أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ الصَّفَّارُ , أَنَا يُوسُفُ الْحَافِظُ , أَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ , أَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ , أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ , نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ , سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ بَشَّارٍ , قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ : كَيْفَ كَانَ بُدُوُّ أَمْرِكَ ؟ قَالَ : غَيْرُ ذَا أَوْلَى بِكَ , قُلْتُ : أَخْبِرْنِي لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَنَا بِهِ يَوْمًا , فَقَالَ : " كَانَ أَبِي مِنْ أَهْلِ بَلْخَ , وَكَانَ مِنْ مُلُوكِ خُرَاسَانَ الْمَيَاسِيرِ , وَحُبِّبَ إِلَيْنَا الصَّيْدُ , فَخَرَجْتُ رَاكِبًا فَرَسِي وَمَعِي كَلْبِي , فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ ثَارَ أَرْنَبُ أَوْ ثَعْلَبٌ , فَحَرَّكْتُ فَرَسِي , فَسَمِعْتُ نِدَاءً مِنْ وَرَائِي : لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً , فَلَمْ أَرَ أَحَدًا , فَقُلْتُ : لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ , ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً أَجْهَرَ مِنْ ذَلِكَ : يَا إِبْرَاهِيمُ ، لَيْسَ لِذَا خُلِقْتَ , وَلا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ أَنْظُرُ , فَلا أَرَى أَحَدًا , فَقُلْتُ : لَعَنَ اللَّهُ إِبْلِيسَ ، ثُمَّ حَرَّكْتُ فَرَسِي , فَأَسْمَعُ نِدَاءً مِنْ قَرَبُوسِ سَرْجِي : يَا إِبْرَاهِيمُ ، مَا لِذَا خُلِقْتَ وَلا بِذَا أُمِرْتَ , فَوَقَفْتُ وَقُلْتُ : انْتَهَيْتُ انْتَهَيْتُ , جَاءَنِي نَذِيرٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ , وَاللَّهِ لا عَصَيْتُ اللَّهَ بَعْدَ يَوْمِي إِذَا مَا عَصَمَنِي رَبِّي , فَرَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي , فَخَلَّيْتُ عَنْ فَرَسِي , ثُمَّ جِئْتُ إِلَى رُعَاةٍ لِأَبِي , فَأَخَذْتُ مِنْهُ جُبَّةً وَكِسَاءً , وَأَلْقَيْتُ ثِيَابِي إِلَيْهِ , ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى الْعِرَاقِ فَعَمِلْتُ بِهَا أَيَّامًا , فَلَمْ يَصْفُ لِي مِنْهَا الْحَلالُ , فَقِيلَ لِي : عَلَيْكَ بِالشَّامِ , فَصِرْتُ إِلَى الْمِصِّيصَةِ , فَعَمِلْتُ بِهَا , فَلَمْ يَصْفُ لِي الْحَلالُ , فَسَأَلْتُ بَعْضَ الْمَشَايِخِ , فَقَالَ : إِنْ أَرَدْتَ الْحَلالَ الصَّافِيَ فَعَلَيْكَ بِطَرَسُوسَ , فَإِنَّ فِيهَا الْمُبَاحَاتِ وَالْعَمَلَ الْكَثِيرَ , فَأَتَيْتُهَا , فَعَمِلْتُ بِهَا ، أَنْظُرُ فِي الْبَسَاتِينِ وَأَحْصُدُ , فَبَيْنَمَا أَنَا عَلَى بَابِ الْبَحْرِ ، جَاءَنِي رَجُلٌ أَنْظُرُ لَهُ ، فَكَتَبْتُ فِي الْبُسْتَانِ مُدَّةً , فَإِذَا بِخَادِمٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ , فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ فَصَاحَ : يَا نَاظُورُ , اذْهَبْ فَآتِنَا بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَطْيَبِهِ , فَذَهَبْتُ ، فَأَتَيْتُهُ بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ , فَكَسَرَ رُمَّانَةً ، فَوَجَدَهَا حَامِضَةً , فَقَالَ : أَنْتَ عِنْدَنَا كَذَا وَكَذَا تَأْكُلُ فَاكِهَتَنَا وَرُمَّانَنَا , لا تَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ , قُلْتُ : وَاللَّهِ مَا ذُقْتُهَا , فَأَشَارَ إِلَى أَصْحَابِهِ تَسْمَعُونَ كَلامَ هَذَا , ثُمَّ قَالَ لِي : أَتَرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ زَادَ عَلَى هَذَا , فَانْصَرِفْ , فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ، ذَكَرَ صِفَتِي فِي الْمَسْجِدِ , فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ , فَجَاءَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ عُتَقٌ مِنَ النَّاسِ , فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ ، اخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجَرِ ، وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ , فَاخْتَلَطْتُ مَعَهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ ، وَأَنَا هَارِبٌ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |