باب ما جاء في الانفال وتاويلها وما يخمس منها


تفسير

رقم الحديث : 1125

أنا سُفْيَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ إِسْرَائِيلَ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، قَالَ : " لَيْسَ عَلَى الْفِصَالِ حَتَّى تَكُونَ بَنَاتَ مَخَاضٍ صَدَقَةٌ ، وَلا عَلَى السِّخَالِ وَلا عَلَى الْبَقَرِ حَتَّى يُجْذِعْنَ " . وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ : إِنَّ فِيهِ وَاحِدَةً مِنْهَا . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلِكُلٍّ مَذْهَبٌ ذَهَبَ إِلَيْهِ ، فَأَمَّا سُفْيَانُ ، فَنَرَاهُ أَرَادَ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَاجِبَةٌ فِي الْمَاشِيَةِ ، كُبَّارًا كَانَتْ أَوْ صِغَارًا ، وَلَكِنْ يَقُولُ : لَيْسَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يَأْخُذَ فِيهَا مِنَ الأَسْنَانِ دُونَ ابْنَةِ مَخَاضٍ ، وَفَوْقَ ذَلِكَ مِمَّا يُؤْخَذُ ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمُصَدِّقُ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فَضْلَ مَا بَيْنَ السِّنِّ الَّتِي أَخَذَ ، وَبَيْنَ الْحُوَارِ الَّذِي وَجَبَ ، فَتَكُونُ الصَّدَقَةُ قَدْ أُخِذَتْ عَلَى فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا ، وَيَكُونُ رَبُّ الْمَالِ قَدْ رَجَعَ إِلَيْهِ الْفَضْلُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَحُجَّتُهُ أَنْ يَقُولَ : إِنَّ الإِبِلَ قَدْ تَكُونُ فِيهَا الأَسْنَانُ الْجِلَّةُ ، مِثْلُ : الثَّنِيَّةِ وَالرَّبَاعِيَةِ وَالسَّدِيسِ وَالْبَازِلِ ، وَفَوْقَ ذَلِكَ ، فَلا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ مِنْ هَذِهِ الأَسْنَانِ الْعَالِيَةِ شَيْءٌ ، وَإِنَّمَا الْفَرَائِضُ دُونَهَا مِثْلُ بَنَاتِ الْمَخَاضِ ، وَبَنَاتِ اللَّبُونِ ، وَالْحِقَاقِ ، وَالْجِذَاعِ ، يَقُولُ : فَكَمَا يُعْفَى لَهُمْ عَنْ أَخْذِ تِلْكَ الْجِلَّةِ ، فَكَذَلِكَ يَحْتَسِبُ عَلَيْهِمْ بِالْحِيرَانِ وَالرَّبَاعِ وَالسَّقَابِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُسِنٌّ ، وَأَمَّا الَّذِي قَالَ : لا صَدَقَةَ فِيهَا ، فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِإِبِلٍ ، وَإِنَّمَا جَاءَتِ الصَّدَقَةُ فِي الإِبِلِ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِهَذِهِ رِبَاعٌ وَفُصْلانُ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلا شَيْءَ فِيهَا ، وَأَمَّا الَّذِي يَقُولُ : فِيهَا وَاحِدَةٌ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا تَكُونُ مِنْ حَوَاشِي الْمَالِ لا مِنْ خِيَارِهَا , فَكَيْفَ يُؤْخَذُ مِنْ رَبِّهَا أَعْلَى مِنَ الأَسْنَانِ الَّتِي مَلَكَ ؟ يقول : فإذا أخذ المصدق واحدة من عرضها ، ليست بأحسن المال ، فقد استوفى منه ما وجب عليه ، أو زاد على ذلك . قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلاءِ مَقَالٌ ، إِلا أَنَّ أَشْبَهَهَا بِتَأْوِيلِ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَةِ عِنْدِي ، قَوْلُ مَالِكٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَرَضَ فَرَائِضَ الصَّدَقَةِ ، وَذَكَرَ أَسْنَانَهَا ، قَدْ عَلِمَ أَنَّ الْمَاشِيَةَ قَدْ تَكُونُ جِلَّةً وَصِغَارًا ، فَلَمْ يَأْتِنَا عَنْهُ وَلا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الأَئِمَّةِ بَعْدَهُ أَنَّهُمْ خَصُّوا مِنْهَا كَبِيرًا دُونَ صَغِيرٍ ، وَلَكِنَّ السُّنَّةَ جَاءَتْ بِالْعُمُومِ بِجُمْلَتِهَا ، فَقَالَ : " فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الإِبِلِ أَوِ الذَّوْدِ شَاةٌ " . ثُمَّ كَذَلِكَ حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا ، فَإِذَا جَاءَتِ السُّنَّةُ عَامَّةً ، لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهَا سِنًّا دُونَ غَيْرِهِ ، إِلا مَا خَصَّتْهُ السُّنَّةُ فِي الَّذِي جَاءَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَرَايَا ، حِينَ اسْتَثْنَاهَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ فَأَرْخَصَ فِيهَا ، وَكَمَا خَصَّ الْحَائِضَ بِالنَّفْرِ فِي حَجِّهَا قَبْلَ تَوْدِيعِ الْبَيْتِ دُونَ النَّاسِ ، وَالْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ يُضَحَّى بِهِ خَاصَّةً مِنْ بَيْنَ الأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ ، وَأَشْبَاهٌ لِهَذَا فِي السُّنَّةِ كَثِيرٌ ، فَإِنَّمَا نَخُصُّ مَا خَصَّتْ ، وَنَعُمُّ مَا عَمَّتْ ، مَعَ أَنَّ الإِبِلَ فِي كَلامِ الْعَرَبِ اسْمٌ شَامِلٌ ، يَشْمَلُ صِغَارَهَا وَكِبَارَهَا ، كَمَا أَنَّ النَّاسَ اسْمٌ لِبَنِي آدَمَ ، يَشْمَلُ أَطْفَالَهُمْ وَرِجَالَهُمْ ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الأَنْعَامَ فِي كِتَابِهِ ، فَسَوَّى بَيْنَ صِغَارِهَا وَكِبَارِهَا ، وَسَمَّاهَا جَمِيعًا نَعَمًا ، فَقَالَ : وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.