فأنبأني أَحْمَد بْن سَلامة عن أَحْمَد بْن طارق ، أنه سمع سديد الدّولة ابن الأنبَاريّ ، يقول : " كتب إليَّ صديقي هبة اللَّه بْن السَّقَطيّ المحدِّث , سنة ستٍّ وخمس مائة رُقْعةً ، وقد مات كاتب الإنشاء ابن رضوان : قُلْ لسديد الدّولة المجتبى فِي الأصْل والأفضال والغَرْس قد عنّت لرُتبة فانهضْ لها واخطُبْ جديدَ كتبة المجلس قال : فكتبت على ظهرها : يا من هَوَى مع فضله همَّةً بغير ثوب الشُّكر لا تكتسي أرْهَقْتُ عزمي فِي طلب العُلا لو رغبوا فِي كاتب مُفْلِس ودفعتها إلى الرَّسُول ، وكان صَبيًّا ، فخرج فِي الحال ، فاجتاز بباب العامَّة والرُّقعة بيده ، والخطّ رطْب ، فأخذ تُرابًا ينشّفه ، فصادف ابن الحلوانيّ صاحب الخبر ، فقال : يا صبيّ ما هذه الرُّقْعة ؟ قال : كَتَبَها ابن السَّقْطيّ إلى سديد الدّولة ابن الأنبَاريّ . فكتب نُسختها وعرضها على الإمام المستظهر بالله ، فَلَمّا كان من الغد إذا رُقْعة ظهير الدِّين صاحب المخزن جاءتني إلى داري ، يذكر فيها : إن رأي التَّجشُّم إلى داره التي أَنَا ساكُنها لألقي إليه ما رُسِم , فقل إن شاء اللَّه , فركبتُ إليه فِي الحال ، فحين دخلت قام متمثّلًا وقال للجماعة : الخلْوة ، فانصرفوا ، فقال : أمير المؤمنين يهدي إليك السّلام ويقول : قد رغِبْنا فِي كاتبٍ مُفْلس . فقلت فِي الحال : التّصريح بطلب الرُّتّب ما لا يقتضيه الأدب , فقُلِّدت ولي يومئذٍ خمسٌ وثلاثون سنة " .