وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَالسُّنَنِ الأَرْبَعَةِ ، عَنْ سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَعَ الْغُلامِ عَقِيقَتُهُ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا ، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الأَذَى " ، وَقَدْ رُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَيْضًا . الثَّانِيَةُ : الْعَقِيقَةُ : الذَّبِيحَةُ الَّتِي تُذْبَحُ عَنِ الْمَوْلُودِ , وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِقَاقِهَا ، فَقِيلَ : مِنَ الْعَقِّ وَهُوَ الشَّقُّ وَالْقَطْعُ لِأَنَّهَا يُشَقُّ حَلْقُهَا , قَالَهُ الأَزْهَرِيُّ ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَالْهَرَوِيُّ ، وَابْنُ الأَثِيرِ ، وَغَيْرُهُمْ ، وَحُكِيَ عَنِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَقِيلَ : مِنَ الْعَقِيقَةِ ، وَهِيَ الشَّعْرُ الَّذِي يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ الْمَوْلُودِ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ ، لِأَنَّهُ يُقَارِنُ ذَبْحُهَا حَلْقَهُ ، قَالَهُ الأَصْمَعِيُّ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَالْجَوْهَرِيُّ ، وَالزَّمَخْشَرِيُّ ، وَيُقَالُ : عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ يَعُقُّ : بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا ، إذْ ذَبَحَ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ ، وَكَذَلِكَ إذَا حَلَقَ عَقِيقَتَهُ . الثَّالِثَةُ : فِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْعَقِيقَةِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِهَا عَلَى أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ اسْتِحْبَابًا مُتَأَكِّدًا ، وَبِهَذَا قَالَ : مَالِكٌ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ ، وَالْجُمْهُورُ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ إنَّهَا سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهَا ، لَمْ يُرِدِ الْوُجُوبَ الَّذِي يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ , وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْوُجُوبِ التَّأَكُّدَ عَلَى قَاعِدَتِهِ فِي وُجُوبِ السُّنَنِ . الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِوُرُودِ الأَمْرِ بِهَا ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ , قَالَ : وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ : " الْعَقِيقَةُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَكْرَهُونَ تَرْكَهُ " ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ , وَمِنْهُمْ : ابْنُ حَزْمٍ ، وَحَكَاهُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ ، قَالَ : وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابِنَا ، قَالَ النَّوَوِيُّ : وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ , وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : لا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الأَئِمَّةِ أَوْجَبَهَا إلا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ . الْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّهَا تَجِبُ فِي السَّبْعِ الأُوَلِ ، فَإِنْ فَاتَتْ لَمْ تَجِبْ بَعْدَ السَّبْعِ ، حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ . الْقَوْلُ الرَّابِعُ : إنْكَارُهَا وَأَنَّهَا بِدْعَةٌ قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ , قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَفْرَطَ فِي الْعَقِيقَةِ رَجُلانِ : رَجُلٌ قَالَ : إنَّهَا وَاجِبَةٌ ، وَرَجُلٌ قَالَ : إنَّهَا بِدْعَةٌ . وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ : هِيَ تَطَوُّعٌ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَفْعَلُونَهَا ، فَنَسَخَهَا ذَبْحُ الأَضْحَى ، فَمَنْ شَاءَ فَعَلَ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَلا وَجْهَ لَهُ , وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ إنْكَارَ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً , قَالَ وَخَالَفُوا فِي ذَلِكَ الأَخْبَارَ الثَّابِتَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ أَمْرٌ مَعْمُولٌ بِهِ بِالْحِجَازِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، ذَكَرَهُ مَالِكٌ : أَنَّهُ الأَمْرُ الَّذِي لا اخْتِلافَ فِيهِ عِنْدَهُمْ , وَقَالَ يَحْيَى الأَنْصَارِيُّ : أَدْرَكْتُ النَّاسَ لا يَدَعُونَ الْعَقِيقَةَ عَنِ الْغُلامِ وَعَنِ الْجَارِيَةِ , وَمِمَّنْ كَانَ يَرَى الْعَقِيقَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعَائِشَةَ ، وَرَوَيْنَا ذَلِكَ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَعَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَعَطَاءٍ ، وَأَبِي الزِّنَادِ ، وَجَمَاعَةٍ يَكْثُرُ عَدَدُهُمْ ، وَانْتَشَرَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي عَامَّةِ بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ ، مُتَّبِعِينَ مَا سَنَّهُ لَهُمُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلا يَضُرُّ السُّنَّةَ مَنْ خَالَفَهَا ا هـ . وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَؤُلاءِ احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْعَقِيقَةِ : " لا يُحِبُّ اللَّهُ الْعُقُوقَ " . وَلا حُجَّةَ فِيهِ ، لِأَنَّهُ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الاسْمَ ، ثُمَّ إنَّهُ قَالَ بَعْدَهُ : " مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ عَنِ الْغُلامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ ، وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ " فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ الاسْمَ لا الذَّبْحَ , وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ تَغْيِيرُ الاسْمِ الْقَبِيحِ إلَى الْحَسَنِ . الْقَوْلُ الْخَامِسُ : أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ عَنِ الْغُلامِ دُونَ الْجَارِيَةِ ، فَلا يُعَقُّ عَنْهَا ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَقَتَادَةَ ، وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، وَأَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ , وَادَّعَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ انْفِرَادَ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ بِهِ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
سَلْمَانَ بْنِ عَامِرٍ | سلمان بن عامر الضبي | صحابي |