سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْوَاسِطِيَّ الْقَيَّمَ ، قَالَ : كُنَّا جَمَاعَةً نَتَحَدَّثُ فِي عِلْمِ الْكِيمْيَاءِ وَعَمَلُهُ فِي الْكَلَّاسَةِ ، يَعْنِي بِدِمَشْقَ ، وَمَعَنَا قَوْمٌ يَتَشَيَّعَوُنَ ، فَجَرَى بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ كَلَامٌ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ شَرِيفٌ : أَمَّا أَنَا فَإِنَّنِي وَاللَّهِ لَا أَسُبُّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ سَبُّهُمْ ، وَقَدْ كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِمَّنْ يَسُبُّهُمْ رَأَى مَنَامًا ، حَدَّثَنِي عَنْهُ ابْنُهُ ، ثُمَّ لَقِيتُهُ فَحَدَّثَنِي بِهِ ، قَالَ : " رَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّ الْقِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ ، وَقَدْ خَرَجْتُ مِنْ قَبْرِي عَطْشَانَ شَدِيدَ الْعَطَشِ ، وَخَرَجَ النَّاسُ مِنْ قُبُورِهِمْ كَذَلِكَ ، فَمَشَيْنَا إِلَى جِهَةٍ ، فَانْتَهَيْنَا إِلَى حَوْضٍ مَلَآنٍ مِنَ الْمَاءِ ، لَا يُرَى طَرَفَاهُ ، فِيهِ مَاءٌ أَبْيَضٌ مِنَ الثَّلْجِ ، وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ وُجُوهًا يَسْقُونَ النَّاسَ ، فَقِيلَ : هَؤُلَاءِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ ، فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ ، فَقُلْتُ : اسْقِنِي ، فَغَرَفَ لِي مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ وَنَاوَلَنِي فَإِذَا هُوَ دَمٌ مُنْتِنٌ قَبِيحٌ ، فَقُلْتُ ، إِنَّمَا فَعَلَ بِي هَذَا لِأَنَّنِي كُنْتُ أَسُبُّهُ ، فَتَرَكْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ إِلَى عُمَرَ فَفَعَلَ بِي كَذَلِكَ ، ثُمَّ جِئْتُ إِلَى عُثْمَانَ فَفَعَلَ بِي كَذَلِكَ ، ثُمَّ جِئْتُ عَلِيًّا ، فَقُلْتُ : هَذَا كُنْتُ أَتَوَّلَاهُ وَأُحِبُّهُ ، فَمَا يَغْشِنِي ، فَغَرَفَ لِي وَنَاوَلَنِي الْإِنَاءَ ، فَإِذَا هُوَ دَمٌ مُنْتَنٌ قَبِيحٌ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا كُنْتُ أَتَوَلَّاكَ وَأُحِبُّكَ وَأَسُبُّ الصَّحَابَةَ مِنْ أَجْلِكَ وَتَغْشِنِي ؟ ! فَقَالَ : وَأَيُّ شَيْءٍ أَنْتَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : رَافِضِيٌّ ، قَالَ : وَيْحُكَ ، وَاللَّهِ مَا غَشَشْتُكَ وَلَكِنْ هَذَا بِعَمَلِكَ وَسُوءِ مَذْهَبِكَ ، فَتُبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ ، فَقُلْتُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَتُقْبَلُ تَوْبَتِي ؟ قَالَ : نَعَمْ ، بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ ، قَالَ : فَتُبْتُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي مَنَامِي ، فَصَارَ الْمَاءُ الَّذِي فِي إِنَائِي أَبْيَضَ ، لَوْنَ مَاءِ الْحَوْضِ ، فَشَرِبْتُ مِنْهُ حَتَّى رَوِيتُ وَانْتَبَهْتُ وَأَنَا أَتَرَضَّى عَنِ الصَّحَابَةِ ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ أَهْلُهُ : مَا خَبَرُكَ ؟ ! فَأَخْبَرَهُمْ بِقِصَّتِهِ ، وَبَقِيَ سَبْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا لَا يَشْرَبُ مَاءً وَيَجِدُ الرِّيَّ عَلَى صَدْرِهِ مِنْ تِلْكَ الشَّرْبَةِ " .