أَبُو بَكْرٍ الْخَصَّافُ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ زِيَادِ ، قَالَ : " كُنَّا يَوْمًا بِبَابِ أَبِي يُوسُفَ إِذْ أَقْبَلَ مِنْ دَارِ الرَّشِيدِ يَبْتَسِمُ ، فَقَالَ : حَدَثَتْ مَسْأَلَةٌ فِي دَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَهِيَ أَنَّ قَاضِيًا بِأَرْمِنِيَّةَ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ جَارِيَتَانِ فِي جَرَّتَيْنِ ، وَقَدِ اسْتَقَتَا مَاءً فَوَضَعَتَا الْجَرَّتَيْنِ لِتَسْتَرِيحَا ، فَسَقَطَتْ جَرَّةٌ عَلَى الأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا ، فَاخْتَصَمَتَا إِلَى الْقَاضِي ، فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا : سَقَطَتْ جَرَّةُ هَذِهِ عَلَى جَرَّتِي وَكَسَرَتْهَا ، فَجَعَلَ الْقَاضِي يَنْظُرُ إِلَيْهِمَا لا يَعْرِفُ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِلْقَيِّمِ : أَخِّرْهُمَا ، ثُمَّ صَاحَتَا وَاوَيْحَتَا ! فَقَالَ لِلْقَيِّمِ : اذْهَبْ فَاشْتَرِ لَهُمَا جَرَّتَيْنِ وَأَرْضِ كُلًا مِنْهُمَا ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ ، قَالَ لِرَجُلٍ كَانَ يَأْنَسُ بِهِ : مَاذَا يَقُولُ النَّاسُ وَيَخُوضُونَ فِيهِ مِنْ أَمْرِنَا ؟ قَالَ يَقُولُونَ : إِنَّ الْقَاضِي لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَحْكُمَ فِي جَرَّتَيْنِ حَتَّى غَرِمَهُمَا ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَفَلا يَرْضَوْنَ مِنِّي أَنْ أَحْكُمَ فِيمَا أُحْسِنُ ، وَأَغْرَمَ فِيمَا لا أُحْسِنُ ؟ ! قَالَ أَبُو يُوسُفَ : فَقُلْتُ : يَا أمير الْمُؤْمِنِينَ ، هَذَا رَجُلٌ عَاقِلٌ فَزِدْ فِي أَرْزَاقِهِ لِلْغَرَامَاتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ ، فَقُلْنَا لأَبِي يُوسُفَ : كَيْفَ جَوَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ؟ قَالَ : إِنْ كَانَتَا وَضَعَتَا الْجَرَّتَيْنِ فِي مُسْتَرَاحٍ لِلْمُسْلِمِينَ ، فَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَاعِلَةٌ جَرَّتَهَا فِي حَقِّهَا غَيْرَ جَانِيَةٍ عَلَى صَاحِبَتِهَا ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا قِيمَةُ جَرَّةِ صَاحِبَتِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا فِي مُسْتَرَاحٍ وَالأُخْرَى فِي غَيْرِ مُسْتَرَاحٍ ، فَالَّتِي فِي غَيْرِ الْمُسْتَرَاحِ جَانِيَةٌ عَلَى صَاحِبَتِهَا " .