قَالَ أَبُو الحسن : عَن عَلِيّ بْن سليم : " خرج جراشة بْن شيبان سنة تسع وسبعين ومائة ، فأتى السواد ، ثم البندنيجين فقتل بها عُمَر بْن عمران بْن جميل الفزاري ، ثم مضى إلى الدينور فلقيه الليث ، فهزمه جراشة وقتل من أصحابه بضعة وثلاثين رجلا ، ورجع جراشة إِلَى حلوان ، فكتب ليث إِلَى مالك بْن عَلِيّ الخزاعي وهو عَلَى حلوان وماه أن جراشه قد توجه إليك وهو مهزوم مفلول فِي نفر يسير ، فنادى فِي النَّاس ليخرجوا ، فَقَالَ له كاتبه : أنشدك اللَّه فِي نفسك ، ما تريد من رجل لم يأتك ؟ قَالَ : اسكت إني لأرجو أن آخذه أسيرا ، فخرج وخرج معه قوم من العرب أتوه زوارا فخرج قبل الفطر بيوم وذلك سنة ثمانين ومائة ، فعارضه فلقيه فِي موضع ، يقال له : قنداب عَلَى ستة فراسخ من حلوان ، فقتل من الخوارج خمسة وأربعون رجلا ، وطعَن رجل من الخوراج مالكا فِي فيه وسقط ونادى أصحابه : قتل الأمير ، وانهزموا فاتبعوهم فقتلوهم . فقتل من أصحاب مالك مائة رجل وخمسون رجلا . ثم أتى جراشة شهرزور فاجتمع التجار وخندقوا عَلَى أنفسهم ، فحصرهم ثمانية عشر يوما ، فصالحه يحيى بْن النضر من ماله عَلَى أن يدخل القرية رجلان فيحكمان فِيهَا ثم يخرجان ففعل ، ثم خرج فأتى سنداباذ ، وسرح إِلَى نهاوند وهمذان من يجبيهما ، ووجه الفضل بْن يحيى إِبْرَاهِيم بْن جبريل فِي ألفين ، وعقد له يوم الفطر فسار حَتَّى أتى ماه ثم خرج يريد جراشة ، فلقيه جراشة فِي ثمانين ومائة رجل ، ومعه أَبُو ثور رجل من أهل أرمينية ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وحمل رجل من الصغد عَلَى جراشة فطعَنه فرمى به عَلَى عَنق فرسه ، وأحاطت به الرماح ورماه رجل فأصاب جبهة فرسه ، فشب به فرسه فعاد فِي السرج ، واحتمله الفرس واتبعه أصحابه ، فقتلنا منهم خمسين ومائة رجل ، وقتل أَبُو ثور ، واتبعهم إِبْرَاهِيم بْن جبريل فسبقه جراشة إِلَى قصر اللصوص عَلَى ثمانية فراسخ من الموضع الَّذِي لقيه فيه ، ثم أخذ إِلَى قرماسين ، ثم عدل إِلَى مروج أمير المؤمنين ، فأخذ دواب وأخذ طريق شهرزور ، وأخذ أَبُو بهجة رجل من أصحاب جراشة إِلَى ماه وأتى جراشة شهرزور فِي ستين رجلا سار إليها ثلاثة أيام تسعين فرسخا ، فبات عَند يحيى بْن النضر ليلة ، ثم عبر دجلة ، فأتى إِبْرَاهِيم بْن جبريل شهرزور ، فأقام أربعة أيام وقد هلكت دوابه ، ثم اتبع جراشه وقد أتى الأنبار فأقام ثمانية عشر يوما ، ثم أخذ إِلَى القادسية ، وسار إِبْرَاهِيم وأتاه المدد ، وأقبل خالد بْن يَزِيد بْن حاتم فِي ألفين ، فنزل العذيب ، وخرج جراشة فأخذ طريق البصرة واتبعه إِبْرَاهِيم فرجع جراشة إِلَى وادي السباع ، ثم أخذ عَلَى العذيب وأخذ فِي البرية ، ورجع إِبْرَاهِيم يتبع جراشة فنزل القطقطانة ، ثم أتى قصر مقاتل ، ثم أتى عين التمر ، فقيل له : مر اليوم يريد هيت . فنزل وادي البردان ، فقيل له : مضى بين أيديكم ، فاتبعه إِبْرَاهِيم إِلَى ثميل وعليه أناس من بَكْر ابْن وائل بعد عتمة ، فقالوا : أتانا صلاة العصر فقتل خمسة نفر وحبس النَّاس ، فلما اعتم خرج لا ندري أين توجه ، فأخذ إِبْرَاهِيم الأدلاء فسرحهم ، فَقَالَ : ائتوني بخبره ، فأتوه نصف الليل فأخبروه أنه قد رجع إِلَى وادي البردان ، فرجع إِبْرَاهِيم إِلَى وادي البردان وسرح الأدلاء ، فقالوا : أخذ نحو الجنيبة ، فبلغه أن الخيل عَلَى الفرات فرجع إِلَى ثميل ، فاتبعه إِبْرَاهِيم إِلَى ثميل ، ثم سار حَتَّى نزل عَلَى فرسخين من ثميل ، بموضع يقال له : الرمانتان ، ثم مضى يريد هيت ، واتبعه إِبْرَاهِيم فِي ليلة ظلماء فأضل الدليل الطريق ، فأصبح بينه وبين هيت ثمانية عشر فرسخا ، ونزل جراشة عين أبعد ، فسرح إِلَى هيت رجلا يعلم هل هناك خيل . فلقي مسلم بْن بكار بْن مسلم رَسُول جراشة فأنكره ، فأخذه فَقَالَ : أدلك عَلَى جراشة ، فسار إليه مسلم ومعه عبيد بْن يقطين ، فأتوا جراشة وهو نائم فقتلوه وقتلوا ثلاثة عشر رجلا من أصحابه ، وبلغ إِبْرَاهِيم قتله فرجع إِلَى هيت " .