باب في خصائصه صلى الله عليه وسلم


تفسير

رقم الحديث : 18

أَنْبَأَنَا أَنْبَأَنَا الْإِمَامُ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو وَجَمَاعَةٌ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَلِيٍّ الصُّوفِيِّ ، أَنْبَأَ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُكَيْمٍ الْخِيرِيِّ ، أنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَاتِبُ ، قَالَ : ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْكَاتِبُ مِنْ لَفْظِهِ سَنَةَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعُمِائَةٍ ، أنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْجَوْهَرِيُّ ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدِّمَشْقِيُّ ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ ، حَدَّثَنِي عَمِّي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، قَالَ : بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي نَفَرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ لِأَدْعُوَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَخَرَجْنَا نَسِيرُ عَلَى رَوَاحِلِنَا حَتَّى قَدِمْنَا دِمَشْقَ ، فَإِذَا عَلَى الشَّامِ لِهِرَقْلَ جَبَلَةُ ، فَاسْتَأْذَنَّا عَلَيْهِ ، فَأَذِنَ لَنَا ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا كَرِهَ مَكَانَنَا وَأَمَرَ بِنَا فَأُجْلِسْنَا نَاحِيَةً ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى فُرُشٍ لَهُ مَعَ السُّقُفِ ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولًا يُكَلِّمُنَا وَيُبَلِّغُهُ عَنَّا ، فَقُلْنَا : وَاللَّهِ لَا نُكَلِّمُهُ بِرَسُولٍ أَبَدًا ، فَانْطَلِقْ فَأَعْلِمْهُ ذَلِكَ ، فَنَزَلَ عَنْ تِلْكَ الْفُرُشِ إِلَى فُرُشٍ دُونَهَا ، فَأَذِنَ لَنَا فَدَنَوْنَا مِنْهُ ، فَدَعَوْنَاهُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْإِسْلَامِ ، فَلَمْ يُجِبْ إِلَى خَيْرٍ ، وَإِذَا عَلَيْهِ ثِيَابٌ سُودٌ ، فَقُلْنَا : مَا هَذِهِ الْمُسُوحُ ؟ قَالَ : لَبِسْتُهَا نَذْرًا لَا أَنْزَعُهَا حَتَّى أُخْرِجَكُمْ مِنْ بِلَادِي ، قَالَ : قُلْنَا لَهُ : تَيْدَكَ ، لَا تَعْجَلْ ، أَتَمْنَعُ مِنَّا مَجْلِسَكَ هَذَا ! فَوَاللَّهِ لَنَأْخُذَنَّهُ وَمُلْكَ الْمَلِكِ الْأَعْظَمِ ، خَبَّرَنَا بِذَلِكَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَنْتُمْ إِذًا السَّمْرَاءُ ، قُلْنَا : وَمَا السَّمْرَاءُ ؟ ، قَالَ : لَسْتُمْ بِهِمْ ، قُلْنَا : وَمَنْ هُمْ ؟ ، قَالَ : قَوْمٌ يَقُومُونَ اللَّيْلَ وَيَصُومُونَ النَّهَارَ ، قُلْنَا : فَنَحْنُ وَاللَّهِ نَصُومُ النَّهَارَ وَنَقُومُ اللَّيْلَ ، قَالَ : فَكَيْفَ صَلَاتُكُمْ ؟ فَوَصَفْنَاهَا لَهُ قَالَ : فَكَيْفَ صَوْمُكُمْ ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ بِهِ . وَسَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ فَأَخْبَرْنَاهُ ، فَيَعْلَمُ اللَّهُ لَعَلَا وَجْهَهُ سَوَادٌ حَتَّى كَأَنَّهُ مَسْحٌ أَسْوَدُ ، فَانْتَهَرَنَا وَقَالَ لَنَا : قُومُوا ، فَخَرَجْنَا وَبَعَثَ مَعَنَا أَدِلَّاءَ إِلَى مَلِكِ الرُّومِ ، فَسِرْنَا ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، قَالَتِ الرُّسُلُ الَّذِينَ مَعَنَا : إِنَّ دَوَابَّكُمْ هَذِهِ لَا تَدْخُلُ مَدِينَةَ الْمَلِكِ ، فَأَقِيمُوا حَتَّى نَأْتِيَكُمْ بِبِغَالٍ وَبَرَاذِينَ ، قُلْنَا : وَاللَّهِ لَا نَدْخُلُ إِلَّا عَلَى دَوَابِّنَا ، فَأَرْسَلُوا يُعْلِمُونَهُ ، فَأَرْسَلَ أَنْ خَلُّوا عَنْهُمْ ، فَتَقَلَّدْنَا سُيُوفَنَا وَرَكِبْنَا رَوَاحِلَنَا ، فَاسْتَشْرَفَ أَهْلُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ لَنَا وَتَعَجَّبُوا ، فَلَمَّا دَنَوْنَا إِذَا الْمَلِكُ فِي غُرْفَةٍ لَهُ ، وَمَعَهُ بَطَارِقَةُ الرُّومِ ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى أَصْلِ الْغُرْفَةِ أَنَخْنَا وَنَزَلْنَا ، وَقُلْنَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، فَيَعْلَمُ اللَّهُ تَنَقَّضَتِ الْغُرْفَةُ حَتَّى كَأَنَّهَا عِذْقُ نَخْلَةٍ تُصَفِّقُهَا الرِّيَاحُ ، فَإِذَا رَسُولٌ يَسْعَى إِلَيْنَا ، يَقُولُ : لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَجْهَرُوا بِدِينِكُمْ عَلَى بَابِي ، فَصعِدْنَا فَإِذَا رَجُلٌ شَابُّ قَدْ وَخَطَهُ الشَّيْبُ ، وَإِذَا هُوَ فَصِيحٌ بِالْعَرَبِيَّةِ ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ حُمْرٌ ، وَكُلُّ شَيْءٍ فِي الْبَيْتِ أَحْمَرُ ، فَدَخَلْنَا وَلَمْ نُسَلِّمْ ، فَتَبَسَّمَ ، وَقَالَ : مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تُحَيُّونِي بِتَحِيَّتِكُمْ ؟ قُلْنَا إِنَّهَا لَا تَحِلُّ لَكُمْ ، قَالَ : فَكَيْفَ هِيَ ؟ قُلْنَا : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ ، قَالَ : فَمَا تُحَيُّونَ بِهِ مَلِكَكُمْ ؟ قُلْنَا : بِهَا ، قَالَ : فَمَا كُنْتُمْ تُحَيُّونَ بِهِ نَبِيَّكُمْ ؟ قُلْنَا بِهَا ، قَالَ : فَمَاذَا كَانَ يُحَيِّيكُمْ بِهِ ؟ قُلْنَا : كَذَلِكَ ، قَالَ : فَهَلْ كَانَ نَبِيُّكُمْ يَرِثُ مِنْكُمْ شَيْئًا ؟ قُلْنَا : لَا ، يَمُوتُ الرَّجُلُ فَيَدَعُ وَارِثًا أَوْ قَرِيبًا فَيَرِثُهُ الْقَرِيبُ ، وَأَمَّا نَبِيُّنَا فَلَمْ يَكُنْ يَرِثْ مِنَّا شَيْئًا ، قَالَ : فَكَذَلِكَ مَلِكُكُمْ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ . قَالَ فَمَا أَعْظَمُ كَلَامِكُمْ عِنْدَكُمْ ؟ قُلْنَا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَانْتَفَضَ وَفَتَحَ عَيْنَيْهِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا ، وَقَالَ : هَذِهِ الْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُمُوهَا فَنَقَّضَتْ لَهَا الْغُرْفَةُ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ إِذَا قُلْتُمُوهَا فِي بِلَادِكُمْ نَقَّضَتْ لَهَا سُقُوفُكُمْ ؟ قُلْنَا : لَا ، وَمَا رَأَيْنَاهَا صَنَعَتْ هَذَا قَطُّ ، وَمَا هُوَ إِلَّا شَيْءٌ وُعِظْتَ بِهِ ، قَالَ : فَالْتَفَتَ إِلَى جُلَسَائِهِ ، فَقَالَ : مَا أَحْسَنَ الصِّدْقَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ نِصْفِ مُلْكِي وَأَنَّكُمْ لَا تَقُولُونَهَا عَلَى شَيْءٍ إِلَّا نَقَضَ لَهَا ، قُلْنَا وَلِمَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : ذَلِكَ أَيْسَرُ لِشَأْنِهَا وَأَحْرَى أَنْ لَا تَكُونَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَأَنْ تَكُونَ مِنْ حِيلَةِ النَّاسِ . ثُمَّ قَالَ لَنَا : فَمَا كَلَامُكُمُ الَّذِي تَقُولُونَهُ حِينَ تَفْتَتِحُونَ الْمَدَائِنَ ؟ قُلْنَا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : تَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَيْسَ مَعَهُ شَرِيكٌ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : وَتَقُولُونَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَيْ لَيْسَ شَيْءٌ أَعْظَمَ مِنْهُ ، لَيْسَ فِي الْعَرْضِ وَالطُّولِ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، وَسَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ ، فَأَخْبَرْنَاهُ ، فَأَمَرَ لَنَا بِنُزُلٍ كَثِيرٍ وَمَنْزِلٍ ، فَقُمْنَا ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْنَا بَعْدَ ثَلَاثٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَأَتَيْنَاهُ ، وَهُوَ جَالِسٌ وَحْدَهُ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ ، فَأَمَرَنَا فَجَلَسْنَا ، فَاسْتَعَادَنَا كَلَامَنَا ، فَأَعَدْنَاهُ عَلَيْهِ ، فَدَعَا بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الرَّبْعَةِ الْعَطِيمَةِ مُذَهَّبَةً ، فَفَتَحَهَا فَإِذَا فِيهَا بُيُوتٌ مُقْفَلَةٌ ، فَفَتَحَ بَيْتًا مِنْهَا ، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ خرقَةَ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ . فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ ، وَفِيهِ : فَاسْتَخْرَجَ صُورَةً بَيْضَاءَ ، وَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا نَنْظُرُ إِلَيْهِ حَيًّا ، فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا ؟ قُلْنَا : هَذِهِ صُورَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : اللَّهَ بِدِينِكُمْ إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، اللَّهَ بِدِينِنَا إِنَّهُ لَهُوَ هُوَ ، فَوَثَبَ قَائِمًا ، فَلَبِثَ مَلِيًّا قَائِمًا ، ثُمَّ جَلَسَ مُطْرِقًا طَوِيلًا ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا ، فَقَالَ : أَمَا إِنَّهُ فِي آخِرِ الْبُيُوتِ ، وَلَكِنِّي عَجَّلْتُهُ لِأُخْبِرَكُمْ وَأَنْظُرَ مَا عِنْدَكُمْ ، ثُمَّ فَتَحَ بَيْتًا ، فَاسْتَخْرَجَ خِرْقَةً مِنْ حَرِيرٍ سَوْدَاءَ فَنَشَرَهَا ، فَإِذَا فِيهَا صُورَةٌ سَوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ ، وَإِذَا رَجُلٌ جَعْدٌ قَطَطٌ ، كَثُّ اللِّحْيَةِ ، غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ، مُقَلَّصُ الشَّفَتَيْنِ ، مُخْتَلِفُ الْأَسْنَانِ ، حَدِيدُ النَّظَرِ كَالْغَضْبَانِ ، فَقَالَ : أَتَدْرُونَ مَنْ هَذَا ؟ قُلْنَا : لَا ، قَالَ : هَذِهِ صُورَةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَذَكَرَ الصُّوَرَ ، إِلَى أَنْ قَالَ : قُلْنَا : أَخْبِرْنَا عَنْ هَذِهِ الصُّوَرِ ، قَالَ : إِنَّ آدَمَ سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ أَنْبِيَاءَ وَلَدِهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ صُوَرَهُمْ ، فَاسْتَخْرَجَهَا ذُو الْقَرْنَيْنِ مِنْ خِزَانَةِ آدَمَ مِنْ مَغْرِبِ الشَّمْسِ ، فَصَوَّرَهَا دَانْيَالُ فِي خِرَقِ الْحَرِيرِ ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَوَارَثُهَا مَلِكٌ بَعْدَ مَلِكٍ ، حَتَّى وَصَلَتْ إِلَيَّ ، فَهَذِهِ هِيَ بِعَيْنِهَا ، فَدَعَوْنَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ : أَمَا وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ نَفْسِي سَخَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مُلْكِي وَاتِّبَاعِكُمْ ، وَأَنِّي مَمْلُوكٌ لِأَسْوَأِ رَجُلٍ مِنْكُمْ خَلْقًا وَأَشَدِّهِ مِلْكَةً ، وَلَكِنَّ نَفْسِي لَا تَسْخُو بِذَلِكَ ، فَوَصَلَنَا وَأَجَازَنَا ، وَانْصَرَفْنَا .

الرواه :

الأسم الرتبة
عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.