حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ : " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ , وَإِنَّمَا كَانَتْ خَطِيئَتُهُ أَنَّهُ لَمَّا أَبْصَرَهَا أَمَرَ بِهَا فَعَزَلَهَا فَلَمْ يَقْرَبْهَا , فَأَتَاهُ الْخَصْمَانِ فَتَسَوَّرَا فِي الْمِحْرَابِ , فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا ، قَامَ إلَيْهِمَا ، فَقَالَ : " اخْرُجَا عَنِّي , مَا جَاءَ بِكُمَا إلَيَّ ؟ " ، فَقَالَا : إنَّمَا نُكَلِّمُكَ بِكَلَامٍ يَسِيرٍ , إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا مِنِّي , قَالَ : فَقَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ : " وَاللَّهِ إنَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُكْسَرَ مِنْهُ مِنْ لَدُنْ هَذِهِ إلَى هَذِهِ ، يَعْنِي مِنْ أَنْفِهِ إلَى صَدْرِهِ " , فَقَالَ الرَّجُلُ : هَذَا دَاوُدُ قَدْ فَعَلَهُ فَعَرَفَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ إنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ , وَعَرَفَ ذَنْبَهُ فَخَرَّ سَاجِدًا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً , وَكَانَتْ خَطِيئَتُهُ مَكْتُوبَةً فِي يَدِهِ , يَنْظُرُ إلَيْهَا لِكَيْ لَا يَغْفُلَ حَتَّى نَبَتَ الْبَقْلُ حَوْلَهُ مِنْ دُمُوعِهِ مَا غَطَّى رَأْسَهُ , فَنَادَى بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا : قُرِحَ الْجَبِينُ وَجَمَدَتِ الْعَيْنُ , وَدَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَرْجِعْ إلَيْهِ فِي خَطِيئَةٍ شَيْءٌ فَنُودِيَ : أَجَائِعٌ فَتُطْعَمُ أَمْ عُرْيَانُ فَتُكْسَى أَمْ مَظْلُومٌ فَتُنْصَرُ ؟ قَالَ : فَنَحَبَ نَحْبَةً هَاجَ مَا يَلِيهِ مِنَ الْبَقْلِ حِينَ لَمْ يَذْكُرْ ذَنْبَهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ غُفِرَ لَهُ , فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، قَالَ لَهُ رَبُّهُ : كُنْ أَمَامِي , فَيَقُولُ : " أَيْ رَبِّ ذَنْبِي ذَنْبِي " , فَيَقُولُ : كُنْ مِنْ خَلْفِي , فَيَقُولُ : أَيْ رَبِّ ذَنْبِي ذَنْبِي فَيَقُولُ لَهُ : " خُذْ بِقَدَمِي فَيَأْخُذُ بِقَدَمِهِ " .