امر الحرة


تفسير

رقم الحديث : 379

وهب بْن جرير ، قَالَ : حَدَّثَنِي جويرية بْن أسماء ، قَالَ : سمعت أشياخ أهل المدينة يحدثون : أن معاوية لما كَانَ قريبا من مكة ، فلما راح من مر قَالَ لصاحب حرسه لا تدع أحدا يسير معي إلا من حملته أنا . فخرج يسير وحده حَتَّى إذا كَانَ وسط الأراك لقيه الحسين بْن عَلِيّ ، فوقف ، وقال : مرحبا وأهلا بابن بنت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد شباب المسلمين ، دابة لأبي عَبْد اللَّهِ يركبها ، فأتي ببرذون فتحول عَلَيْهِ ، ثم طلع عَبْد الرحمن بْن أَبِي بَكْر ، فَقَالَ : مرحبا وأهلا بشيخ قريش وسيدها وابن صديق هَذِهِ الأمة ، دابة لأبي مُحَمَّد ، فأتي ببرذون فركبه ، ثم طلع ابْن عُمَر ، فَقَالَ : مرحبا وأهلا بصاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن الفاروق وسيد المسلمين ، ودعا له بدابة فركبها ، ثم طلع ابْن الزبير ، فَقَالَ له : مرحبا وأهلا بابن حواري رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن الصديق وابن عمة رَسُول اللَّهِ ، ثم دعا له بدابة فركبها ، ثم أقبل يسير بينهم لا يسايره غيرهم حَتَّى دخل مكة ، ثم كانوا أول داخل وآخر خارج ، ليس فِي الأرض صباح إلا لهم فيه حباء وكرامة ، لا يعرض لهم بذكر شيء مما هُوَ فيه حَتَّى قضى نسكه وترحلت أثقاله ، وقرب مسيره إِلَى الكعبة وأنيخت رواحله ، فأقبل بعض القوم عَلَى بعض ، فقالوا : أيها القوم لا تخدعوا إنه والله ما صنع بكم لحبكم ولا كرامتكم ، وما صنعه إلا لما يريد ، فأعدوا له جوابا . وأقبلوا عَلَى الحسين ، فقالوا : أنت يا أبا عَبْد اللَّهِ ، قَالَ : وفيكم شيخ قريش وسيدها هُوَ أحق بالكلام . فقالوا : أنت يا أبا مُحَمَّد لعبد الرحمن بْن أَبِي بَكْر ، فَقَالَ : لست هناك ، وفيكم صاحب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابن سيد المسلمين يعَني ابْن عُمَر ، فقالوا لابن عُمَر : أنت ، قَالَ : لست بصاحبكم ولكن ولوا الكلام ابْن الزبير يكفيكم ، قالوا : أنت يا بْن الزبير . قَالَ : نعم إن أعطيتموني عهودكم ومواثيقكم ألا تخالفوني كفيتكم الرجل ، فقالوا : فلك ذَلِكَ . فخرج الإذن فأذن لهم فدخلوا ، فتكلم معاوية فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ ، ثم قَالَ : قد علمتم سيرتي فيكم وصلتي لأرحامكم وصفحي عَنكم وحملي لما يكون منكم ، ويزيد ابْن أمير المؤمنين أخوكم وابن عمكم وأحسن النَّاس فيكم رأيا ، وإنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة وتكونون أنتم الذين تنزعون وتؤمرون ، وتجبون وتقسمون ، لا يدخل عليكم فِي شيء من ذَلِكَ ، فسكت القوم ، فَقَالَ : ألا تجيبوني ، فسكتوا ، فأقبل عَلَى ابْن الزبير ، فَقَالَ : هات يا بْن الزبير فإنك لعمري صاحب خطبة القوم ، قَالَ : نعم يا أمير المؤمنين نخيرك من ثلاث خصال أيها ما أخذت فهو لك رغبة . قَالَ : لله أبوك اعرضهن . قَالَ : إن شئت صنعت ما صنع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإن شئت صنعت ما صنع أَبُو بَكْر فهو خير هَذِهِ الأمة بعد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وإن شئت صنعت ما صنع عُمَر فهو خير هَذِهِ الأمة بعد أَبِي بَكْر ، قَالَ : لله أبوك ، وما صنعوا ؟ قَالَ : قبض رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يعهد عهدا ولم يستخلف أحدا ، فارتضى المسلمون أبا بَكْر ، فإن شئت أن تدع هَذَا الأمر حَتَّى يقضي اللَّه فيه قضاءه فيختار المسلمون لأنفسهم ، فَقَالَ : إنه ليس فيكم اليوم مثل أَبِي بَكْر ، إن أبا بَكْر كَانَ رجلا تقطع دونه الأعَناق ، وإني لست آمن عليكم الاختلاف ، قَالَ : صدقت والله ما تحب أن تدعَنا عَلَى هَذِهِ الأمة ، قَالَ : فاصنع ما صنع أَبُو بَكْر ، قَالَ : لله أبوك ! قَالَ : وما صنع أَبُو بَكْر ؟ قَالَ : عمد إِلَى رجل من قاصية قريش ليس من بَنِي أبيه ولا من رهطه الأدنيين فاستخلفه ، فإن شئت أن تنظر أي رجل من قريش شئت ليس من بَنِي عَبْد شمس فترضى به ، قَالَ : لله أبوك ! الثالثة ما هي ؟ قَالَ : تصنع ما صنع عُمَر ، قَالَ : وما صنع عُمَر ؟ قَالَ : جعل هَذَا الأمر شورى فِي ستة نفر من قريش ليس فيهم أحد من ولده ولا من بَنِي أبيه ولا من رهطه ، قَالَ : فهل عَندك غير هَذَا ؟ قَالَ : لا ، قَالَ : فأنتم ؟ قالوا : ونحن أيضا ، قَالَ : إما لا فإني أحببت أن أتقدم إليكم أنه قد أعذر من أنذر ، وإنه قد كَانَ يقوم منكم القائم إلي فيكذبني عَلَى رءوس النَّاس ، فأحتمل له ذَلِكَ وأصفح عَنه ، وإني قائم بمقالة إن صدقت فلي صدقي وإن كذبت فعلي كذبي ، وإني أقسم لكم بالله لئن رد عَلِيّ منكم إنسان كلمة فِي مقامي هَذَا لا ترجع إليه كلمته حَتَّى يسبق إلي رأسه فلا يرعين رجل إلا عَلَى نفسه ، ثم دعا صاحب حرسه ، فَقَالَ : أقم عَلَى رأس كل رجل من هؤلاء رجلين من حرسك ، فإن ذهب رجل يرد عَلِيّ كلمة فِي مقامي هَذَا بصدق أو كذب فليضرباه بسيفيهما ، ثم خرج وخرجوا معه حَتَّى إذا رقى المنبر فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ ، ثم قَالَ : إن هؤلاء الرهط سادة المسلمين وخيارهم لا نستبد بأمر دونهم ولا نقضي أمرا إلا عَن مشورتهم ، وإنهم قد رضوا وبايعوا ليزيد ابْن أمير المؤمنين من بعده ، فبايعوا بسم اللَّه ، فضربوا عَلَى يديه ثم جلس عَلَى راحلته وانصرف فلقيهم النَّاس ، فقالوا : زعمتم وزعمتم فلما أرضيتم وحبيتم فعلتم ! قالوا : إنا والله ما فعلنا ، قالوا : فما منعكم أن تردوا عَلَى الرجل إذ كذب ؟ ثم بايع أهل المدينة والناس ثم خرج إِلَى الشام " .

الرواه :

الأسم الرتبة
ابْن الزبير

صحابي

معاوية

صحابي