قَالَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ : وَحَدَّثَنِي خَلِيفَةُ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ دَاوُدَ حَدَّثَ نَفْسَهُ إنِ ابْتُلِيَ أَنْ يَعْتَصِمَ , فَقِيلَ لَهُ : " إنَّكَ سَتُبْتَلَى وَتَعْلَمُ الْيَوْمَ الَّذِي تُبْتَلَى فِيهِ فَخُذْ حِذْرَكَ , فَقِيلَ لَهُ : هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي تُبْتَلَى فِيهِ , فَأَخَذَ الزَّبُورَ فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ وَأَغْلَقَ بَابَ الْمِحْرَابِ وَأَقْعَدَ مَنْصَفًا عَلَى الْبَابِ وَقَالَ : لَا تَأْذَنْ لِأَحَدٍ عَلَيَّ الْيَوْمَ , فَبَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ الزَّبُورَ إذْ جَاءَ طَائِرٌ مُذَهَّبٌ كَأَحْسَنِ مَا يَكُونُ الطَّيْرُ , فِيهِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ , فَجَعَلَ يَدْرُجُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَدَنَا مِنْهُ , فَأَمْكَنَ أَنْ يَأْخُذَهُ , فَتَنَاوَلَهُ بِيَدِهِ لِيَأْخُذَهُ , فَاسْتَوْفَزَهُ مِنْ خَلْفِهِ , فَأَطْبَقَ الزَّبُورَ وَقَامَ إلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ , فَطَارَ فَوَقَعَ عَلَى كُوَّةِ الْمِحْرَابِ , فَدَنَا مِنْهُ أَيْضًا لِيَأْخُذَهُ فَوَقَعَ عَلَى خُصٍّ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ لِيَنْظُرَ أَيْنَ وَقَعَ ، فَإِذَا هُوَ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ بِرْكَتِهَا تَغْتَسِلُ مِنَ الْمَحِيضِ , فَلَمَّا رَأَتْ ظِلَّهُ حَرَّكَتْ رَأْسَهَا فَغَطَّتْ جَسَدَهَا بِشَعْرِهَا ، فَقَالَ دَاوُدُ لِلْمَنْصَفِ : اذْهَبْ فَقُلْ لِفُلَانَةَ , تَجِيءُ , فَأَتَاهَا فَقَالَ : إنَّ نَبِيَّ اللَّهِ يَدْعُوكَ , فَقَالَتْ : مَا لِي وَلِنَبِيِّ اللَّهِ , إنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ فَلْيَأْتِنِي , أَمَّا أَنَا فَلَا آتِيهِ , فَأَتَاهُ الْمَنْصَفُ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهَا , فَأَتَاهَا : وَأَغْلَقَتِ الْبَابَ دُونَهُ ، فَقَالَتْ : مَا لَكَ يَا دَاوُدُ ؟ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّهُ مَنْ فَعَلَ هَذَا رَجَمْتُمُوهَا وَوَعَظَتْهُ فَرَجَعَ , وَكَانَ زَوْجُهَا غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ , فَكَتَبَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ إلَى أَمِيرِ الْمَغْزَى : انْظُرْ أُورِيًّا فَاجْعَلْهُ فِي حَمَلَةِ التَّابُوتِ , وَكَانَ حَمَلَةُ التَّابُوتِ إِمَّا أَنْ يُفْتَحَ عَلَيْهِمْ وَإِمَّا أَنْ يُقْتَلُوا فَقَدَّمَهُ فِي حَمَلَةِ التَّابُوتِ ، فَقُتِلَ , فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا خَطَبَهَا فَاشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ : إنْ وَلَدَتْ غُلَامًا أَنْ يَجْعَلَهُ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ , وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِ خَمْسِينَ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ ، وَكَتَبَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا , فَمَا شَعَرَ بِفِتْنَتِهِ أَنَّهُ فُتِنَ حَتَّى وَلَدَتْ سُلَيْمَانَ وَشَبَّ , فَتَسَوَّرَ الْمَلَكَانُ عَلَيْهِ الْمِحْرَابَ ، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ وَخَرَّ دَاوُدُ سَاجِدًا فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُ وَأَنَابَ وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ , فَطَلَّقَهَا وَجَفَا سُلَيْمَانَ وَأَبْعَدَهُ , فَبَيْنَمَا هُوَ فِي مَسِيرٍ لَهُ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ إذْ أَتَى عَلَى غِلْمَانٍ لَهُ يَلْعَبُونَ ، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ : يَا لَادِّينُ يَا لَادِّينُ , فَوَقَفَ دَاوُدُ ، فَقَالَ : مَا شَأْنُ هَذَا , يُسَمَّى لَادِّينَ , فَقَالَ سُلَيْمَانُ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ : أَمَا إنَّهُ لَوْ سَأَلَنِي ، عَنْ هَذِهِ لَأَخْبَرْتُهُ بِأَمْرِهِ ، فَقِيلَ لِدَاوُدَ : إنَّ سُلَيْمَانَ ، قَالَ كَذَا وَكَذَا , فَدَعَاهُ وَقَالَ : مَا شَأْنُ هَذَا الْغُلَامِ سُمِّيَ لَادِّينَ , فَقَالَ : سَأَعْلَمُ لَكَ عِلْمَ ذَلِكَ ، فَسَأَلَ سُلَيْمَانُ ، عَنْ أَبِيهِ كَيْفَ كَانَ أَمْرُهُ ؟ فَقِيلَ لَهُ : إنَّ أَبَاهُ كَانَ فِي سَفَرٍ لَهُ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ ، وَكَانَ كَثِيرَ الْمَالِ فَأَرَادُوا قَتْلَهُ , فَأَوْصَاهُمْ فَقَالَ : إنِّي تَرَكْتُ امْرَأَتِي حُبْلَى , فَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا فَقُولُوا لَهَا : تُسَمِّيهِ لَادِّينَ ، فَبَعَثَ سُلَيْمَانُ إلَى أَصْحَابِهِ , فَجَاءُوا فَخَلَا بِأَحَدِهِمْ فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى أَقَرَّ , وَخَلَا بِالْآخَرِينَ , فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى أَقَرُّوا كُلُّهُمْ , فَرَفَعَهُمْ إلَى دَاوَدَ فَقَتَلَهُمْ فَعَطَفَ عَلَيْهِ بَعْضَ الْعَطْفِ , وَكَانَتِ امْرَأَةٌ عَابِدَةٌ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَكَانَتْ تَبَتَّلَتْ , وَكَانَتْ لَهَا جَارِيَتَانِ جَمِيلَتَانِ وَقَدْ تَبَتَّلَتِ الْمَرْأَةُ لَا تُرِيدُ الرِّجَالَ , فَقَالَتْ إحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ لِلْأُخْرَى : قَدْ طَالَ عَلَيْنَا هَذَا الْبَلَاءُ , أَمَّا هَذِهِ فَلَا تُرِيدُ الرِّجَالَ , وَلَا تَزَالُ بِشَرٍّ مَا كُنَّا لَهَا , فَلَوْ أَنَّا فَضَحْنَاهَا فَرُجِمَتْ , فَصِرْنَا إلَى الرِّجَالِ , فَأَخَذَتَا مَاءَ الْبَيْضِ فَأَتَتَاهَا وَهِيَ سَاجِدَةٌ فَكَشَفَتَا عَنْهَا ثَوْبَهَا وَنَضَحَتَا فِي دُبُرِهَا مَاءَ الْبَيْضِ وَصَرَخَتَا : إنَّهَا قَدْ بَغَتْ , وَكَانَ مَنْ زَنَا مِنْهُمْ حَدَّهُ الرَّجْمُ فَرُفِعَتْ إلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ وَمَاءُ الْبَيْضِ فِي ثِيَابِهَا فَأَرَادَ رَجْمَهَا , فَقَالَ سُلَيْمَانُ : أَمَا إنَّهُ لَوْ سَأَلَنِي لَأَنْبَأْتُهُ , فَقِيلَ لِدَاوُدَ : إنَّ سُلَيْمَانَ ، قَالَ كَذَا وَكَذَا , فَدَعَاهُ ، فَقَالَ : مَا شَأْنُ هَذِهِ ؟ مَا أَمْرُهَا ؟ ، فَقَالَ : ائْتُونِي بِنَارٍ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مَاءَ الرِّجَالِ تَفَرَّقَ , وَإِنْ كَانَ مَاءَ الْبَيْضِ اجْتَمَعَ , فَأُتِيَ بِنَارٍ فَوَضَعَهَا عَلَيْهِ فَاجْتَمَعَ فَدَرَأَ عَنْهَا الرَّجْمَ , وَعَطَفَ عَلَيْهِ بَعْضَ الْعَطْفِ وَأَحَبَّهُ , ثُمَّ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الْحَرْثِ وَأَصْحَابُ الشِّيَاءِ , فَقَضَى دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلامُ لِأَصْحَابِ الْحَرْثِ بِالْغَنَمِ , فَخَرَجُوا وَخَرَجَتِ الرِّعَاءُ مَعَهُمُ الْكِلَابُ فَقَالَ سُلَيْمَانُ : كَيْفَ قَضَى بَيْنَكُمْ ؟ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : لَوْ وُلِّيتُ أَمْرَهُمْ لَقَضَيْتُ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ هَذَا الْقَضَاءِ , فَقِيلَ لِدَاوُدَ : إنَّ سُلَيْمَانَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا , فَدَعَاهُ فَقَالَ : كَيْفَ تَقْضِي ؟ ، فَقَالَ : أَدْفَعُ الْغَنَمَ إلَى أَصْحَابِ الْحَرْثِ هَذَا الْعَامَ فَيَكُونُ لَهُمْ أَوْلَادُهَا وَسَلَاهَا وَأَلْبَانُهَا وَمَنَافِعُهَا لَهُمُ الْعَامَ ، وَيَبْذُرُ هَؤُلَاءِ مثل حَرْثِهِمْ , فَإِذَا بَلَغَ الْحَرْثُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَخَذَ هَؤُلَاءِ الْحَرْثَ وَدَفَعَ هَؤُلَاءِ إلَى هَؤُلَاءِ الْغَنَمَ , قَالَ : فَعَطَفَ عَلَيْهِ " , قَالَ حَمَّادٌ : وَسَمِعْتُ ثَابِتًا يَقُولُ : هُوَ أُورِيَّا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
ابْنِ عَبَّاسٍ | عبد الله بن العباس القرشي / توفي في :68 | صحابي |