أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَادِرِ بْنِ الْيُوسُفِيِّ , أنبا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَحْمَدَ الْبَرْمَكِيُّ , أنبا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مَرْدَكَ الْبَرْذَعِيُّ , ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ , قَالَ : سَأَلْتُ أَبِي , وَأَبَا زُرْعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَمَا أَدْرَكَا عَلَيْهِ الْعُلَمَاءَ فِي جَمِيعِ الأَمْصَارِ , حِجَازًا وَعِرَاقًا وَمِصْرَ وَشَامًا وَيَمَنًا , فَكَانَ مِنْ مَذْهَبِهِمْ أَنَّ الإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ ، وَالْقُرْآنَ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِجَمِيعِ جِهَاتِهِ , وَالْقَدَرَ خَيْرَهُ وَشَرَّهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَخَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ , وَأَنَّ الْعَشَرَةَ الَّذِينَ سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَهِدَ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ رَسُولُهُ , وَالتَّرَحُمَّ عَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ , وَالْكَفَّ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ , وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عَرْشِهِ ، بَائِنٌ مَنْ خَلَقَهُ كَمَا وَصَفَ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ، بِلا كَيْفٍ , أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا , لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ , وَأَنَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُرَى فِي الآخِرَةِ وَيَرَاهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ بِأَبْصَارِهِمْ ، وَيَسْمَعُونَ كَلامَهُ كَيْفَ شَاءَ وَكَمَا شَاءَ ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَقٌّ وَهُمَا مَخْلُوقَتَانِ لا تَفْنَيَانِ أَبَدًا ، فَالْجَنَّةُ ثَوَابٌ لأَوْلِيَائِهِ , وَالنَّارُ عِقَابٌ لأَهْلِ مَعْصِيَتِهِ إِلا مَنْ رَحِمَ ، وَالصِّرَاطُ حَقٌّ , وَالْمِيزَانُ الَّذِي لَهُ كِفَّتَانِ يُوزَنُ فِيهِ أَعْمَالُ الْعِبَادِ حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا حَقٌّ , وَالْحَوْضُ الْمُكَرَّمُ بِهِ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ حَقٌّ , وَالشَّفَاعَةُ حَقٌّ , وَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بِالشَّفَاعَةِ حَقٌّ , وَعَذَابُ الْقَبْرِ حَقٌّ , وَمُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ حَقٌّ ، وَالْكِرَامُ الْكَاتِبُونَ حَقٌّ , وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ ، لا نُكَفِّرُ أَهْلَ الْقِبْلَةِ بِذُنُوبِهِمْ ، وَنَكِلُ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَنُقِيمُ فَرْضَ الْجِهَادِ وَالْحَجِّ مَعَ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ دَهْرٍ وَزَمَانٍ , وَلا نَرَى الْخُرُوجَ عَلَى الأَئِمَّةِ وَلا الْقِتَالَ فِي الْفِتْنَةِ ، وَنُطِيعُ لِمَنْ وَلاهُ اللَّهُ أَمْرَهُ وَلا نَنْزِعُ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ، وَنَتْبَعُ السُّنَنَ وَالْجَمَاعَةَ , وَنَجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالْخِلافَ وَالْفُرْقَةَ , وَأَنَّ الْجِهَادَ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ مَعَ أُولِي الأَمْرِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ لا يَبْطُلُهُ شَيْءٌ ، وَالْحَجَّ كَذَلِكَ , وَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ مِنَ السَّوَائِمِ إِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالنَّاسُ مُؤْمِنُونَ فِي أَحْكَامِهِمْ وَمَوَارِيثِهِمْ لا نَدْرِي مَا هُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَمَنْ قَالَ : إِنَّهُ مُؤْمِنٌ حَقًّا فَهُوَ مُبْتَدِعٌ , وَمَنْ قَالَ : هُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ فَهُوَ مِنَ الْكَذَّابِينَ , وَمَنْ قَالَ : إِنِّي مُؤْمِنٌ بِاللَّهِ فَهُوَ مُصِيبٌ , وَالْمُرْجِئَةُ مُبْتَدِعَةُ ضَلالٍ , وَمَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَكُونُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فَهُوَ كَافِرٌ , وَأَنَّ الْجَهْمِيَّةَ كُفَّارٌ , وَالرَّافِضَةَ رَفَضُوا الإِسْلامَ , وَالْخَوَارِجَ مُرَّاقٌ , وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ كُفْرًا يَنْقِلُ عَنِ الْمِلَّةِ , وَمَنْ شَكَّ فِي كُفْرِهِ مِمَّنْ يَهِمُ فَهُوَ كَافِرٌ , وَمَنْ شَكَّ فِي كَلامِ اللَّهِ فَوَقَفَ فِيهِ شَاكًّا يَقُولُ : لا أَدْرِي مَخْلُوقٌ أَوْ غَيْرُ مَخْلُوقٍ فَهُوَ جَهْمِيٌّ , وَمَنْ وَقَفَ فِي الْقُرْآنِ جَاهِلا عَلِمَ وَبَدُعَ وَلَمْ يَكْفُرْ , وَمَنْ قَالَ : لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوقٌ ، أَوِ الْقُرْآنُ بِلَفْظِي مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ . فَهَذَا مَا تَيَسَّرَ إِيرَادُهُ هَاهُنَا , وَقَدْ بَسَّطْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي كِتَابِ زَادِ الْمُسَافِرِ ، وَفِي كِتَابِ الْجُمَلِ وَالْغَايَاتِ ، وَالَّذِي ذَكَرْنَاهُ هَاهُنَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ . نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَعْصِمَنَا مِنَ الزَّلَلِ فِي الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ، إِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرٌ وَبِالإِجَابَةِ جَدِيرٌ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |