باب احياء الموات


تفسير

رقم الحديث : 1059

مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهُ " . فَقِيلَ لابْنِ عُمَرَ : مَا صَلاحُهُ ؟ فَقَالَ : تَذْهَبُ عَاهَتُهُ " . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ ، وَقَالَ فِيهِ : " قَالَ ابْنُ عُمَرَ : وَصَلاحُهُ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ " . وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ ، مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : " نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يُؤْمَنَ عَلَيْهِ الْعَاهَةُ ، قِيلَ : وَمَتَى ذَلِكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : إذَا طَلَعَتْ الثُّرَيَّا " . قَالَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ إسْنَادُهُ صَحِيحٌ . الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : " حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا " . أَيْ : يَظْهَرَ ، وَهُوَ بِلا هَمْزٍ ، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ : وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُنَبَّهَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَقَعُ فِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ ، حَتَّى يَبْدُوَا بِأَلْفٍ فِي الْخَطِّ ، وَهُوَ خَطَأٌ ، وَالصَّوَابُ حَذْفُهَا فِي مِثْلِ هَذَا لِلنَّاصِبِ , وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي إثْبَاتِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ نَاصِبٌ ، مِثْلُ زَيْدٌ يَبْدُوَا وَالاخْتِيَارُ حَذْفُهَا أَيْضًا . الثَّالِثَةُ : فِيهِ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا ، وَهَذَا يَشْتَمِلُ ثَلاثَةَ أَوْجُهٍ . إحْدَاهَا : بَيْعُهَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ، وَهَذَا صَحِيحٌ وَقَدْ حَكَى غَيْرُ وَاحِدٍ الإِجْمَاعَ عَلَيْهِ مِنْهُمُ النَّوَوِيُّ ، فَخَصَّ النَّهْيَ بِالإِجْمَاعِ ، لَكِنْ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ إلَى مَنْعِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ، أَيْضًا قَالَ : وَمِمَّنْ مَنَعَ بَيْعِ الثَّمَرَةِ مُطْلَقًا لا بِشَرْطٍ وَلا بِغَيْرِهِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى . انْتَهَى . وَهَذَا يَقْدَحُ فِي دَعْوَى الإِجْمَاعِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : فَلَوْ شَرَطَ الْقَطْعَ ثُمَّ لَمْ يَقْطَعْ فَالْبَيْعُ بَاقٍ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَيُلْزِمُهُ الْبَائِعُ بِالْقَطْعِ ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إبْقَائِهِ جَازَ . قَالُوا : وَإِنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ مُنْتَفَعًا بِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَالْجَوْزِ وَالْكُمَّثْرَى لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ . الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ : بَيْعُهَا بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ ، وَهَذَا بَاطِلٌ بِالإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ إدْرَاكِهَا ، فَيَكُونُ الْبَائِعُ قَدْ أَكَلَ مَالَ أَخِيهِ بِالْبَاطِلِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الأَحَادِيثُ ، فَإِذَا شَرَطَ الْقَطْعَ فَقَدِ انْتَفَى هَذَا الضَّرَرُ ، وَعَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهُ شَرْطٌ لا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ ، وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَبِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ صَفْقَتَيْنِ ، وَهُوَ إعَارَةٌ أَوْ إجَارَةٌ فِي بَيْعٍ . الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ : بَيْعُهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ قَطْعٍ وَلا تَبْقِيَةٍ ، وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْبُطْلانُ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى الصِّحَّةِ ، وَعَنْ مَالِكٍ قَوْلانِ كَالْمَذْهَبَيْنِ : قَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ : سَبَبُهُمَا الْخِلافُ فِي إطْلاقِ الْعَقْدِ ، هَلْ يَقْتَضِي التَّبْقِيَةَ فَيَبْطُلُ كَمَا فِي اشْتِرَاطِهَا ، أَوِ الْقَطْعَ فَيَصِحُّ كَاشْتِرَاطِهِ . وَالأَوَّلُ : رَأْيُ الْبَغْدَادِيِّينَ فِي حِكَايَتِهِمْ عَنِ الْمَذْهَبِ ، وَتَابَعَهُمْ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ , وَأَبُو إِسْحَاقَ التُّونِسِيُّ ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ . وَالثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ ، أَيْ : الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مُحْرِزٍ ، وَأَبِي الْحَسَنِ اللَّخْمِيِّ ، وَمَنْ وَافَقَهُمَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ، اسْتِقْرَاءً مِنْ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ فِيمَنْ اشْتَرَى ثَمَرَةَ نَخْلٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُهَا فَجَذَّهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلاحِ : الْبَيْعُ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَصْلِ بَيْعٍ شَرْطٌ أَنْ يَتْرُكَهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ صَرْفُ الإِطْلاقِ إلَى الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ كَمَا بَعْدَ الزَّهْوِ وَلِأَنَّ التَّبْقِيَةَ انْتِفَاعٌ بِمِلْكٍ آخَرَ لَمْ يُشْتَرَطْ وَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَيْهِ . انْتَهَى . وَأَجَابَ الْحَنَفِيَّةُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِجَوَابَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تُوجَدَ وَتُخْلَقَ ، فَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ السِّنِينَ ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِتَفْسِيرِهِ بُدُوَّ الصَّلاحِ فِي الْحَدِيثِ ، بِأَنَّهُ صُفْرَتُهُ وَحُمْرَتُهُ ، وَبِأَنَّهُ صَلاحُهُ لِلأَكْلِ مِنْهُ ، وَبِأَنَّهُ ذَهَابُ عَاهَتِهِ ، وَبِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ طُلُوعِ الثُّرَيَّا ، أَيْ : مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْنِ عُمَرَ

صحابي

Whoops, looks like something went wrong.