عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَجُلا أَعْتَقَ شِقْصًا مِنْ مَمْلُوكٍ ، فَأَجَازَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِتْقَهُ ، وَغَرَّمَهُ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ " قَالَ قَتَادَةُ : إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ ، فَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَصَلَ السِّعَايَةَ مِنَ الْحَدِيثِ وَجَعَلَهَا مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ , وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ ، قَالَ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ : الْكَلامُ الأَخِيرُ ، يَعْنِي : الاسْتِسْعَاءَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ بَلَغَنِي أَنَّ هَمَّامًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ فَجَعَلَ هَذَا الْكَلامَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ ، بِدُونِ ذِكْرِ الاسْتِسْعَاءِ ، ثُمَّ قَالَ : وَافَقَهُ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ لَمْ يَذْكُرْ الاسْتِسْعَاءَ ، وَشُعْبَةُ وَهِشَامٌ أَحْفَظُ مَنْ رَوَاهُ عَنْ قَتَادَةَ . وَرَوَاهُ هَمَّامٌ ، فَجَعَلَ الاسْتِسْعَاءَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ ، وَفَصَلَهُ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، وَجَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فَجَعَلَ الاسْتِسْعَاءَ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَحْسَبُهُمَا وَهِمَا فِيهِ لِمُخَالَفَةِ شُعْبَةَ وَهِشَامٍ وَهَمَّامٍ إيَّاهُمَا . ثُمَّ قَالَ : سَمِعْت النَّيْسَابُورِيَّ ، يَقُولُ : مَا أَحْسَنَ مَا رَوَاهُ هَمَّامٌ ضَبَطَهُ ، فَفَصَلَ بَيْنَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قَوْلِ قَتَادَةَ ، وَفَهِمَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ النَّيْسَابُورِيَّ هَذَا هُوَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ شَيْخُ الْحَاكِمِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ ، فَإِنَّ الدَّارَقُطْنِيّ رَوَى رِوَايَةَ هَمَّامٍ الَّتِي فِيهَا فَصْلُ السِّعَايَةِ ، وَجَعَلَهَا مِنْ كَلامِ قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيِّ . ثُمَّ قَالَ : سَمِعْت النَّيْسَابُورِيَّ ، فَحَكَى الْكَلامَ الْمُتَقَدِّمَ . فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ شَيْخَهُ الَّذِي رَوَى عَنْهُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ . وَقَدْ صَرَّحَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي نَقْلِهِ عَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ بِتَكْنِيَتِهِ أَبَا بَكْرٍ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ هَذَا الْكَلامُ لا يُثْبِتُهُ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّقْلِ مُسْنَدًا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ مِنْ كَلامِ قَتَادَةَ , وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى ، عَنِ ابْنِ الْمُنْذِرِ ، قَالَ : هَذَا الْكَلامُ مِنْ فُتْيَا قَتَادَةَ ، وَلَيْسَ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ ابْنُ الْمُنْذِرِ بِرِوَايَةِ هَمَّامٍ ، وَقَالَ : فَقَدْ أَخْبَرَهُمَا أَنَّ ذِكْرَ السِّعَايَةِ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ . قَالَ : وَأَلْحَقَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ الَّذِي مَيَّزَهُ هَمَّامٌ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ ، فَجَعَلَهُ مُتَّصِلا بِالْحَدِيثِ ، ثُمَّ حَكَى الْخَطَّابِيُّ كَلامَ أَبِي دَاوُد فِي الاخْتِلافِ فِي ذِكْرِ السِّعَايَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ . ثُمَّ قَالَ : قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ : رَوَاهُ شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، وَلَمْ يَذْكُرِ السِّعَايَةَ ، وَاضْطَرَبَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فِي السِّعَايَةِ ، ومَرَّةً يَذْكُرُهَا وَمَرَّةً لا يَذْكُرُهَا ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَتْنِ الْحَدِيثِ عِنْدَهُ , وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ كَلامِ قَتَادَةَ وَتَفْسِيرُهُ عَلَى مَا قَالَ هَمَّامٌ وَبَيَّنَهُ ، وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ . انْتَهَى . وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّهُ ضَعُفَ أَمْرُ السِّعَايَةِ فِيهِ بِوُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ شُعْبَةَ وَهِشَامًا الدَّسْتُوَائِيَّ رَوِيَا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ قَتَادَةَ لَيْسَ فِيهِ اسْتِسْعَاءٌ , وَهُمَا أَحْفَظُ . وَمِنْهَا أَنَّ الشَّافِعِيَّ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالتَّدَيُّنِ وَالْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ ، يَقُولُ : لَوْ كَانَ سَعِيدُ بْنُ عَرُوبَةَ فِي الاسْتِسْعَاءِ مُنْفَرِدًا لا يُخَالِفُهُ غَيْرُهُ مَا كَانَ ثَابِتًا ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ حَدِيثَ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، يُقَالُ أَنَّهُ مِنْ كِتَابٍ , وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَشِيرٍ ، أَنَّهُ قَرَأَ مَا كَتَبَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُوَهِّنُ حَدِيثَهُ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ سَعِيدًا يَنْفَرِدُ بِهِ وَالْحُفَّاظُ يَتَوَقَّفُونَ فِي إثْبَاتِ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ سَعِيدٌ لاخْتِلاطِهِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ , وَقَدْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فِي رِوَايَةِ الاسْتِسْعَاءِ أَوْ قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ إسْنَادَهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، فَأَكْثَرُهُمْ رَوَوْهُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ بَشِيرٍ ، لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ . وَكَذَلِكَ هُوَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ هِشَامٍ ، وَقِيلَ : عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ بَشِيرٍ . وَقِيلَ : عَنْ بَشِيرٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَكُلُّ هَذَا وَهْمٌ . وَالْقَوْلُ قَوْلُ الأَكْثَرِ ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَالَّذِي يُوهِنُ أَمْرَ السِّعَايَةِ فِيهِ رِوَايَةُ هَمَّامِ بْنِ يَحْيَى ، حَيْثُ جَعَلَ الاسْتِسْعَاءَ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ ، وَفَصَلَهُ مِنْ كَلامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، أَنَّهُ قَالَ : أَحَادِيثُ هَمَّامٍ عَنْ قَتَادَةَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَتَبَهَا إمْلاءً . وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ شُعْبَةُ : أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِ قَتَادَةَ مَا سَمِعَ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَسْمَعْ ، وَهِشَامٌ أَحْفَظُ وَسَعِيدٌ أَكْثَرُ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : فَقَدْ أَجْمَعَ شُعْبَةُ مَعَ فَضْلِ حِفْظِهِ وَعِلْمِهِ بِمَا سَمِعَ مِنْ قَتَادَةَ . وَمَا لَمْ يَسْمَعْ ، وَهِشَامٌ مَعَ فَضْلِ حِفْظِهِ ، وَهَمَّامٌ مَعَ صِحَّةِ كِتَابِهِ وَزِيَادَةِ مَعْرِفَتِهِ بِمَا لَيْسَ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى خِلافِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، وَمَنْ وَافَقَهُ فِي إدْرَاجِ السِّعَايَةِ فِي الْحَدِيثِ , وَفِي هَذَا مَا يُشَكِّكُ فِي ثُبُوتِ الاسْتِسْعَاءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ . قَالَ وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الاسْتِسْعَاءَ مِنْ فُتْيَا قَتَادَةَ أَنَّ الأَوْزَاعِيَّ سُئِلَ عَنْ صُورَةٍ مِنْ ذَلِكَ ، فَحَكَى هَذَا الإِفْتَاءَ عَنْ قَتَادَةَ . وَمِنْهَا : أَنَّ الشَّافِعِيَّ ، قَالَ : قِيلَ لِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ : لَوِ اخْتَلَفَ نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَذَا الإِسْنَادُ أَيُّهُمَا كَانَ أَثْبَتَ ، قَالَ نَافِعٌ : عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : قُلْت : وَعَلَيْنَا أَنْ نَصِيرَ إلَى الأَثْبَتِ مِنَ الْحَدِيثَيْنِ . قَالَ : نَعَمْ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : مَعَ حَدِيثِ نَافِعٍ حَدِيثُ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ بِإِبْطَالِ الاسْتِسْعَاءِ . ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : وَرُوِيَ عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي السِّعَايَةِ ، وَهُوَ مُنْكَرٌ عَنْهُ . ثُمَّ رَوَى بِإِسْنَادِهِ ، عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ قَالَ : ذَكَرْت أَنَا ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ، لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِي حَدِيثَ الْحَجَّاجِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَضَى أَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ، أَنَّ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ الْقِيمَةَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ " . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ ، كَيْفَ يَكُونُ هَذَا عَلَى مَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ , وَقَدْ رَوَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي آلِ عُمَرَ أَثْبَتَ مِنْهُ ، وَلا أَحْفَظَ وَلا أَوْثَقَ وَلا أَشَدَّ ، تَقْدِمَةً فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ فِي زَمَانِهِ ، فَكَانَ يُقَالُ : إنَّهُ وَاحِدُ دَهْرِهِ فِي الْحِفْظِ ، ثُمَّ تَلاهُ فِي رِوَايَةِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَلَمْ يَكُنْ دُونَهُ فِي الْحِفْظِ ، بَلْ هُوَ عِنْدَنَا فِي الْحِفْظِ وَالإِتْقَانِ مِثْلُهُ ، أَوْ أَجْمَعُ مِنْهُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْوَالِ . وَرَوَاهُ أَيْضًا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيُّ ، وَهُوَ مِنْ أَثْبَتِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ , وَأَصَحِّهِمْ رِوَايَةً رَوَوْهُ جَمِيعًا .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ | بشير بن نهيك السدوسي | ثقة |
النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ | النضر بن أنس الأنصاري / توفي في :105 | ثقة |
قَتَادَةَ | قتادة بن دعامة السدوسي / ولد في :61 / توفي في :117 | ثقة ثبت مشهور بالتدليس |