قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ لَهُ : ثنا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ لَهُ : ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النَّاجِيُّ ، ثنا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مَرْوَانَ السُّلَمِيُّ ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِيهِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " دَعَا رَبَّهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْمَغْفِرَةِ لأُمَّتِهِ إِلا ظَلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ حَقَّهُ مِنَ الظَّالِمِ " ، قَالَ : فَأَعَادَ الدُّعَاءَ ، فَقَالَ : " أَيْ رَبِّ ، إِنَّكَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ تُثِيبَ الْمَظْلُومَ خَيْرًا مِنْ مَظْلَمَتِهِ وَتَغْفِرَ لِهَذَا الظَّالِمِ " ، قَالَ : فَلَمْ يُجِبْهُ تِلْكَ الْعَشِيَّةَ شَيْئًا ، فَلَمَّا أَصْبَحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَعَادَ الدُّعَاءَ ، فَأَجَابَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ " ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ تَبَسَّمَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ : وَاللَّهِ لَقَدْ ضَحِكْتَ فِي سَاعَةٍ مَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِيهَا ، فَمَا أَضْحَكَكَ ؟ أَضْحَكَكَ اللَّهُ فَقَالَ : " ضَحِكْتُ أَنَّ الْخَبِيثَ إِبْلِيسَ حِينَ عَلِمَ أَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ غَفَرَ لأُمَّتِي وَاسْتَجَابَ دُعَائِي ، أَهْوَى يَحْثِي التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ وَيَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ ، فَضَحِكْتُ مِنَ الْخَبِيثِ مِنْ جَزَعِهِ " . أَوْرَدَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ طَرِيقِ الْمُسْنَدِ أَيْضًا ، وَنَقَلَ عَنِ ابْنِ حِبَّانَ ، أَنَّهُ قَالَ : كِنَانَةُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ جِدًّا ، وَلا أَدْرِي التَّخْلِيطَ مِنْهُ أَوْ مِنْ أَبِيهِ . قُلْتُ وَحَدِيثُ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ هَذَا قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الأَدَبِ مِنْهُ فِي بَابِ قَوْلِ : " أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ " . قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَسَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي الْوَلِيدِ ، وَأَنَا لِحَدِيثِ عِيسَى أَحْفَظُ ، قَالا : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ يَعْنِي السُّلَمِيَّ ، ثنا ابْنُ كِنَانَةَ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ : " ضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ : أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ " ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ ، انْتَهَى كَلامُ أَبِي دَاوُدَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ غَيْرَهُ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فَهُوَ صَالِحٌ عِنْدَهُ وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي كِتَابِ الْحَجِّ ، قَالَ : ثنا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَاشِمِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ السَّرِيِّ السُّلَمِيُّ ، ثنا اللَّهِ بْنُ كِنَانَةَ بْنِ عَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، نَحْوَ سِيَاقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ " فَأَضْحَكَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ " . انْتَهَى . وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُحَمَّدٍ بِهِ ، وَأَمَّا إِعْلالُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ لَهُ تِبْعًا لابْنِ حِبَّانَ بِكِنَانَةَ فَلَمْ يُصِبِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي تَقْلِيدِهِ لابْنِ حِبَّانَ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ ابْنَ حِبَّانَ تَنَاقَضَ كَلامُهُ فِيهِ ، فَقَالَ فِي الضُّعَفَاءِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْجَوْزِيُّ ، وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ فِي التَّابِعِينَ ، وَقَالَ ابْنُ مَنْدَهْ فِي تَارِيخِهِ : يُقَالُ إِنَّ لَهُ رُؤْيَةً ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ كِنَانَةَ أَكْثَرُ مَا يَقَعُ فِي الرِّوَايَاتِ مُبْهَمًا ، وَقَدْ سُمِّيَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِمَا ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ كَلامًا إِلا أَنَّ الْبُخَارِيَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ ، وَقَالَ : لَمْ يَصِحَّ ، انْتَهَى . وَلا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْحَدِيثِ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ مَوْضُوعًا ، وَقَدْ وَجَدَ لَهُ شَاهِدًا قَوِيًّا ، أَخْرَجَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، فَسَاقَ حَدِيثًا فِيهِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ وَهُوَ غُفْرَانُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ لِمَنْ شَهِدَ الْمَوْقِفَ ، وَلَيْسَ فِيهِ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَقَدْ أَوْسَعْتُ الْكَلامَ عَلَيْهِ فِي مَكَانٍ غَيْرَ هَذَا ، وَأَوْرَدَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ الطَّرِيقَ الْمَذْكُورَةَ أَيْضًا وَأَعَلَّهَا بِبَشَّارِ بْنِ بُكَيْرٍ الْحَنَفِيِّ رَاوِيهَا ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَقَالَ : إِنَّهُ مَجْهُولٌ . قُلْتُ : وَلَمْ أَجِدْ لِلْمُتَقَدِّمِينَ فِيهِ كَلامًا ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ هَانِئٍ الْغَسَّانِيُّ ، فَرَوَاهُ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ نَحْوَهُ ، وَهُوَ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ ، وَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا قَوِيٌّ لأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كِنَانَةَ لَمْ يُتَّهَمْ بِالْكَذِبِ ، وَقَدْ رَوَى حَدِيثَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَلَيْسَ مَا رَوَاهُ شَاذًّا ، فَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْحَسَنِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ ضِيَاءُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيُّ فِي الأَحَادِيثِ الْمُخْتَارَةِ مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ .