باب العقيقة وغيرها


تفسير

رقم الحديث : 963

رَوَاهُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ، مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ " فِي الْفَرَعَةِ : هِيَ حَقٌّ ، وَلا يَذْبَحُهَا وَهِيَ غَرَاةٌ مِنَ الْغَرَاةِ تَلْصَقُ فِي يَدِك ، وَلَكِنْ أَمْكِنْهَا مِنَ اللَّبَنِ حَتَّى إذَا كَانَتْ مِنْ خِيَارِ الْمَالِ فَاذْبَحْهَا " ، وَقَالَ : صَحِيحٌ بِهَذَا الإِسْنَادِ . الثَّانِيَةُ : الْفَرَعُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَالْفَرَعَةُ بِزِيَادَةِ هَاءِ التَّأْنِيثِ وقَدْ عَرَفْتَ تَفْسِيرَهُ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ أَوَّلُ النِّتَاجِ ، وَأَمَّا كَوْنُهُمْ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ فَلَيْسَ مِنْ تَتِمَّةِ تَفْسِيرِهِ ، فَإِنَّ الاسْمَ صَادِقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُذْبَحْ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ ، وَأَنَّ أَبَا دَاوُد فَصَلَهُ فَجَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، فَيَكُونُ وَصْلُهُ بِالْحَدِيثِ مِنَ الإِدْرَاجِ ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ أَوَّلُ نِتَاجِ الْبَهِيمِ ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ وَلا يَمْلِكُونَهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي الأُمِّ وَكَثْرَةِ نَسْلِهَا ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا تَفْسِيرُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ، وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد ، أَنَّهُ أَوَّلُ النِّتَاجِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ ، وَكَذَا غَايَرَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بَيْنَهُمَا ، وَلا مَعْنَى لِهَذَا لِمَا قَرَرْته مِنْ أَنَّ الذَّبْحَ لَيْسَ دَاخِلا فِي مُسَمَّاهُ ، سَوَاءٌ كَانَ لِلطَّوَاغِيتِ أَوْ غَيْرِهَا ، وَأَطْلَقَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِلْحَدِيثِ النِّتَاجَ ، وَقَيَّدَهُ الْجَوْهَرِيُّ ، وَالْقَاضِي عِيَاضٌ وَابْنُ الأَثِيرِ بِنِتَاجِ النَّاقَةِ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ سِيدَهْ فِي الْمُحْكَمِ بِنِتَاجِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ ، فَمَا أَدْرِي هُوَ قَيْدٌ أَوْ مِثَالٌ ، ثُمَّ حَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ ، وَابْنُ الأَثِيرِ ، وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَوْلا آخَرَ فِي الْفَرَعِ ، وَهُوَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا إذَا أَتَمَّتْ إبِلُ الْوَاحِدِ مِنْهُمْ مِائَةً قَدَّمَ بَكْرًا فَذَبَحَهُ لِصَنَمِهِ ، فَهُوَ الْفَرَعُ وَلَمْ يَجْعَلْ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ ذَلِكَ خِلافًا ، بَلْ جَعَلَهُ مِنَ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ مَعَانٍ ، فَقَالَ : الْفَرَعُ وَالْفَرَعَةُ أَوَّلُ نِتَاجِ الإِبِلِ وَالْغَنَمِ ، وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ ، وَجَمْعُهُ فُرُعٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَالْفَرَعُ وَالْفَرَعَةُ ذَبْحٌ كَانَ يُذْبَحُ إذَا بَلَغَتْ الإِبِلُ مَا يَتَمَنَّاهُ صَاحِبُهَا ، وَجَمْعُهَا فِرَاعٌ ، وَالْفَرَعُ بَعِيرٌ كَانَ يُذْبَحُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا كَانَ لِلإِنْسَانِ مِائَةُ بَعِيرٍ نَحَرَ مِنْهَا بَعِيرًا كُلَّ عَامٍ ، فَأَطْعَمَ النَّاسَ وَلا يَذُوقُهُ هُوَ وَلا أَهْلُهُ ، وَالْفَرَعُ طَعَامٌ يُصْنَعُ لِنِتَاجِ الإِبِلِ كَالْخُرْسِ لِوِلادَةِ الْمَرْأَةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مَعَانِيَ أُخَرَ لَيْسَتْ مُلائِمَةً لِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي نَحْنُ فِيهِ . الثَّالِثَةُ : الْعَتِيرَةُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَكَسْرِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ ، بَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتٍ ، فَسَّرَهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ : بِأَنَّهَا الَّتِي تُذْبَحُ فِي رَجَبٍ ، وَفِي