رَوَاهُ النَّسَائِيّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ ، عَنْ الْوَلِيدِ ، عَنْ حَفْصٍ وَهُوَ ابْنُ غَيْلانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، وَعَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ وَلَهُ وَفَاءٌ فَهُوَ حُرٌّ ، وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شُرَكَائِهِ بِقِيمَتِهِ لِمَا أَسَاءَ مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ " . وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ ، مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَدِيٍّ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ صَالِحٍ ، ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ثَنَا أَبُو مُعِيدٍ ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ : قَوْلُهُ : " لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ " . لا يَرْوِيهِ غَيْرُ أَبِي مُعِيدٍ وَهُوَ حَفْصُ بْنُ غَيْلانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى ، قَالَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَبُو مُعِيدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلانَ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْدَقِ وَثَّقَهُمَا الْجُمْهُورُ . انْتَهَى . وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ , وَإِسْكَانِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتَ . الْجَوَابُ الثَّانِي : قَالَ بَعْضُهُمْ : لَيْسَ مَعْنَى الاسْتِسْعَاءِ مَا فَهِمَهُ مِنْهُ الْجُمْهُورُ ، وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ الاكْتِسَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى يُحَصِّلَ قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ , وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُحْرَمَ سَيِّدُهُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ مِنَ الرِّقِّ ، وَلِهَذَا قَالَ : " غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ " . أَيْ : لا يَشُقُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يُكَلَّفَ مِنَ الْخِدْمَةِ فَوْقَ حِصَّةِ الرِّقِّ ، فَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الأَحَادِيثُ وَلا يَكُونُ بَيْنَهَا اخْتِلافٌ ، لَكِنْ يَرُدُّ هَذَا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِي قِيمَتِهِ . الْجَوَابُ الثَّالِثُ : قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : إنْ ثَبَتَ حَدِيثُ السِّعَايَةِ فَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الاخْتِيَارِ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : " غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ " . وَفِي الإِجْبَارِ عَلَيْهِ , وَهُوَ يَأْبَاهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ ، وَإِذَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الأَخْبَارِ مُخَالَفَةٌ ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ تَرْجِيحَ إسْقَاطِهِ السِّعَايَةَ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ . وَأَمَّا مُدْرَكُ النَّظَرِ فَضَعِيفٌ مِنْ جِهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الاسْتِسْعَاءَ كِتَابَةٌ ، وَالْكِتَابَةُ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ لا تَجِبُ , وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَادِرًا عَلَيْهَا . وَمَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ إلَى الْعَمَلِ بِحَدِيثِ الاسْتِسْعَاءِ , وَقَالَ : أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحَيْهِمَا ، وَحَسْبُك بِذَلِكَ ، فَقَدْ قَالُوا : إنَّ ذَلِكَ أَعْلا دَرَجَةِ الصَّحِيحِ ، وَالَّذِينَ لَمْ يَقُولُوا بِالاسْتِسْعَاءِ تَعَلَّلُوا فِي تَضْعِيفِهِ بِتَعْلِيلاتٍ لا يُمْكِنُهُمْ الْوَفَاءُ بِمِثْلِهَا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَحْتَاجُونَ إلَى الاسْتِدْلالِ فِيهَا بِأَحَادِيثَ تَرُدُّ عَلَيْهَا بِمِثْلِ تِلْكَ التَّعْلِيلاتِ . قَالَ : وَالنَّظَرُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ مُنْحَصِرٌ فِي تَقْدِيمِ إحْدَى الدَّلالَتَيْنِ عَلَى الأُخْرَى ، أَعْنِي : دَلالَةَ قَوْلِهِ : " عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ عَلَى رِقِّ الْبَاقِي " . وَدَلالَةُ اسْتَسْعَى عَلَى لُزُومِ الاسْتِسْعَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، وَالظَّاهِرُ تَرْجِيحُ هَذِهِ الدَّلالَةِ عَلَى الأُولَى . انْتَهَى . السَّابِعَةُ : قَوْلُهُ : " مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا " . بِكَسْرِ الشِّينِ هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى : " شِقْصًا " . وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْضًا ، وَقَالَ الشَّقِيصُ أَيْضًا : بِزِيَادَةِ يَاءٍ ، وَهُوَ النَّصِيبُ قَلِيلا كَانَ أَوْ كَثِيرًا ، وَالشِّرْكُ فِي الأَصْلِ مَصْدَرٌ أُطْلِقَ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ الْمُشْتَرَكُ , وَلا بُدَّ مِنْ إضْمَارِ أَيِّ جُزْءٍ مُشْتَرَكٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ فِي الْحَقِيقَةِ الْجُمْلَةُ , وَأَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ مَالِكًا لِعَبْدٍ بِكَمَالِهِ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ جَمِيعَهُ مُطْلَقًا لِمُصَادَفَةِ الْعِتْقِ مِلْكَهُ , وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُسْتَسْعَى فِي بَقِيَّتِهِ لِمَوْلاهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُشْتَرَكِ ، وَخَالَفَهُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ حَتَّى صَاحِبَاهُ . وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ : أَنَّ الْعُلَمَاءَ كَافَّةً عَلَى الأَوَّلِ ، وَانْفَرَدَ أَبُو حَنِيفَةَ بِقَوْلِهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ ، أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ ، وَرَبِيعَةَ ، وَحَمَّادٍ ، وَرِوَايَةً عَنِ الْحَسَنِ ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ . وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ : وَعَنِ الشَّعْبِيِّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيِّ ، أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْتِقَ مِنْ عَبْدِهِ مَا شَاءَ . انْتَهَى . وَفِيمَا نَقَلَهُ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ نَظَرٌ ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ : بِعِتْقِ الْجَمِيعِ فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّهُ مَمْلُوكًا لَهُ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِمْ مَا يُخَالِفُهُ . وَقَالَ : مَا نَعْلَمُ لِأَبِي حَنِيفَةَ مُتَقَدِّمًا قَبْلَهُ . وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ : الْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا إنْ مَاتَ مُشَاقِصُهُ عَتَقَ بَقِيَّتَهُ , وَإِلا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَهُ مُطَرِّفٌ ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ ، عَنْ مَالِكٍ ، وَكَيْفَ يَكْمُلُ عَلَيْهِ مَعَ الشَّرِيكِ قَضَاءً جَزْمًا ، وَيُحْكَمُ بِسِرَايَةِ الْعِتْقِ وَلا يَسْرِي الْعِتْقُ بِنَفْسِ الْقَوْلِ هُنَا . انْتَهَى . الثَّامِنَةُ : خَرَجَ بِقَوْلِهِ : " أَعْتَقَ " . مَا إذَا أُعْتِقَ عَلَيْهِ قَهْرًا ، بِأَنْ وَرِثَ بَعْضُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ ذَلِكَ الْقَدْرَ خَاصَّةً , وَلا سِرَايَةَ ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ ، وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ بِخِلافِهِ . التَّاسِعَةُ : وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا مَا إذَا أَوْصَى بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ مِنْ عَبْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَلا سِرَايَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَالَ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ وَيَصِيرُ الْمَيِّتُ مُعْسِرًا ، بَلْ لَوْ كَانَ كُلُّ الْعَبْدِ لَهُ ، فَأَوْصَى بِإِعْتَاقِ بَعْضِهِ أُعْتِقَ ذَلِكَ الْبَعْضُ , وَلَمْ يَسِرْ ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ أَنَّهُ يُقَوَّمُ فِي ثُلُثِهِ وَيُجْعَلُ مُوسِرًا بَعْدَ الْمَوْتِ . الْعَاشِرَةُ : قَوْلُهُ : " فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ " . أَيْ : ثَمَنَ بَقِيَّةِ الْعَبْدِ ، أَمَّا حِصَّتُهُ فَهُوَ مُوسِرٌ بِهَا لِمِلْكِهِ لَهَا ، فَيَعْتِقُ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَ أَصْحَابُنَا ، وَغَيْرُهُمْ : وَيُصْرَفُ فِي ثَمَنِ بَقِيَّةِ الْعَبْدِ جَمِيعُ مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ ، فَيُبَاعُ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ ، وَكُلُّ مَا فَضَلَ عَنْ قُوتِ يَوْمِهِ ، وَقُوتِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ، وَدَسْتُ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ ، وَسُكْنَى يَوْمٍ وَقَالَ أَشْهَبُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ : يُبَاعُ مِنَ الْكِسْوَةِ مَا فَضَلَ عَمَّا يُوَارِيهِ لِصَلاتِهِ . الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ : فَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَكِنَّهُ لا يَبْلُغُ ثَمَنَ بَقِيَّةِ الْعَبْدِ فَهَلْ يَعْتِقُ مِنْ بَقِيَّةِ الْعَبْدِ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ ، أَوْ لا يُعْتَقُ مِنْ بَقِيَّتِهِ شَيْءٌ ؟ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ : لا يَسْرِي لِأَنَّهُ شَيْءٌ لا يُفِيدُ الاسْتِقْلالَ فِي ثُبُوتِ أَحْكَامِ الأَحْرَارِ , وَقَالَ أَكْثَرُهُمْ : أَنَّهُ يَسْرِي إلَى الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ مُوسِرٌ بِهِ تَنْفِيذًا لِلْعِتْقِ بِحَسَبِ الإِمْكَانِ , وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الأَصَحُّ ، وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الأُمِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ . الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ : قَوْلُهُ : " قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ " . بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، أَيْ : بِلا زِيَادَةٍ وَلا نَقْصٍ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ : " وَلا وَكْسَ وَلا شَطَطَ " . وَالْوَكْسُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْكَافِّ ، وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، النَّقْصُ وَالشَّطَطُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا طَاءٌ مُهْمَلَةٌ مُكَرَّرَةٌ ، الْجَوْرُ . وَفِيهِ إثْبَاتُ التَّقْوِيمِ وَالأَخْذُ بِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِيمَةِ وَإِنْ كَانَ ظَنًّا وَتَخْمِينًا ، مَعَ أَنَّ أَصْلَ الشَّهَادَةِ أَنْ يَكُونَ بِالْيَقِينِ ، لَكِنْ اغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي التَّقْوِيمِ لِلضَّرُورَةِ . الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ : اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الْعُرُوضِ الَّتِي لا تُكَالُ وَلا تُوزَنُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لا مِثْلُهُ ، قَالَ : وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ , وَأَصْحَابُهُ ، قَالَ : وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، مِنْهُمْ : الشَّافِعِيُّ ، وَدَاوُد ، إلَى أَنَّ الْقِيمَةَ لا يُقْضَى بِهَا إلا عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ ، وَمَا حَكَاهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ مِنْ ضَمَانِ الْمُتْلَفِ الَّذِي لا يُكَالُ وَلا يُوزَنُ بِالْمِثْلِ مَرْدُودٌ ، فَلَمْ يَقُلْ الشَّافِعِيُّ بِذَلِكَ , وَإِنَّمَا ضَمَّنَهُ بِالْقِيمَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الْحَدِيثُ ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ أَصْحَابُنَا الضَّمَانَ بِالْمِثْلِ , وَلَوْ صُورَةً فِي الْقَرْضِ فَأَمَّا فِي بَابِ الإِتْلافَاتِ فَلا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ : قَوْلُهُ فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ ، أَيْ : إنْ كَانَ لَهُ شُرَكَاءُ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ وَاحِدٌ أَعْطَاهُ جَمِيعَ ثَمَنِ الْبَاقِي ، أَوْ شَرِيكَانِ أَعْطَاهُمَا . وَالْعَطِيَّةُ هُنَا عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ بِلا شَكٍّ فَلَوْ كَانَ لِلْمُعْتِقِ النِّصْفُ وَهُوَ مُوسِرٌ بِالْبَاقِي , وَلَهُ شَرِيكَانِ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَالْآخَرُ السُّدُسُ ، كَانَ الْمَدْفُوعُ بَيْنَهُمَا أَثْلاثًا , وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي عَكْسِ ذَلِكَ , وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ كُلٌّ مِنْ صَاحِبِ الثُّلُثِ وَالسُّدُسِ حِصَّتَهُ وَهُمَا مُوسِرَانِ ، فَهَلْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِمَا نَصِيبُ صَاحِبِ النِّصْفِ بِالسَّوِيَّةِ ، أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ حَتَّى يَكُونَ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِمَا أَثْلاثًا ؟ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ الثَّانِي ، وَالْخِلافُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ الأَوَّلُ ، وَهُوَ نَظِيرُ الْخِلافِ فِي الشُّفْعَةِ إذَا كَانَتْ لاثْنَيْنِ ، هَلْ يَأْخُذَانِهَا بِالسَّوِيَّةِ ، أَوْ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ ؟ وَالْخِلافُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ ، وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الْكُلِّ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْمَرِيضِ ، وَلَوْ مَرَضَ الْمَوْتِ بِنَاءً عَلَى الْعُمُومِ فِي الأَحْوَالِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ ، إلا أَنَّهُمْ خَصُّوهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بِمَا إذَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِي الثُّلُثِ كَتَصَرُّفِ الصَّحِيحِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ , وَعَنْ أَحْمَدَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهُ لا تَقْوِيمَ فِي الْمَرَضِ . السَّادِسَةَ عَشْرَةَ : وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنْه لا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ وَالشَّرِيكُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمِينَ أَوْ كُفَّارًا ، أَوْ بَعْضُهُمْ مُسْلِمِينَ وَبَعْضُهُمْ كُفَّارًا ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيَّةُ . وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ وَجْهَانِ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ مُسْلِمٍ ، هَلْ يَسْرِي عَلَيْهِ أَمْ لا ؟ وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ : إنْ كَانُوا كُفَّارًا فَلا سِرَايَةَ ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ كَافِرًا دُونَ شَرِيكِهِ فَهَلْ يَسْرِي عَلَيْهِ أَمْ لا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا دُونَ مَا إذَا كَانَ كَافِرًا ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ , وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ وَالْعَبْدُ مُسْلِمًا فَرِوَايَتَانِ , وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا سَرَى عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ . السَّابِعَةَ عَشْرَةَ : وَظَاهِرُهُ أَيْضًا تَنَاوَلَ مَا إذَا تَعَلَّقَ بِمَحَلِّ السِّرَايَةِ حَقٌّ لازِمٌ ، بِأَنْ يَكُونَ نَصِيبُ الشَّرِيكِ مَرْهُونًا أَوْ مُكَاتَبًا ، أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُسْتَوْلَدًا ، بِأَنْ اسْتَوْلَدَهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفِي ذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ خِلافٌ ، وَالأَصَحُّ عِنْدَهُمْ السِّرَايَةُ فِي الْمَرْهُونِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ دُونَ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِعَدَمِ قَبُولِهَا نَقْلَ الْمِلْكِ . الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ : وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لا فَرْقَ بَيْنَ عِتْقِ مَأْذُونٍ فِيهِ ، وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ : لا ضَمَانَ فِي الإِعْتَاقِ لِمَأْذُونٍ فِيهِ ، كَمَا لَوْ قَالَ لِشَرِيكِهِ : أَعْتِقْ نَصِيبَك . التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ : لا فَرْقَ بَيْنَ الإِعْتَاقِ بِالتَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ بِالصِّفَةِ مَعَ وُجُودِهَا ، فَإِنَّ مَجْمُوعَهُمَا كَالتَّنْجِيزِ ، وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ ، فَقَالَ مَالِكٌ ، وَابْنُ الْقَاسِمِ : يُقَوَّمُ عَلَيْهِ فَيُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ . وَقَالَ سَحْنُونٌ : إنْ شَاءَ الْمُتَمَسِّكُ قَوَّمَهُ السَّاعَةَ ، فَكَانَ جَمِيعُهُ حُرًّا إلَى سَنَةٍ مَثَلا ، وَإِنْ شَاءَ تَمَاسَكَ ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ السَّنَةِ إلا مِنْ شَرِيكِهِ وَإِذَا تَمَّتْ السَّنَةُ قُوِّمَ عَلَى مُبْتَدِئِ الْعِتْقِ عِنْدَ التَّقْوِيمِ . الْعِشْرُونَ : قَوْلُهُ : " فَكَانَ لَهُ مَالٌ " . يَقْتَضِي اعْتِبَارُ ذَلِكَ حَالَةَ الْعِتْقِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُعْسِرًا حَالَةَ الإِعْتَاقِ ، ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَسِرْ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ . الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لا فَرْقَ فِي السِّرَايَةِ فِيمَا إذَا مَلَكَ قِيمَةَ الْبَاقِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ أَمْ لا ؟ وَهُوَ الأَظْهَرُ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ ، وَالْخِلافُ فِي ذَلِكَ كَالْخِلافِ فِي أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ أَمْ لا ؟ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
جَابِرٍ | جابر بن عبد الله الأنصاري | صحابي |
ابْنِ عُمَرَ | محمد بن عمر بن أبي سلمة | مقبول |
سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى | سليمان بن موسى القرشي | مقبول |