حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ جَاوَانَ ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ ، قَالَ : قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَنَحْنُ نُرِيدُ الْحَجَّ , فَإِنَّا لَبِمَنَازِلِنَا نَضَعُ رِحَالَنَا إِذْ أَتَانَا آتٍ , فَقَالَ : إِنَّ النَّاسَ قَدْ فَزِعُوا وَاجْتَمَعُوا فِي الْمَسْجِدِ , فَانْطَلَقْتُ فَإِذَا النَّاسُ مُجْتَمِعُونَ فِي الْمَسْجِدِ , فَإِذَا عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ , قَالَ : فَإِنَّا لَكَذَلِكَ إِذَا جَاءَنَا عُثْمَانُ , فَقِيلَ : هَذَا عُثْمَانُ , فَدَخَلَ عَلَيْهِ مُلَيَّةٌ لَهُ صَفْرَاءُ , قَدْ قَنَّعَ بِهَا رَأْسَهُ , قَالَ : هَاهُنَا عَلِيٌّ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : هَاهُنَا الزُّبَيْرُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : هَاهُنَا طَلْحَةُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : هَاهُنَا سَعْدٌ ؟ قَالُوا : نَعَمْ , قَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنْ يَبْتَاعُ مِرْبَدَ بَنِي فُلَانٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ " , فَابْتَعْتُهُ بِعِشْرِينَ أَلْفًا أَوْ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفًا , فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقُلْتُ لَهُ : ابْتَعْتُهُ , قَالَ : " اجْعَلْهُ فِي مَسْجِدِنَا وَلَكَ أَجْرُهُ ؟ " ، فَقَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ , قَالَ : فَقَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنِ ابْتَاعَ بِئْرَ رُومَةَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ " , فَابْتَعْتُهَا بِكَذَا وَكَذَا , ثُمَّ أَتَيْتُهُ , فَقُلْتُ : قَدِ ابْتَعْتُهَا , قَالَ : " اجْعَلْهَا سِقَايَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَأَجْرُهَا لَكَ ؟ " , قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ , قَالَ : أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ , أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ ، فَقَالَ : " مَنْ جَهَّزَ هَؤُلَاءِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ " ، يَعْنِي جَيْشَ الْعُسْرَةِ ، فَجَهَّزْتُهُمْ حَتَّى لَمْ يَفْقِدُوا خِطَامًا وَلَا عِقَالًا ؟ قَالَ : قَالُوا : اللَّهُمَّ نَعَمْ , قَالَ : اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثًا , قَالَ الْأَحْنَفُ : فَانْطَلَقْتُ فَأَتَيْتُ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ , فَقُلْتُ : مَا تَأْمُرَانِي بِهِ وَمَنْ تَرْضَيَانِهِ لِي ؟ فَإِنِّي لَا أَرَى هَذَا إِلَّا مَقْتُولًا , قَالَا : نَأْمُرُكَ بِعَلِيٍّ , قَالَ : قُلْتُ : تَأْمُرَانِي بِهِ وَتَرْضَيَانِهِ لِي ؟ قَالَا : نَعَمْ , قَالَ : ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَاجًّا حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ بِهَا إِذْ أَتَانَا قَتْلُ عُثْمَانَ ، وَبِهَا عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ , فَلَقِيتُهَا , فَقُلْتُ لَهَا : مَنْ تَأْمُرِينِي بِهِ أَنْ أُبَايِعَ ؟ فَقَالَتْ : عَلِيًّا , فَقُلْتُ أَتَأْمُرِينَنِي بِهِ وَتَرْضَيْنَهُ لِي ؟ قَالَتْ : نَعَمْ , فَمَرَرْتُ عَلَى عَلِيٍّ بِالْمَدِينَةِ فَبَايَعْتُهُ , ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ , وَلَا أَرَى إِلَّا أَنَّ الْأَمْرَ قَدِ اسْتَقَامَ ، قَالَ : فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ أَتَانِي آتٍ ، فَقَالَ : هَذِهِ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ قَدْ نَزَلُوا جَانِبَ الْخُرَيْبَةِ , قَالَ : قُلْتُ : مَا جَاءَ بِهِمْ ؟ قَالَ : أُرْسِلُوا إِلَيْكَ لِيَسْتَنْصِرُوكَ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ ، قُتِلَ مَظْلُومًا , قَالَ : فَأَتَانِي أَفْظَعُ أَمْرٍ أَتَانِي قَطُّ , فَقُلْتُ : إِنَّ خِذْلَانِي هَؤُلَاءِ وَمَعَهُمْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَشَدِيدٌ , وَإِنَّ قِتَالِي ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ أَمَرُونِي بِبَيْعَتِهِ لَشَدِيدٌ ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُمْ قَالُوا : جِئْنَا نَسْتَنْصِرُ عَلَى دَمِ عُثْمَانَ , قُتِلَ مَظْلُومًا , قَالَ : فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ , أَنْشُدُكِ بِاللَّهِ , هَلْ قُلْتُ لَكِ : مَنْ تَأْمُرِينِي بِهِ ؟ فَقُلْتِ : عَلِيًّا , فَقُلْتُ : تَأْمُرِينِي بِهِ وَتَرْضِينَهُ لِي ؟ فَقُلْتِ : نَعَمْ ، قَالَتْ : نَعَمْ , وَلَكِنَّهُ بَدَّلَ , قُلْتُ : يَا زُبَيْرُ , يَا حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَا طَلْحَةُ , نَشَدْتُكُمَا بِاللَّهِ أَقُلْتُ لَكُمَا : مَنْ تَأْمُرَانِي بِهِ ؟ فَقُلْتمَا : عَلِيًّا , فَقُلْتُ : تَأْمُرَانِي بِهِ وَتَرْضَيَانِهِ لِي ؟ فَقُلْتمَا : نَعَمْ ؟ قَالَا : بَلَى , وَلَكِنَّهُ بَدَّلَ , قَالَ : فَقُلْتُ : لَا وَاللَّهِ ، لَا أُقَاتِلُكُمْ وَمَعَكُمْ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَوَارِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ ، وَلَا أُقَاتِلُ ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَمَرْتُمُونِي بِبَيْعَتِهِ ؛ اخْتَارُوا مِنِّي بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثِ خِصَالٍ : إِمَّا أَنْ تَفْتَحُوا لِي بَابَ الْجِسْرِ فَأَلْحَقَ بِأَرْضِ الْأَعَاجِمِ , حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَضَى , أَوْ أَلْحَقَ بِمَكَّةَ فَأَكُونَ بِهَا حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِهِ مَا قَضَى , أَوْ أَعْتَزِلَ فَأَكُونَ قَرِيبًا ؟ قَالُوا : نَأْتَمِرُ , ثُمَّ نُرْسِلُ إِلَيْكَ , فَائْتَمَرُوا فَقَالُوا : نَفْتَحُ لَهُ بَابَ الْجِسْرِ فَيَلْحَقُ بِهِ الْمُنَافِقُ وَالْخَاذِلُ , وَيَلْحَقُ بِمَكَّةَ فَيَتَعَجَّسُكُمْ فِي قُرَيْشٍ وَيُخْبِرُهُمْ بِأَخْبَارِكُمْ , لَيْسَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ , اجْعَلُوهُ هَاهُنَا قَرِيبًا حَيْثُ تَطَئُونَ عَلَى صِمَاخِهِ , وَتَنْظُرُونَ إِلَيْهِ , فَاعْتَزَلَ بِالْجَلْحَاءِ مِنَ الْبَصْرَةِ عَلَى فَرْسَخَيْنِ , وَاعْتَزَلَ مَعَهُ زُهَاءُ سِتَّةِ آلَافٍ , ثُمَّ الْتَقَى الْقَوْمُ , فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ طَلْحَةُ وَبُعِثَ ابْنُ سَوْرٍ مَعَهُ الْمُصْحَفُ , يُذَكِّرُ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ , وَبَلَغَ الزُّبَيْرُ سَفَوَانَ مِنَ الْبَصْرَةِ كَمَكَانِ الْقَادِسِيَّةِ مِنْكُمْ ، فَلَقِيَهُ النَّعْرُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُجَاشِعٍ , قَالَ : أَيْنَ تَذْهَبُ يَا حَوَارِيَّ رَسُولِ اللَّهِ ؟ إِلَيَّ فَأَنْتَ فِي ذِمَّتِي , لَا يُوصَلُ إِلَيْكَ , فَأَقْبَلَ مَعَهُ , قَالَ : فَأَتَى إِنْسَانٌ الْأَحْنَفَ ، قَالَ : هَذَا الزُّبَيْرُ قَدْ لُقِيَ بِسَفَوَانَ ، قَالَ : فَمَا يَأْمَنُ ؟ جَمَعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى ضَرَبَ بَعْضُهُمْ حَوَاجِبَ بَعْضٍ بِالسُّيُوفِ , ثُمَّ لَحِقَ بِبَيْتِهِ وَأَهْلِهِ , فَسَمِعَهُ عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ وَغُوَاةٌ مِنْ غُوَاةِ بَنِي تَمِيمٍ وَفَضَالَةُ بْنُ حَابِسٍ وَنُفَيْعٌ , فَرَكِبُوا فِي طَلَبِهِ , فَلَقُوا مَعَهُ النَّعْرَ , فَأَتَاهُ عُمَيْرُ بْنُ جُرْمُوزٍ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ ضَعِيفَةٍ , فَطَعَنَهُ طَعْنَةً خَفِيفَةً , وَحَمَلَ عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ يُقَالَ لَهُ : ذُو الْخِمَارِ ، حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُ قَاتِلُهُ نَادَى صَاحِبَيْهِ : يَا نُفَيْعُ يَا فَضَالَةُ , فَحَمَلُوا عَلَيْهِ حَتَّى قَتَلُوهُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُثْمَانُ | عثمان بن عفان / توفي في :35 | صحابي |
الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ | الأحنف بن قيس التميمي | ثقة |
عُمَرَ بْنِ جَاوَانَ | عمرو بن جاوان التميمي | مقبول |
حُصَيْنٍ | الحصين بن عبد الرحمن السلمي | ثقة متقن |
ابْنُ إِدْرِيسَ | عبد الله بن إدريس الأودي / ولد في :115 / توفي في :192 | ثقة حجة |