أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السُّهْرَوَرْدِيُّ ، بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِدُنَيْسَرَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَتْحِ بْنُ الْبَطِّيِّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ ، حَدَّثَنَا الرَّئِيسُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ رَشِيقٍ الْكَاتِبُ ، وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ رَئِيسٍ رَأَيْنَاهُ بِالْمَغْرِبِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ الصُّوفِيُّ ، قَالَ : كُنْتُ بِمِصْرَ أَيَّامَ سِيَاحَتِي ، فَتَاقَتْ نَفْسِي إِلَى النِّسَاءِ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِبَعْضِ إِخْوَانِي ، فَقَالَ لِي ، هَاهُنَا امْرَأَةٌ صُوفِيَّةٌ ، لَهَا ابْنَهٌ مِثْلُهَا جَمِيلَةٌ ، قَدْ نَاهَزَتِ الْبُلُوغَ . قَالَ : فَخَطَبْتُهَا وَتَزَوَّجْتُهَا ، فلما دخلت عليها وجدتها مستقبلة القبلة تصلي ، قَالَ : فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ تَكُونَ صَبِيَّةٌ فِي مِثْلِ سِنِّهَا تُصَلِّي وَأَنَا لا أُصَلِّي ، فَاسْتَقْبَلْتُ الْقِبْلَةَ وَصليت مَا قُدِّرَ لِي ، حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي ، فَنِمْتُ فِي مُصَلايَ ، وَنَامَتْ فِي مُصَلاهَا . فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَانَ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا . فَلَمَّا طَالَ عَلِيَّ ، قُلْتُ لَهَا : يَا هَذِهِ ، أَلاجْتِمَاعِنَا مَعْنَى ؟ قَالَ : فَقَالَتْ لِي : أَنَا فِي خِدْمَةِ مَوْلايَ ، وَمَنْ لَهُ حَقٌّ فَمَا أَمْنَعُهُ . قَالَ : فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْ كَلامِهَا ، وَتَمَادَيْتُ عَلَى أَمْرٍ نَحْوَ الشَّهْرِ ، ثُمَّ بَدَا لِي فِي السَّفَرِ ، فَقُلْتُ لَهَا : يَا هَذِهِ ، قَالَتْ : لَبَّيْكَ . قُلْتُ : إِنِّي قَدْ أَرَدْتُ السَّفَرَ . قَالَتْ : مُصَاحَبًا بِالْعَافِيَةِ . قَالَ : فَقُمْتُ ، فَلَمَّا صِرْتُ عِنْدِ الْبَابِ ، قَامَتْ ، فَقَالَتْ لِي : يَا سَيَّدِي ، كَانَ بَيْنَنَا فِي الدُّنْيَا عَهْدٌ لَمْ يُقْضَ بِتَمَامِهِ ، عَسَى فِي الْجَنَّةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ . فَقَالَ لَهَا : عَسَى اللَّهُ . فَقَالَتْ لِي : أَسْتَوْدِعُكَ اللَّهَ خَيْرَ مُسْتَوْدَعٍ . قَالَ : فَتَوَدَّعْتُ مِنْهَا وَخَرَجْتُ . قَالَ : ثُمَّ عُدْتُ إِلَى مِصْرَ بَعْدَ سِنِينَ ، فَسَأَلْتُ عَنْهَا ، فَقِيلَ لِي : هِيَ عَلَى أَفْضَلِ مَا تَرَكْتَهَا عَلَيْهِ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالاجْتِهَادِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |