- وَعَنْ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ ، قَالَ : " وَجَّهَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ نَضْلَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ فِي ثَلاثِ مِائَةٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ، فَأَغَارُوا عَلَى حُلْوَانَ ، فَافْتَتَحَهَا ، فَأَصَابَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً وَسَبْيًا كَثِيرًا ، فَجَاءُوا يَسُوقُونَ بِمَا مَعَهُمْ وَهُمْ بَيْنَ جَبَلَيْنِ حَتَّى أَرْهَقَتْهُمُ الْعَصْرُ ، فَقَالَ لَهُمْ نَضْلَةُ : انْصَرِفُوا بِالْغَنَائِمِ إِلَى سَفْحِ الْجَبَلِ فَفَعَلُوا ، ثُمَّ قَامَ نَضْلَةُ فَنَادَى بِالْأَذَانِ ، فَقَالَ : اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ، فَأَجَابَهُ صَوْتٌ مِنَ الْجَبَلِ لَا يُرَى مَعَهُ صُورَةٌ : كَبَّرْتَ كَبِيرًا يَا نَضْلَةُ . قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . قَالَ : أَخْلَصْتَ إِخْلَاصًا يَا نَضْلَةُ . قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، قَالَ : نَبِيٌّ بُعِثَ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ، قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ، قَالَ : فَرِيضَةٌ فُرِضَتْ ، قَالَ : حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ، قَالَ : أَفْلَحَ مَنْ أَتَاهَا وَوَاظَبَ عَلَيْهَا ، قَالَ : قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ ، قَالَ : الْبَقَاءُ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى رُءُوسِهَا تَقُومُ السَّاعَةُ ، فَلَمَّا صَلَّوْا قَامَ نَضْلَةُ ، فَقَالَ : أَيُّهَا الْمُتَكَلِّمُ الْكَلَامَ الطَّيِّبَ ، الْحَسَنَ الْجَمِيلَ ، قَدْ سَمِعْنَا كَلَامًا حَسَنًا ، أَفَمِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ أَنْتَ أَمْ طَائِفٌ أَمْ سَاكِنٌ ؟ ابْرُزْ لَنَا فَكَلِّمْنَا ، فَإِنَّا وَفْدُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَوَفْدُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَبَرَزَ لَهُمْ شَيْخٌ مِنْ شِعْبٍ مِنْ تِلْكَ الشِّعَابِ ، أَبْيَضُ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ ، لَهُ هَامَةٌ كَأَنَّهَا رَحَا ، طَوِيلُ اللِّحْيَةِ ، فِي طِمْرَيْنِ مِنْ صُوفٍ أَبْيَضَيْنِ ، قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، فَرَدُّوا عَلَيْهِ السَّلَامَ ، فَقَالَ لَهُ نَضْلَةُ : مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، قَالَ : أَنَا زُرَيْبُ بْنُ ثَرْمَلَا وَصِيُّ الْعَبْدِ الصَّالِحِ عيسى ابن مريم عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، دَعَا لِي بِالْبَقَاءِ إِلَى نُزُولِهِ مِنَ السَّمَاءِ ، فَقَرَارِي فِي هَذَا الْجَبَلِ ، فَأَقْرِئْ عُمَرَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ السَّلَامَ ، وَقُلْ لَهُ : اثْبُتْ ، وَسَدِّدْ ، وَقَارِبْ ، فَإِنَّ الْأَمْرَ قَدِ اقْتَرَبَ ، وَإِيَّاكَ يَا عُمَرُ ، إِنْ ظَهَرَتْ خِصَالٌ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتَ فِيهِمْ ، فَالْهَرَبَ الْهَرَبَ ، قَالَ نَضْلَةُ : يَا زُرَيْبُ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَأَخْبِرْنَا بِهَذِهِ الْخِصَالِ نَعْرِفُ بِهَا ذِهَابَ دُنْيَانَا وَإِقْبَالَ آخِرَتِنَا ، قَالَ : إِذَا اسْتَغْنَى رِجَالُكُمْ بِرِجَالِكُمْ ، وَاسْتَغْنَتْ نِسَاؤُكُمْ بِنِسَائِكُمْ ، وَكَثُرَ طَعَامُكُمْ فَلَمْ يَزْدَدْ سَعْدُكُمْ بِذَلِكَ إِلَّا غِلًّا ، وَكَانَتْ خِلَافَتُكُمْ فِي صِبْيَانِكُمْ ، وَكَانَ خُطَبَاءُ مَنَابِرِكُمْ عَبِيدَكُمْ ، وَرَكَنَ فُقَهَاؤُكُمْ إِلَى وُلَاتِكُمْ ، فَأَحَلُّوا لَهُمُ الْحَرَامَ ، وَحَرَّمُوا لَهُمُ الْحَلَالَ ، وَأَفْتَوْهُمْ بِمَا يَشْتَهُونَ ، وَاتَّخَذُوا الْقُرْآنَ أَلْحَانًا وَمَزَامِيرَ بِأَصْوَاتِهِمْ ، وَزَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ ، وَأَطَلْتُمْ مَنَابِرَكُمْ ، وَحَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَرَكِبَتْ نِسَاؤُكُمُ السُّرُوجَ ، وَكَانَ مُسْتَشَارُ أَمِيرِكُمْ خِصْيَانَكُمْ ، وَقُتِلَ الْبَرِيء لِتُوعَظَ بِهِ الْعَامَّةُ ، وَبَقِيَ الْمَطَرُ قَيْظًا ، وَالْوَلَدُ غَيْظًا ، وُحُرِمْتُمُ الْعَطَاءَ وَأَخَذَهُ الْعَبِيدُ وَالسُّقَّاطُ ، وَقَلَّتِ الصَّدَقَةُ حَتَّى يَطُوفَ الْمِسْكِينُ مِنَ الْحَوْلِ إِلَى الْحَوْلِ لَا يُعْطَى عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ، نَزَلَ بِكُمُ الْخِزْيُ وَالْبَلَاءُ ، ثُمَّ ذَهَبَتِ الصُّورَةُ فَلَمْ تُرَ ، فَنَادَوْا فَلَمْ يُجَابُوا ، فَلَمَّا قَدِمَ نَضْلَةُ عَلَى سَعْدٍ أَخْبَرَهُ بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَبِمَا كَانَ مِنْ شَأْنِ زُرَيْبٍ ، فَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُخْبِرَهُ ، فَكَتَبَ عُمَرُ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ للَّهِ أَبُوكَ سَعْدٌ ، ارْكَبْ بِنَفْسِكَ حَتَّى تَأْتِيَ الْجَبَلَ ، فَرَكِبَ سَعْدٌ حَتَّى أَتَى الْجَبَلَ فَنَادَى أَرْبَعِينَ صَبَاحًا ، فَلَمْ يُجَابُوا فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ وَانْصَرَفُوا " . رَوَاهُ مُعَاذُ بْنُ الْمُثَنَّى ، عَنْ مُسَدَّدٍ مَوْقُوفًا بِسَنَدٍ فِيهِ مُنْتَصِرُ بْنُ دِينَارٍ ، مَا عَلِمْتُهُ بِعَدَالَةٍ وَلَا جَرْحٍ ، وَبَاقِي رُوَاةِ الْإِسْنَادِ ثِقَاتٌ .