ما ذكر في عثمان وغيره من الفتن


تفسير

رقم الحديث : 37054

حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ ، قال : حَدَّثَنَا بَقِيُّ بْنُ مَخْلَدٍ ، قال : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قال : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، قال : حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، قال : حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ ، قال : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : " حَاصَرْنَا تَوَّجَ وَعَلَيْنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَالَ لَهُ : مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ , قَالَ : فَلَمَّا أَنِ افْتَتَحْنَاهَا ، قَالَ : وَعَلَيَّ قَمِيصٌ خَلِقٌ ، انْطَلَقْتُ إِلَى قَتِيلٍ مِنَ الْقَتْلَى الَّذِينَ قَتَلْنَا مِنَ الْعَجَمِ , قَالَ : فَأَخَذْتُ مِنْ قَمِيصِ بَعْضِ أُولَئِكَ الْقَتْلَى , قَالَ : وَعَلَيْهِ الدِّمَاءُ , فَغَسَلْتُهُ بَيْنَ أَحْجَارٍ , وَدَلَّكْتُهُ حَتَّى أَنْقَيْتُهُ ، وَلَبِسْتُهُ وَأَدْخَلْتُهُ الْقَرْيَةَ , فَأَخَذْتُ إِبْرَةً وَخُيُوطًا , فَخِطْتُ قَمِيصِي , فَقَامَ مُجَاشِعٌ ، فَقَالَ : يَأَيُّهَا النَّاسُ , لَا تَغُلُّوا شَيْئًا , مَنْ غَلَّ شَيْئًا ؛ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَوْ كَانَ مِخْيَطًا , فَانْطَلَقْتُ إِلَى ذَلِكَ الْقَمِيصِ فَنَزَعْتُهُ ، وَانْطَلَقْتُ إِلَى قَمِيصِي فَجَعَلْتُ أَفْتُقُهُ ، حَتَّى وَاللَّهِ يَا بُنَيَّ ، جَعَلْتُ أَخْرِقُ قَمِيصِي تَوَقِّيًا عَلَى الْخَيْطِ أَنْ يَنْقَطِعَ ، فَانْطَلَقْتُ وَالْإِبْرَةُ وَالْقَمِيصُ الَّذِي كُنْتُ أَخَذْتُهُ مِنَ الْمَقَاسِمِ فَأَلْقَيْتُهُ فِيهَا ، ثُمَّ مَا ذَهَبْتُ مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى رَأَيْتُهُمْ يَغُلُّونَ الْأَوْسَاقَ , فَإِذَا قُلْتُ : أَيُّ شَيْءٍ هَذَا ؟ قَالُوا نَصِيبُنَا مِنَ الْفَيْءِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا ، قَالَ عَاصِمٌ : وَرَأَى أَبِي رُؤْيَا وَهُمْ مُحَاصِرُو تَوَّجَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ , وَكَانَ أَبِي إِذَا رَأَى رُؤْيَا كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا نِهَارًا , وَكَانَ أَبِي قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَرَأَى كَأَنَّ رَجُلًا مَرِيضًا ، وَكَأَنَّ قَوْمًا يَتَنَازَعُونَ عِنْدَهُ , اخْتَلَفَتْ أَيْدِيهِمْ وَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ ، وَكَأَنَّ امْرَأَةً عَلَيْهَا ثِيَابٌ خُضْرٌ جَالِسَةٌ كَأَنَّهَا لَوْ تَشَاءُ أَصْلَحَتْ بَيْنَهُمْ , إِذْ قَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَلَبَ بِطَانَةَ جُبَّةٍ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْ مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ , أَيَخْلَقُ الْإِسْلَامُ فِيكُمْ وَهَذَا سِرْبَالُ نَبِيِّ اللَّهِ فِيكُمْ لَمْ يَخْلَقْ , إِذْ قَامَ آخَرُ مِنَ الْقَوْمِ فَأَخَذَ بِأَحَدِ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ فَنَفَضَهُ حَتَّى اضْطَرَبَ وَرَقُهُ , قَالَ : فَأَصْبَحَ أَبِي يَعْرِضُهَا وَلَا يَجِدُ مَنْ يُعَبِّرُهَا , قَالَ : كَأَنَّهُمْ هَابُوا تَعْبِيرَهَا , قَالَ : قَالَ أَبِي : فَلَمَّا أَنْ قَدِمْتُ الْبَصْرَةَ ، فَإِذَا النَّاسُ قَدْ عَسْكَرُوا , قَالَ : قُلْتُ : مَا شَأْنُهُمْ ؟ قَالَ : فَقَالُوا : بَلَغَهُمْ أَنَّ قَوْمًا قَدْ سَارُوا إِلَى عُثْمَانَ فَعَسْكَرُوا لِيُدْرِكُوهُ فَيَنْصُرُوهُ , فَقَامَ ابْنُ عَامِرٍ ، فَقَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ صَالِحٌ , وَقَدِ انْصَرَفَ عَنْهُ الْقَوْمُ , فَرَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ فَلَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلَّا قَتْلُهُ , قَالَ : فَقَالَ أَبِي : فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا قَطُّ كَانَ أَكْثَرَ شَيْخًا بَاكِيًا تُخَلِّلُ الدُّمُوعُ لِحْيَتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ! ، فَمَا لَبِثَ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى إِذَا الزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ قَدْ قَدِمَا الْبَصْرَةَ , قَالَ : فَمَا لَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَّا يَسِيرًا ، حَتَّى إِذَا عَلِيٌّ أَيْضًا قَدْ قَدِمَ , فَنَزَلَ بِذِي قَارٍ , قَالَ : فَقَالَ لِي شَيْخَانِ مِنَ الْحَيِّ : اذْهَبْ بِنَا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ , فَلْنَنْظُرْ إِلَى مَا يَدْعُو , وَأَيَّ شَيْءٍ جَاءَ بِهِ ؟ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنَ الْقَوْمِ ، وَتَبَيَّنَّا فَسَاطِيطَهُمْ ، إِذَا شَابٌّ جَلْدٌ غَلِيظٌ خَارِجٌ مِنَ الْعَسْكَرِ قَالَ الْعَلَاءُ : رُئِيتُ أَنَّهُ قَالَ : عَلَى بَغْلٍ ، فَلَمَّا أَنْ نَظَرْتُ إِلَيْهِ شَبَّهْتُهُ الْمَرْأَةَ الَّتِي رَأَيْتُهَا عِنْدَ رَأْسِ الْمَرِيضِ فِي النَّوْمِ , فَقُلْتُ لِصَاحِبَيَّ : لَئِنْ كَانَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ عِنْدَ رَأْسِ الْمَرِيضِ أَخٌ إِنَّ ذَا لَأَخُوهَا ! قَالَ : فَقَالَ لِي أَحَدُ الشَّيْخَيْنِ اللَّذَيْنِ مَعِي : مَا تُرِيدُ إِلَى هَذَا ؟ قَالَ : وَغَمَزَنِي بِمِرْفَقِهِ , قَالَ الشَّابُّ : أَيَّ شَيْءٍ قُلْتَ ؟ قَالَ : فَقَالَ أَحَدُ الشَّيْخَيْنِ : لَمْ يَقُلْ شَيْئًا , فَانْصَرِفْ , قَالَ : لَتُخْبِرَنِّي مَا قُلْتَ , قَالَ : فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا , قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتَ ؟ قَالَ : وَارْتَاعَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَقُولُ : لَقَدْ رَأَيْتَ ، لَقَدْ رَأَيْتَ , حَتَّى انْقَطَعَ عَنَّا صَوْتُهُ , قَالَ : فَقُلْتُ لِبَعْضِ مَنْ لَقِيتُ : مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْنَا آنِفًا ؟ قَالَ : مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ , قَالَ : فَعَرَفْنَا أَنَّ الْمَرْأَةَ عَائِشَةُ , قَالَ : فَلَمَّا أَنْ قَدِمْتُ الْعَسْكَرَ قَدِمْتُ عَلَى أَدْهَى الْعَرَبِ يَعْنِي : عَلِيًّا ، قَالَ : وَاللَّهِ لَدَخَلَ عَلِيٌّ فِي نَسَبِ قَوْمِي حَتَّى جَعَلْتُ أَقُولُ : وَاللَّهِ لَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنِّي , حَتَّى قَالَ : أَمَا إِنَّ بَنِي رَاسِبٍ بِالْبَصْرَةِ أَكْثَرُ مِنْ بَنِي قُدَامَةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ أَجَلْ , قَالَ : فَقَالَ : أَسَيِّدُ قَوْمِكَ أَنْتَ ؟ قُلْتُ : لَا , وَإِنِّي فِيهِمْ لَمُطَاعٌ , وَلَغَيْرِي أَسُودُ وَأَطْوَعُ فِيهِمْ مِنِّي , قَالَ : فَقَالَ : مَنْ سَيِّدُ بَنِي رَاسِبٍ ؟ قُلْتُ : فُلَانٌ , قَالَ : فَسَيِّدُ بَنِي قُدَامَةَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : فُلَانٌ ، لِآخَرَ ، قَالَ : هَلْ أَنْتَ مُبَلِّغُهُمَا كِتَابَيْنِ مِنِّي ؟ قُلْتُ : نَعَمْ , قَالَ : أَلَا تُبَايِعُونَ ؟ قَالَ : فَبَايَعَ الشَّيْخَانِ اللَّذَانِ مَعِي , قَالَ : وَأَضَبَّ قَوْمٌ كَانُوا عِنْدَهُ , قَالَ : وَقَالَ أَبِي بِيَدِهِ : كَأَنَّ فِيهِمْ خِفَّةً , قَالَ : فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : بَايِعْ ، بَايِعْ , قَالَ : وَقَدْ أَكَلَ السُّجُودُ وُجُوهَهُمْ , قَالَ : فَقَالَ عَلِيٌّ لِلْقَوْمِ : دَعُوا الرَّجُلَ , قَالَ : فَقَالَ أَبِي : إِنَّمَا بَعَثَنِي قَوْمِي رَائِدًا ، وَسَأُنْهِي إِلَيْهِمْ مَا رَأَيْتُ , فَإِنْ بَايَعُوكَ ؛ بَايَعْتُكَ , وَإِنِ اعْتَزَلُوكَ ؛ اعْتَزَلْتُكَ ، قَالَ : فَقَالَ عَلِيٌّ : أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ قَوْمَكَ بَعَثُوكَ رَائِدًا فَرَأَيْتَ رَوْضَةً وَغَدِيرًا فَقُلْتَ : يَا قَوْمِ النُّجْعَةَ النُّجْعَةَ فَأَبَوْا , مَا أَنْتَ مُنْتَجِعٌ بِنَفْسِكَ ؟ قَالَ : فَأَخَذْتُ بِإِصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِهِ , ثُمَّ قُلْتُ : نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ نُطِيعَكَ مَا أَطَعْتَ اللَّهَ , فَإِذَا عَصَيْتَهُ فَلَا طَاعَةَ لَكَ عَلَيْنَا , فَقَالَ : نَعَمْ , وَطَوَّلَ بِهَا صَوْتَهُ , قَالَ : فَضَرَبْتُ عَلَى يَدِهِ , قَالَ : ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ ، وَكَانَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ , قَالَ : فَقَالَ : أَمَا انْطَلَقْتَ إِلَى قَوْمِكَ بِالْبَصْرَةِ فَأَبْلِغْهُمْ كُتُبِي وَقَوْلِي , قَالَ : فَتَحَوَّلَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ ، فَقَالَ : إِنَّ قَوْمِي إِذَا أَتَيْتُهُمْ يَقُولُونَ : مَا قَوْلُ صَاحِبِكَ فِي عُثْمَانَ ؟ قَالَ : فَسَبَّهُ الَّذِينَ حَوْلَهُ , قَالَ : فَرَأَيْتُ جَبِينَ عَلِيٍّ يَرْشَحُ كَرَاهِيَةً لِمَا يَجِيئُونَ بِهِ , قَالَ : فَقَالَ مُحَمَّدٌ : أَيُّهَا النَّاسُ , كُفُّوا ، فَوَاللَّهِ مَا إِيَّاكُمْ أَسْأَلُ , وَلَا عَنْكُمْ أُسْأَلُ , قَالَ : فَقَالَ عَلِيٌّ : أَخْبِرْهُمْ أَنَّ قَوْلِي فِي عُثْمَانَ أَحْسَنُ الْقَوْلِ , إِنَّ عُثْمَانَ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ سورة المائدة آية 93 قَالَ : قَالَ أَبِي : فَلَمْ أَبْرَحْ حَتَّى قَدِمَ عَلَيَّ الْكُوفَةِ , جَعَلُوا يَلْقُونِي فَيَقُولُونَ : أَتَرَى إِخْوَانَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُقَاتِلُونَنَا ؟ قَالَ : وَيَضْحَكُونَ وَيَعْجَبُونَ , ثُمَّ قَالُوا : وَاللَّهِ لَوْ قَدِ الْتَقَيْنَا ؛ تَعَاطَيْنَا الْحَقَّ , قَالَ : فَكَأَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ لَا يَقْتَتِلُونَ , قَالَ : وَخَرَجْتُ بِكِتَابِ عَلِيٍّ , فَأَمَّا أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَتَبَ إِلَيْهِمَا ، فَقَبِلَ الْكِتَابَ وَأَجَابَهُ , وَدُلِلْتُ عَلَى الْآخَرِ فَتَوَارَى , فَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا كُلَيْبٌ , فَأَذِنَ لِي فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ الْكِتَابَ , فَقُلْتُ : هَذَا كِتَابُ عَلِيٍّ , وَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَخْبَرْتُهُ أَنَّكَ سَيِّدُ قَوْمِكَ , قَالَ : فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ الْكِتَابَ , وَقَالَ : لَا حَاجَةَ لِي إِلَى السُّؤْدُدِ الْيَوْمَ , إِنَّمَا سَادَاتُكُمُ الْيَوْمَ شَبِيهٌ بِالْأَوْسَاخِ أَوِ السَّفَلَةِ أَوِ الْأَدْعِيَاءِ , وَقَالَ : كَلِّمْهُ , لَا حَاجَةَ لِي الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ , فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ , قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا رَجَعْتُ إِلَى عَلِيٍّ حَتَّى إِذَا الْعَسْكَرَانِ قَدْ تَدَانَيَا فَاسْتَبَّتْ عُبْدَانُهُمْ , فَرَكِبَ الْقُرَّاءُ الَّذِينَ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ اطَّعَنَ الْقَوْمُ ، وَمَا وَصَلْتُ إِلَى عَلِيٍّ حَتَّى فَرَغَ الْقَوْمُ مِنْ قِتَالِهِمْ , دَخَلْتُ عَلَى الْأَشْتَرِ فَإِذَا بِهِ جِرَاحٌ ، قَالَ عَاصِمٌ : وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ ، فَلَمَّا أَنْ نَظَرَ إِلَى أَبِي قَالَ : وَالْبَيْتُ مَمْلُوءٌ مِنْ أَصْحَابِهِ , قَالَ : يَا كُلَيْبُ , إِنَّكَ أَعْلَمُ بِالْبَصْرَةِ مِنَّا , فَاذْهَبْ فَاشْتَرِ لِي أَفْرَهَ جَمَلٍ تَجِدُهُ فِيهَا ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْ عَرِيفٍ لِمَهَرَةَ جَمَلَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ , قَالَ : اذْهَبْ بِهِ إِلَى عَائِشَةَ ، وَقُلْ : يُقْرِئُكَ ابْنُكَ مَالِكٌ السَّلَامَ , وَيَقُولُ : خُذِي هَذَا الْجَمَلَ فَتَبَلَّغِي عَلَيْهِ مَكَانَ جَمَلِكَ , فَقَالَتْ : لَا سَلَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ , إِنَّهُ لَيْسَ بِابْنِي , قَالَ : وَأَبَتْ أَنْ تَقْبَلَهُ , قَالَ : فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِهَا , قَالَ : فَاسْتَوَى جَالِسًا ثُمَّ حَسَرَ عَنْ سَاعِدِهِ , قَالَ : ثُمَّ قَالَ : إِنَّ عَائِشَةَ لَتَلُومُنِي عَلَى الْمَوْتِ الْمُمِيتِ , إِنِّي أَقْبَلْتُ فِي رِجْرِجَةٍ مِنْ مُذْحِجٍ , فَإِذَا ابْنُ عَتَّابٍ قَدْ نَزَلَ فَعَانَقَنِي , قَالَ : فَقَالَ : اقْتُلُونِي وَمَالِكًا , قَالَ : فَضَرَبْتُهُ فَسَقَطَ سُقُوطًا أَمْرَدًا , قَالَ : ثُمَّ وَثَبَ إِلَيَّ ابْنُ الزُّبَيْرِ ، فَقَالَ : اقْتُلُونِي وَمَالِكًا , وَمَا أُحِبُّ أَنَّهُ قَالَ : اقْتُلُونِي وَالْأَشْتَرَ , وَلَا أَنَّ كُلَّ مُذْحِجِيَّةٍ وَلَدَتْ غُلَامًا ! , فَقَالَ أَبِي : إِنِّي اعْتَمَرْتُهَا فِي غَفْلَةٍ , قُلْتُ : مَا يَنْفَعُكَ أَنْتَ إِذَا قُلْتَ أَنْ تَلِدَ كُلُّ مُذْحِجِيَّةٍ غُلَامًا ؟ قَالَ : ثُمَّ دَنَا مِنْهُ أَبِي ، فَقَالَ : أَوْصِ بِي صَاحِبَ الْبَصْرَةِ ، فَإِنَّ لِي مُقَامًا بَعْدَكُمْ , قَالَ : فَقَالَ : لَوْ قَدْ رَآكَ صَاحِبُ الْبَصْرَةِ ؛ لَقَدْ أَكْرَمَكَ , قَالَ : كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّهُ الْأَمِيرُ , قَالَ : فَخَرَجَ أَبِي مِنْ عِنْدِهِ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ , قَالَ : فَقَالَ : قَدْ قَامَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلُ خَطِيبًا , فَاسْتَعْمَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ , وَزَعَمَ أَنَّهُ سَائِرٌ إِلَى الشَّامِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا , قَالَ : فَرَجَعَ أَبِي فَأَخْبَرَ الْأَشْتَرَ , قَالَ : فَقَالَ لِأَبِي : أَنْتَ سَمِعْتَهُ ؟ قَالَ : فَقَالَ : أَبِي : لَا , قَالَ : فَنَهَرَهُ , وَقَالَ : اجْلِسْ , إِنَّ هَذَا هُوَ الْبَاطِلُ ، قَالَ : فَلَمْ أَبْرَحْ أَنْ جَاءَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ مِثْلَ خَبَرِي ، قَالَ : فَقَالَ : أَنْتَ سَمِعْتَ ذَاكَ ؟ قَالَ : فَقَالَ : لَا , فَنَهَرَهُ نَهْرَةً دُونَ الَّتِي نَهَرَنِي ، قَالَ : وَلَحَظَ إِلَيَّ وَأَنَا فِي جَانِبِ الْقَوْمِ , أَيْ إِنَّ هَذَا قَدْ جَاءَ بِمِثْلِ خَبَرِكَ , قَالَ : فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عَتَّابٌ التَّغْلِبِيُّ وَالسَّيْفُ يَخْطِرُ أَوْ يَضْطَرِبُ فِي عُنُقِهِ ، فَقَالَ : هَذَا أَمِيرُ مُؤْمِنِيكُمْ قَدِ اسْتَعْمَلَ ابْنَ عَمِّهِ عَلَى الْبَصْرَةِ , وَزَعَمَ أَنَّهُ سَائِرٌ إِلَى الشَّامِ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا , قَالَ : قَالَ لَهُ الْأَشْتَرُ : أَنْتَ سَمِعْتَهُ يَا أَعْوَرُ ؟ قَالَ : إِي وَاللَّهِ يَا أَشْتَرُ ، لَأَنَا سَمِعْتُهُ بِأُذُنَيَّ هَاتَيْنِ , فَتَبَسَّمَ تَبَسُّمًا فِيهِ كُشُورٌ , قَالَ : فَقَالَ : فَلَا نَدْرِي إِذًا عَلَامَ قَتَلْنَا الشَّيْخَ بِالْمَدِينَةِ ؟ قَالَ : ثُمَّ قَالَ : لِمُذْحِجِيَّةُ : قُومُوا فَارْكَبُوا , فَرَكِبَ , قَالَ : وَمَا أَرَاهُ يُرِيدُ يَوْمَئِذٍ إِلَّا مُعَاوِيَةَ , قَالَ : فَهَمَّ عَلِيٌّ أَنْ يَبْعَثَ خَيْلًا تُقَاتِلُهُ , قَالَ : ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ تَأْمِيرِكَ أَنْ لَا تَكُونَ لِذَلِكَ أَهْلًا , وَلَكِنِّي أَرَدْتُ لِقَاءَ أَهْلِ الشَّامِ وَهُمْ قَوْمُكَ , فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْتَظْهِرَ بِكَ عَلَيْهِمْ , قَالَ : وَنَادَى فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ , قَالَ : فَأَقَامَ الْأَشْتَرُ حَتَّى أَدْرَكَهُ أَوَائِلُ النَّاسِ ، قَالَ : وَكَانَ قَدْ وَقَّتَ لَهُمْ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ , فِيمَا رَأَيْتُ , فَلَمَّا صَنَعَ الْأَشْتَرُ مَا صَنَعَ ، نَادَى فِي النَّاسِ قَبْلَ ذَلِكَ بِالرَّحِيلِ " .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.