حَدِيثِ مِخْنَفٍ : بِأَنَّهَا الَّتِي تُسَمَّى الرَّجَبِيَّةَ ، وَقَيَّدَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ وَالنَّوَوِيُّ ذَلِكَ : بِأَنْ تُذْبَحَ فِي الْعَشْرِ الأُوَلِ مِنْهُ ، قَالَ النَّوَوِيُّ : وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَفْسِيرِهَا بِهَذَا ، وَفِيمَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْخَطَّابِيَّ بَعْدَ ذِكْرِهِ حَدِيثَ مِخْنَفٍ ، قَالَ : هُوَ الَّذِي يُشْبِهُ مَعْنَى الْحَدِيثِ وَيَلِيقُ بِحُكْمِ الدِّينِ ، فَأَمَّا الْعَتِيرَةُ الَّتِي كَانَ يَعْتَرِهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ فَهِيَ الذَّبِيحَةُ ، تُذْبَحُ لِلصَّنَمِ فَيُصَبُّ دَمُهَا عَلَى رَأْسِهِ ، وَالْعَتْرُ بِمَعْنَى الذَّبْحِ الهَتُّ . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْعَتِيرَةِ مَعْنًى آخَرَ ، وَهُوَ اللائِقُ بِتَفْسِيرِ الْمَنْفِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَجَعَلَ آخَرُونَ فِي ذَلِكَ خِلافًا ، قَالَ فِي الْمَشَارِقِ : قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : هِيَ الرَّجَبِيَّةُ ذَبِيحَةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا ، وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ فَنُسِخَ ذَلِكَ ، وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : بِبَقَاءِ حُكْمِهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَقِيلَ : الْعَتِيرَةُ نَذْرٌ كَانُوا يَنْذِرُونَهُ لِمَنْ بَلَغَ مَالُهُ كَذَا رَأْسًا أَنْ يَذْبَحَ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ مِنْهَا رَأْسًا فِي رَجَبٍ ، وَجَزَمَ فِي النِّهَايَةِ بِهَذَا الْقَوْلِ ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ : الْعَتِيرَةُ أَوَّلُ مَا يُنْتَجُ ، كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِآلِهَتِهِمْ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَقُولُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ : إنْ بَلَغَتْ إبِلِي مِائَةً عَتَرْتُ مِنْهَا عَتِيرَةً . وَفِي الصِّحَاحِ الْعِتْرُ الْعَتِيرَةُ ، وَهِيَ شَاةٌ كَانُوا يَذْبَحُونَهَا فِي رَجَبٍ لِآلِهَتِهِمْ ، مِثَالُ ذِبْحٍ وَذَبِيحَةٍ . انْتَهَى . فَقَيَّدَهَا بِالشَّاةِ ، وَقَدْ ظَهَرَ بِذَلِكَ الْخِلافُ فِي تَفْسِيرِ الْعَتِيرَةِ ، وَهُوَ قَادِحٌ فِي دَعْوَى الاتِّفَاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ . الرَّابِعَةُ : فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَفَى الْفَرَعَ وَالْعَتِيرَةَ ، وَفِي رِوَايَةِ النَّهْيِ عَنْهُمَا ، وَفِي حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو التَّخْيِيرُ بَيْنَ فِعْلِهِمَا وَتَرْكِهِمَا ، وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّهُمَا حَقٌّ ، وَفِي حَدِيثِ الْمِخْنَفِ الإِلْزَامُ بِالْعَتِيرَةِ ، وَفِي حَدِيثِ نُبَيْشَةَ الأَمْرُ بِالْعَتِيرَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِكَوْنِهَا فِي رَجَبٍ وَالإِلْزَامُ بِالْفَرَعِ ، وَأَنَّ تَأْخِيرَ ذَبْحِهِ إلَى كِبَرِهِ أَفْضَلُ ، قَالَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ : حَدِيثُ النَّهْيِ أَصَحُّ وَأَحَادِيثُ الإِبَاحَةِ أَكْثَرُ . انْتَهَى . وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ ، فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ النَّهْيَ نَاسِخٌ لِأَحَادِيثِ الإِبَاحَةِ . قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ : كَانَتْ الْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَفَعَلَهُمَا بَعْضُ أَهْلِ الإِسْلامِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ نَهَى عَنْهُمَا ، فَقَالَ : " لا فَرَعَةَ وَلا عَتِيرَةَ " ، فَانْتَهَى النَّاسُ عَنْهُمَا لِنَهْيِهِ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّهْيَ لا يَكُونُ إلا عَنْ شَيْءٍ قَدْ كَانَ يُفْعَلُ ، وَلا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، يَقُولُ : إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَهَاهُمْ عَنْهُمَا ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فِيهِمَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ ، قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ نُبَيْشَةَ : " إنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَإِنَّا كُنَّا نَفْرَعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ " . وَفِي إجْمَاعِ عُلَمَاءِ الأَمْصَارِ عَلَى النَّهْيِ عَنِ اسْتِعْمَالِهَا مَعَ ثُبُوتِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بَيَانٌ لِمَا قُلْنَاهُ ، وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْبَحُ الْعَتِيرَةَ فِي رَجَبٍ ، وَكَانَ يَرْوِي فِيهَا شَيْئًا . انْتَهَى . وَتَبِعَهُ ابْنُ بَطَّالٍ ، وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَكَانَ يَرْوِي فِيهَا شَيْئًا : لا يَصِحُّ ، وَأَظُنُّهُ حَدِيثَ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ أَبِي رَمْلَةَ ، عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ ، وَلا حُجَّةَ فِيهِ لِضَعْفِهِ ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ نَاسِخًا لَهُ وَالْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ . انْتَهَى . وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : أَنَّ جَمَاهِيرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى نَسْخِ الأَمْرِ بِالْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ ، وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الْحَازِمِيُّ : أَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ نَاسِخٌ لِأَحَادِيثِ الإِذْنِ ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى اسْتِحْبَابِ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ ، وَأَوَّلُوا النَّهْيَ , قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْمُزَنِيّ : الْفَرَعُ شَيْءٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَطْلُبُونَ بِهِ الْبَرَكَةَ فِي أَمْوَالِهِمْ ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ يَذْبَحُ بَكْرَ نَاقَتِهِ أَوْ شَاتِه ، وَلا يَغْذُوهُ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِيمَا يَأْتِي بَعْدَهُ ، فَسَأَلُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ، فَقَالَ : " أَفْرِعُوا إنْ شِئْتُمْ " ، أَيْ : اذْبَحُوا إنْ شِئْتُمْ ، وَكَانُوا يَسْأَلُونَهُ عَمَّا كَانُوا يَصْنَعُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خَوْفًا أَنْ يُكْرَهَ فِي الإِسْلامِ ، فَأَعْلَمَهُمْ " أَنَّهُ لا كَرَاهَةَ عَلَيْهِمْ فِيهِ " ، " وَأَمَرَهُمْ اسْتِحْبَابًا أَنْ يُغَذُّوهُ ثُمَّ يُحْمَلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ " ، وَقَوْلُهُ : الْفَرَعَةُ حَقٌّ ، " مَعْنَاهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَاطِلٍ ، وَلَكِنَّهُ كَلامٌ عَرَبِيٌّ خَرَجَ عَلَى جَوَابِ السَّائِلِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلامُ : " لا فَرَعَةَ وَلا عَتِيرَةَ " ، وَلَيْسَ هَذَا باخْتِلافً مِنَ الرِّوَايَةِ ، إنَّمَا هَذَا لا فَرَعَةَ وَاجِبَةٌ وَلا عَتِيرَةَ وَاجِبَةٌ ، وَالْحَدِيثُ الْآخَرُ يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى ذَا أَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ الذَّبْحَ ، وَاخْتَارَ أَنْ يُعْطِيَهُ أَرْمَلَةَ أَوْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَالْعَتِيرَةُ : هِيَ الرَّجَبِيَّةُ ، وَهِيَ ذَبِيحَةٌ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَرَّكُونَ بِهَا فِي رَجَبٍ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا عَتِيرَةَ " ، عَلَى مَعْنَى لا عَتِيرَةَ لازِمَةٌ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلامُ حَيْثُ سُئِلَ عَنِ الْعَتِيرَةِ : " اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ " . مَا كَانَ إنَّهَا فِي رَجَبٍ دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الشُّهُورِ ، هَذَا كُلُّهُ كَلامُ الشَّافِعِيِّ ، حَكَاهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ ، وَذَكَرَ ابْنُ كَجٍّ وَالدَّارِمِيُّ أَنَّهُمَا لا يُسْتَحَبَّانِ ، وَهَلْ يُكْرَهَانِ ؟ فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : يُكْرَهَانِ لِلْخَبَرِ . وَالثَّانِي : لا كَرَاهَةَ فِيهِمَا , وَحَكَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إنْ تَيَسَّرَ ذَلِكَ كُلَّ شَهْرٍ كَانَ حَسَنًا ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ : هَذَا النَّصُّ لِلشَّافِعِيِّ فِي سُنَنِ حَرْمَلَةَ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ حَدِيثٌ يَقْتَضِي التَّرْخِيصَ فِيهِمَا ، بَلْ ظَاهِرُهُ النَّدْبُ . فَالْوَجْهُ الثَّانِي يُوَافِقُهُ فَهُوَ الرَّاجِحُ ، وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بَعْدَ نَقْلِهِ : نَصَّ الشَّافِعِيِّ الْمُتَقَدِّمَ ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَهُوَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ : اسْتِحْبَابُ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ ، ثُمَّ حَكَى نَصَّ حَرْمَلَةَ ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الصَّحِيحُ : وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَاقْتَضَتْهُ الأَحَادِيثُ أَنَّهُمَا لا يُكْرَهَانِ بَلْ يُسْتَحَبَّانِ ، وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ : إنَّهُمَا لا يُسْتَحَبَّانِ . الْخَامِسَةُ : الَّذِينَ قَالُوا : بِنَفْيِ اسْتِحْبَابِ الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ حَمَلُوا قَوْلَهُ : " لا فَرَعَ وَلا عَتِيرَةَ " . عَلَى أَنَّ مَعْنَاهُ مُسْتَحَبَّانِ ، وَالَّذِينَ قَالُوا : بِاسْتِحْبَابِهِمَا أَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ الْمَعْنَى لا فَرَعَ وَاجِبٌ وَلا عَتِيرَةَ وَاجِبَةٌ ، وَهَذَا تَأْوِيلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ وَعَلَى جَوَابِ الأَوَّلِينَ النَّهْيُ الَّذِي فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ ، فَإِنَّهُ لا يَجِيءُ مَعَهُ نَفْيُ الْوُجُوبِ وَلا الاسْتِحْبَابِ ، وَلَعَلَّ رَاوِيَهُ رَوَى بِالْمَعْنَى فِي ظَنِّهِ فَأَخْطَأَ ظَنَّ أَنَّ مَعْنَى النَّفْيِ النَّهْيَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ مَعْنَاهُ نَفْيُ الاسْتِحْبَابِ أَوِ الْوُجُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ . ثَانِيهَا : أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالأُضْحِيَّةِ فِي الاسْتِحْبَابِ الْمُتَأَكِّدِ ، أَوْ فِي ثَوَابِ إرَاقَةِ الدَّمِ ، فَأَمَّا تَفْرِقَةُ اللَّحْمِ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَبِرٌّ وَصَدَقَةٌ . ثَالِثُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ مَا كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِأَصْنَامِهِمْ ، فَأَمَّا الذَّبِيحَةُ لا بِقَيْدِ كَوْنِهَا لِلأَصْنَامِ فَلا بَأْسَ بِهَا . السَّادِسَةُ : النِّتَاجُ : بِكَسْرِ النُّونِ ، وَقَوْلُهُ : يُنْتَجُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ عَلَى صِيغَةِ الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَأَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ، فَإِنَّ هَذَا الْفِعْلَ لا يُسْتَعْمَلُ إلا بِهَذِهِ الصِّيغَةِ ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ يُقَالُ : نَتَجَتْ النَّاقَةُ إذَا وَلَدَتْ ، وَقَوْلُهُ : وَفَصَلَهُ أَبُو دَاوُد بِتَخْفِيفِ الصَّادِ ، وَالطَّوَاغِيتُ هُنَا الْمُرَادُ بِهَا : الأَصْنَامُ ، وَمُفْرَدُهُ طَاغُوتٌ ، وَهُوَ مَقْلُوبٌ ، لِأَنَّهُ مِنْ طَغَا ، وَالطُّغْيَانُ : مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ ، وَقَوْلُهُ : نَعْتِرُ بِكَسْرِ التَّاءِ ، وَقَوْلُهُ : وَبَرُّوا اللَّهَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ ، أَيْ : أَطِيعُوهُ ، وَقَوْلُهُ : نَفْرَعُ بِفَتْحِ الرَّاءِ . السَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : " فِي كُلِّ سَائِمَةٍ فَرَعٌ " . السَّائِمَةُ : الرَّاعِيَةُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ لِذَلِكَ عَدَدًا ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ ، أَنَّهُ قَالَ : السَّائِمَةُ مِائَةٌ .

الرواه :

الأسم الرتبة
أَبِي هُرَيْرَةَ

صحابي

ابْنِ أَبِي عَمَّارٍ

ثقة

عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ

ضعيف الحديث

الْحَاكِمُ

مجهول الحال

Whoops, looks like something went wrong.