارَ الْحَيَّانِ : الأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا . وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ يُخَفَّضُهُمْ وَيُسْكِتُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا ، وَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ : فَبَيَّنَا أَنَا أَبْكِي إِذِ اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ ، مِنَ الصَّعِيدِ ، فَأَذِنْتُ لَهَا ، فَجَلَسَتْ مَعِي تَبْكِي . قَالَتْ : فَإِنَّا لَجُلُوسٌ وَنَحْنُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، إِذَا دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِي ، وَلَمْ يَجْلِسْ إِلَى جَنْبِي مُذْ قِيلَ لِي مَا قِيلَ . قَالَتْ : فَتَسَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَلَسَ ، فَقَالَ : " أَيْ عَائِشَةُ ، قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَإِنَّ اللَّهَ سَيُبَرِّئُكِ ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ ، وَتُوبِي إِلَيْهِ ، فَإِنَّ التَّوْبَةَ مِنَ الذَّنْبِ النَّدَمُ وَالاسْتِغْفَارُ " . قَالَتْ : فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ مَقَالَتَهُ فَاضَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً . فَقُلْتُ لأُمِّي : أَجِيبِي عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ فِيمَا قَالَ ، فَقَالَتْ : أَيْ بُنَيَّةٌ ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ . فَقُلْتُ لأَبِي : يَا أَبَهِ أَجِبْ عَنِّي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ عَمَّا قَالَ . قَالَ : أَيْ بُنَيَّةٌ فَمَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ . فَقُلْتُ : وَاللَّهُ إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ قَدْ بَلَغَكُمْ ، وَاسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ : إِنِّي بَرِيئَةٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ لا تُصَدِّقُونِي بِذَلِكَ ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ ، لَتُصَدِّقُونِي وَإِنِّي وَاللَّهِ لا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا إِلا كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ : وَاخْتَلَسَ مِنِّي اسْمَ يَعْقُوبَ ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السَّنِّ لا أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ الْقُرْآنِ ، فَقُلْتُ : كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ : فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ سورة يوسف آية 18 , قَالَت : ثُمَّ تَحَوَّلْتُ وَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي حِينَئِذٍ بَرِيئَةٌ ، وَعَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ سَيُبَرَّئُنِي ، وَلَشَأْنِي كَانَ أَحْقَرَ فِي عَيْنِي وَأَصْغَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللَّهُ تَعَالَى فِي شَيْءٍ مِنْ شَأْنِي أَوْ يُنْزِلَ وَحْيًا يُتْلَى فِي شَأْنِي ، وَلَكِنْ رَجَوْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِي نَبِيَّهُ فِي مَنَامِهِ رُؤْيَا يُذْهِبُ مِمَّا فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا رَامَ فِي حَدِيثِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَجْلِسِهِ ذَلِكَ ، وَلا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيُ ، فَأَخَذَهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ مِثْلُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَّانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي الْيَوْمِ الشَّاتِي ، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ ، كَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ وَهُوَ يَضْحَكُ : " أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ، أَمَّا اللَّهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ " . وَتَلا عَلَيَّ هَذِهِ الْعَشْرَ الآيَاتِ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ سورة النور آية 11 . قَالَ إِبْرَاهِيمُ : قَالَ سُفْيَانُ : لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ سورة النور آية 11 . قَالَتْ : فَتَلا عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ هَذِهِ الْعَشْرَ آيَاتٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِنَّ بَرَاءَتِي , قَالَتْ أُمِّي : قُومِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ فَقَبِّلِي رَأْسَهُ . فَقُلْتُ : لا أَقُومُ إِلَيْهِ ، وَلا أَحْمَدُ إِلا اللَّهَ ، هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي مِنَ السَّمَاءِ . وَقُلْتُ لأَبِي : يَا أَبَهِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَعْذُرَنِي عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلِيهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالَ أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا ؟ فَقَالَ : يَا بُنَيَّةٌ ، وَكَيْفَ أَعْذُرُكِ بِمَا لا أَعْلَمُ ، وَأَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي ، وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي إِذَا قُلْتُ مَا لا أَعْلَمُ ؟ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ ، فَحَلَفَ أَنْ لا يُنْفِقَ عَلَيْهِ حِينَ قَالَ عَلَى عَائِشَةَ مَا قَالَ . فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة النور آية 22 ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ ، إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي ، فَعَادَ عَلَى مِسْطَحٍ بِالنَّفَقَةِ ، وَقَالَ : لا أَنْزَعُهَا مِنْهُ أَبَدًا قَالَ إِبْرَاهِيمُ : قَالَ سُفْيَانُ : فَقَرَأَ : وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ سورة النور آية 22 قَالَ : أُولُو الْفَضْلِ فِي الدِّينِ ، وَالسَّعَةِ فِي ذَاتِ الْيَدِ . قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَهَذَا الَّذِي وَصَلَ إِلَيْنَا مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
عَائِشَةَ

صحابي

وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيُّ

ثقة ثبت

وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ

ثقة فقيه ثبت

وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ

أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار

عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ

ثقة فقيه مشهور

الزُّهْرِيِّ

الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه

وَوَائِلِ بْنِ دَاوُدَ

ثقة

مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ

صدوق مدلس

سُفْيَانُ

ثقة حافظ حجة

إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ

ثقة

عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ الْهَيْثَمِ الدَّيْرُعَاقُولِي

ثقة مأمون

وَأْحَمَدُ بْنُ خَلَفٍ السَّابِحُ

مجهول الحال

وَحَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الدِّهْقَانُ

ثقة ثبت

أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الدَّقَّاقُ

ثقة ثبت

أَبِي الْحَسَنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ رِزْقَوَيْهِ

ثقة متقن

أَبُو الْخَطَّابِ نَصْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَطِرِ

صدوق حسن الحديث

أَبُو الْفَتْحِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَجَا بْنِ شَاتِيلَ الدَّبَّاسُ

صدوق حسن الحديث

Whoops, looks like something went wrong.