أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ الصَّالِحِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِِ النُّعْمَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جَمَاعَةٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِِ الْقُرَشِيُّ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ ، قَالَ : " كِتَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المُقَوْقِسِ مَعَ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، إِلَى الْمُقَوْقِسِ عَظيمِ القِبْطِ ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى . أَمَّا بَعْدُ : فَإِنِّي أدْعُوكَ بدِعايَةِ الإِسْلامِ أسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، فَإِنْ تَوِلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إثْمَ القِبْطِ ، يَأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ سورة آل عمران آية 64 , وَخَتَمَ الْكِتَابَ ، فَخَرَجَ بِهِ حَاطِبُ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ الإِسْكَنْدَرِيَّةَ ، فَانْتَهَى إِلَى حَاجِبِهِ فَلَمْ يُلْبِثْهُ أَنْ أَوْصَلَ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ حَاطِبٌ لِلْمُقَوْقِسِ لَمَّا لَقِيَهُ إِنَّهُ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ الرَّبُّ الأَعْلَى فَأَخَذَهُ اللَّه نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى ، فَانْتَقَمَ بِهِ ثُمَّ انْتَقَمَ مِنْهُ ، فَاعْتَبِرْ بِغَيْرِكَ وَلا يَعْتَبِرُ غَيْرُكَ بِكَ ، قَالَ : هَاتِ ، قَالَ : إِنَّ لَنَا دِينًا لَنْ نَدَعَهُ إِلا لِمَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَهُوَ الإِسْلامُ الْكَافِي بِهِ اللَّهُ مَا سِوَاهُ ، إِنَّ هَذَا النَّبِيَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، دَعَا النَّاسَ فَكَانَ أَشَدَّهُمْ عَلَيْهِ قُرَيْشٌ وَأَعْدَاهُمْ لَهُ الْيَهُودُ وَأَقْرَبَهُمْ مِنْهُ النَّصَارَى ، وَلَعَمْرِي مَا بِشَارَةُ مُوسَى بِعِيسَى ، إِلا كَبِشَارَةِ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا دُعَاؤُنَا إِيَّاكَ إِلَى الْقُرْآنِ إِلا كَدُعَائِكَ أَهَلَ التَّوْارَةِ إِلَى الإِنْجِيلِ ، وَكُلُّ نَبِيٍّ أَدَرَكَ قَوْمًا فَهُمْ مِنْ أُمَّتِهِ ، فَالْحَقُّ عَلَيْهِم أَنْ يُطِيعُوهُ ، فَأَنْتَ مِمَّنْ أَدْرَكَهُ هَذَا النَّبِيُّ ، وَلَسْنَا نَنْهَاكَ عَنْ دِينِ الْمَسِيحِ ، وَلَكِنَّا نَأْمُرُكَ بِهِ ، فَقَالَ الْمُقَوْقِسُ : إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ هَذَا النَّبِيِّ فَوَجَدْتُهُ لا يَأَمْرُ بِمَزْهُودٍ فِيهِ ، وَلا يَنْهَى ، عَنْ مَرْغُوبٍ عَنْهُ ، وَلَمْ أَجِدْهُ بِالسَّاحِرِ الضَّالِ ، وَلا بِالْكَاهِنِ الْكَاذِبِ ، وَوَجَدْتُ مَعَهُ آَيَةَ النُّبُوَّةِ بِإِخْرَاجِ الْخِبْءِ وَالإِخْبَارِ بالنَّجْوَى ، وَسَأَنْظُرُ ، وَأَخَذَ كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ ، وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ ، ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ يَكْتُبُ بِالْعَرَبِيَّةِ ، فَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمْنِ الرَّحِيمِ ، لِمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ , مِنَ الْمُقَوْقِسِ عَظِيمِ الْقِبْطِ سَلامٌ عَلَيْكَ ، أَمَّا بَعْدُ : فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ ، وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ فِيهِ ، وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ ، قَدْ عَلِمْتَ أَنْ نَبِيًا بَقِيَ ، وَكُنْتُ أَظُنُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِالشَّامِ ، وَقَدْ أَكْرَمْتَ رُسُولَكَ وَبَعَثْتُ إِلَيْكَ بِجَارِيَتَيْنِ لَهُمَا مَكَانٌ فِي الْقِبْطِ عَظِيمٌ ، وَكِسْوَةٍ ، وَأَهْدَيْتُ إِلَيْكَ بَغْلَةً لِتَرْكَبَهَا ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ . وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا ، وَلَمْ يُسْلِمْ ، وَالْجَارِيَتَانِ مَارِيَةُ وَسِيرِينُ ، وَالْبَغْلَةُ دُلْدُلُ بَقِيَتْ إِلَى زَمَنِ مُعَاوِيَةَ رَضْيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَتْ شَهْبَاءُ وَلَمَّا خَتَمَ الْكِتَابَ دَفَعَهُ إِلَى حَاطِبِ وَأَمَرَ لَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَخَمْسَةِ أَثْوَابٍ ، وَقَالَ لَهُ : ارْجَعْ إِلَى صَاحِبِكَ وَلا تَسْمَعْ مِنْكَ الْقِبْطُ حَرْفًا وَاحِدًا ، فَإِنَّ الْقِبْطَ لا يُطَاوِعُونَ فِي اتِّبَاعِهِ ، وَأَنَا أَضِنُّ بِمُلْكِي أَنْ أُفَارِقَهُ ، وَسَيَظْهَرُ صَاحِبُكَ عَلَى الْبِلادِ وَيَنْزِلُ بِسَاحَتِنَا هَذِهِ أَصْحَابُهُ مِنْ بَعْدِهِ ، فَارْحَلْ مِنْ عِنْدِي ، قَالَ : فَرَحَلْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ أَقُمْ عِنْدَهُ إِلا خَمْسَةَ أَيَّامٍ ، فَلَّمَا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرْتُ لَهُ مَا قَالَ لِي ، فَقَالَ : ضَنَّ الخَبِيثُ بُملْكِهِ وَلا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ " . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : اسْمُهُ جُرَيْجُ بْنُ مِينَا ، أَثْبَتَهُ أَبُو عُمَرَ فِي الصَّحَابَةِ ، ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ : يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَمْ يُسْلِمْ ، كَانَتْ شُبْهَتُهُ فِِي إِثْبَاتِهِ إِيَّاهُ فِِي الصَّحَابَةِ رِوَايَةً رَوَاهَا ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي الْمُقَوْقِسُ : " أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَحًا مِنْ قَوَارِيرَ وَكَانَ يَشْرَبُ فِيهِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِِ بْنِ عُتْبَةَ | عبيد الله بن عبد الله الهذلي / توفي في :94 | ثقة فقيه ثبت |
ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ | ابن سيد الناس الأندلسي / ولد في :671 / توفي في :734 | ثقة إمام |
الزُّهْرِيِّ | محمد بن شهاب الزهري / ولد في :52 / توفي في :124 | الفقيه الحافظ متفق على جلالته وإتقانه |
أَبُو عَبْدُ اللَّهِِ الْقُرَشِيُّ | محمد بن محمد الصالحي / ولد في :705 / توفي في :794 | مقبول |
ابْنُ إِسْحَاقَ | ابن إسحاق القرشي / توفي في :150 | صدوق مدلس |
ابْنُ جَمَاعَةٍ | أبو بكر بن عمر الحموي | مجهول الحال |
أَبُو عُمَرَ | محمد بن يوسف الأزدي / ولد في :243 / توفي في :320 | ثقة إمام |
الدَّارَقُطْنِيُّ | الدارقطني / ولد في :306 / توفي في :385 | ثقة حافظ حجة |
أَبُو عُمَرَ يُوسُفُ بْنُ حَسَنِ الصَّالِحِيُّ | يوسف بن عبد الهادي المقدسي / ولد في :840 / توفي في :909 | صدوق حسن الحديث |