أنبأنا ذاكر بْن كامل الحذاء ، قَالَ : كتب إلى أَبُو مُحَمَّد هبة الله بْن أَحْمَد بْن الأكفاني الدمشقي ، حَدَّثَنَا عَبْد العزيز أَحْمَد بْن مُحَمَّد الكتاني الأستاذ جوهر بْن عَبْد الله الجيشاري ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن شاذان الْمَوْصِليّ ، حَدَّثَنَا مصعب الخراساني بِحضرة المتقي أمير المؤمنين ، قَالَ : لقيتُ مكلبة صاحب رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخراسان ، ويده ملفوفة بِمنديل ، قلت لَهُ : ما ليدك ملفوفة ؟ قَالَ : مخافة أن لا تقطع . وكان يَخرج فِي الليلة المظلمة تُضيء مثل الشمعة ، فقلتُ لَهُ : ما سبب هذا النور ، قَالَ : " كُنَّا مَعَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غزاة ، وقد ألقى نفسه تَحت الأراك وكشف عَن صدره ، وقال : يا مكلبة ، تعال انظر قلب نبيك كيف يخطف من العطش . فرأيته يضطرب كجناح الطيرة ، فقال : هذا من شدة العطش يا مكلبة . فرفعتُ يدي عَن صدره فهذا الشعاع من ذَلِكَ الخفقان ، ثُمَّ قَالَ : يا مكلبة اذهب إلى تِلْكَ الأراك . وأومأ بيده إليها ، فأخذت السطحية ومضيت ، فإذا بعين خرارة فملأت الإداوة ولَم أشرب ولَمْ أتوضأ ، وقال : يا مكلبة شربتُ ؟ فقلتُ : لا يا رسول الله ، أنت عطشان وأنا أشرب . فقال : اشرب وتوضأ . وغارت العين " . وقال الذهبي فِي الميزان : مكلبة بْن ملكان الخوارزمي زعم أَنَّهُ صحابي ، فإنما افترى وأما هُوَ شيء لا وجود لَهُ . قرأت فِي تاريخ خوارزم لِمحمود بْن أرسلان : أَنْبَأنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن علي الْمَوْصِليّ الصوفي بِخوارزم سنة ثَمان وخمس مائة ، حَدَّثَنَا عُمَر بْن أبي الْحَسَن الرؤاسي بدهستان سنة أربع وثَمانين وأربع مائة ، حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بْن عَبْد الله بْن مُحَمَّد أَبُو القاسم الحافظ بنيسابور ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد المذكر ، أَنْبَأنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن مُحَمَّد البغدادي ، حَدَّثَنَا المظفر بْن عاصم العجلي وذكر أن لَهُ مائة وتسعين سنة ، حَدَّثَنَا مكلبة بْن ملكان بِخوارزم ، قَالَ : " غزوتُ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أربعًا وعشرين غزوة ، فخرج عَلَيْهِ الكفار مرة فقتلنا منهم مقتلة عظيمة وهزمناهم " . فذكر حديثًا طويلاً ركيكًا ، فِيهِ : وأخرجتُ يدي من صدره عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وقد نارت بنوره " قَالَ مكلبة : كنت شيخًا فارسيًا ، فلما سَمِعَ بي الناس أنكروني فأدخلوني عَلَى أمير خراسان ، واجتمعَ علي خلق والناس بين مصدق وغير ذَلِكَ ، فأخرجتُ يميني ، وقد تنور نور رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فصدقوني . قَالَ المظفر : كتبتُ هذا وأنا ابن ثَمان عشرة ، ولِمكلبة يومئذ مائة وخمسة وستون سنة . قَالَ الذهبي : حَدَّث مظفر بِهذه التامة أيضًا بسامر سنة إحدى عشرة وثلاث مائة ، وسمعه مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن معاذ بْن شاذان المقرئ من المظفر ، وزاد فِيهِ : قَالَ مظفر : ولدت فِي آخر دولة بني أمية . وذكر أَنَّهُ سقطت أسنانه من الكبر ثلاث مرات ، ومولده بالكوفة ومنشؤه بِخراسان . وروى أَبُو بَكْر المفيد الجرجائي ، عَن المظفر ، عَن مكلبة ، حديثًا باطلاً فهذه إما وضعه المظفر ، وأما مكلبة وكان فِي حدود أربعين ومائة . انتهى كلام الذهبي . وقال الحافظ ابن حجر فِي الإصابة : مكلبة بْن ملكان الخوارزمي شخصٌ كذاب أو لا وجود لَهُ ، زعم أن لَهُ صحبة . وساق الحديث الَّذِي ذكره صاحب الميزان . وقال الذهبي بعد إيراده : هذا هُوَ الكذب . وقال الحافظ عماد الدين بْن كثير فِي جامع المسانيد : أعجوبة من العجائب مكلبة بْن ملكان أمير خوارزم بعد الثلاث مائة بقليل ، ادعى الصحبة ، وأنه غزا فِي زمان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعًا وعشرين غزوة ، فإن كَانَ قد صح السند إِلَيْهِ بِهذه الدعوى فقد افترى فِي هذه الدعوى ، وإن لَم يكن السند إِلَيْهِ صحيحًا وهو الأغلب عَلَى الظن ، فقد ائتفكه بعض الرواة ، ولَمْ يرو عَنْهُ إلا المظفر بْن عاصم العجلي ، ولستُ أعرفه والغالب أَنَّهُ نكرة لا يعرف ، انتهى . والله أعلم بالصواب .
الأسم | الشهرة | الرتبة |