باب الايمان بالعرش


تفسير

رقم الحديث : 1

حَدَّثَنَاه الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، قَالَ : خَطَبَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ بِوَاسِطَ يَوْمَ الأَضْحَى ، فَقَالَ : " أَيُّهَا النَّاسُ ! ارْجِعُوا فَضَحُّوا ، تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ ، فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ ، إِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلا ، وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا ، وَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُ الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ عُلُوًّا كَبِيرًا . ثُمَّ نَزَلَ فَذَبَحَهُ " . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : ثُمَّ لَمْ يَزَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَقْمُوعِينَ ، أَذِلَّةً مَدْحُورِينَ ، حَتَّى كَانَ الآنَ بِآخِرِهِ ، حَيْثُ قَلَّتِ الْفُقَهَاءُ ، وَقُبِضَ الْعُلَمَاءُ ، وَدَعَا إِلَى الْبِدَعِ دُعَاةُ الضَّلالِ ، فَشَدَّ ذَلِكَ طَمَعَ كُلِّ مُتَعَوِّذٍ فِي الإِسْلامِ مِنْ أَبْنَاءِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَأَنْبَاطِ الْعِرَاقِ ، وَوَجَدُوا فُرْصَةً لِلْكَلامِ ، فَجَدُّوا فِي هَدْمِ الإِسْلامِ ، وَتَعْطِيلِ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ ، وَإِنْكَارِ صِفَاتِهِ ، وَتَكْذِيبِ رُسُلِهِ ، وَإِبْطَالِ وَحْيِهِ إِذْ وَجَدُوا فُرْصَتَهُمْ ، وَأَحَسُّوا مِنَ الرِّعَاعِ جَهْلا ، وَمِنَ الْعُلَمَاءِ قِلَّةً ، فَنَصَبُوا عِنْدَهَا الْكُفْرَ لِلنَّاسِ إِمَامًا يَدْعُونَهُمْ إِلَيْهِ ، وَأَظْهَرُوا لَهُمْ أُغْلُوطَاتٍ مِنَ الْمَسَائِلِ ، وَعَمَايَاتٍ مِنَ الْكَلامِ ، يُغَالِطُونَ بِهَا أَهْلَ الإِسْلامِ ، لِيُوقِعُوا فِي قُلُوبِهِمُ الشَّكَّ ، وَيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ أَمْرَهُمْ ، وَيُشَكِّكُوهُمْ فِي خَالِقِهِمْ ، مُقْتَدِينَ بِأَئِمَّتِهِمُ الأَقْدَمِينَ ، الَّذِينَ قَالُوا : إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَر سورة المدثر آية 25 وَ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ سورة ص آية 7 ، فَحِينَ رَأَيْنَا ذَلِكَ مِنْهُمْ ، وَفَطَنَّا لِمَذْهَبِهِمْ ، وَمَا يَقْصِدُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ وَإِبْطَالِ الْكُتُبِ وَالرُّسُلِ ، وَنَفْيِ الْكَلامِ وَالْعِلْمِ وَالأَمْرِ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، رَأَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَ مِنْ مَذَاهِبِهِمْ رُسُومًا مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَكَلامِ الْعُلَمَاءِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ أَهْلُ الْغَفْلَةِ مِنَ النَّاسِ عَلَى سُوءِ مَذْهَبِهِمْ ، فَيَحْذَرُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَوْلادِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ ، وَيَجْتَهِدُوا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ ، مُحْتَسِبِينَ مُنَافِحِينَ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى ، طَالِبِينَ بِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ . وَقَدْ كَانَ مَنْ مَضَى مِنَ السَّلَفِ يَكْرَهُونَ خَوْضَ فِي هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ ، وَقَدْ كَانُوا رُزِقُوا الْعَافِيَةَ مِنْهُمْ ، وَابْتُلِينَا بِهِمْ عِنْدَ دُرُوسِ الإِسْلامِ ، وَذَهَابِ الْعُلَمَاءِ ، فَلَمْ نَجِدْ بُدًّا مِنْ أَنْ نَرُدَّ مَا أَتَوْا بِهِ مِنَ الْبَاطِلِ بِالْحَقِّ ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَخَوَّفُ مَا أَشْبَهَ هَذَا عَلَى أُمَّتِهِ ، وَيُحَذِّرُهَا إِيَّاهُمْ ، ثُمَّ الصَّحَابَةُ بَعْدَهُ وَالتَّابِعُونَ ، مَخَافَةَ أَنْ يَتَكَلَّمُوا فِي اللَّهِ وَفِي الْقُرْآنِ بِأَهْوَائِهِمْ فَيَضِلُّوا ، وَيَتَمَارَوْا بِهِ عَلَى جَهْلٍ فَيَكْفُرُوا ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَدْ قَالَ : " الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ " . وَحَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ كَانُوا يَتَّقُونَ تَفْسِيرَهُ ، لأَنَّ الْقَائِلَ فِيهِ إِنَّمَا يَقُولُ عَلَى اللَّهِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي ، وَأَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي ، إِذَا قُلْتُ فِي كَلامِ اللَّهِ مَا لا أَعْلَمُ " . وَسُئِلَ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيَّ عَنْ شَيْءٍ ، مِنْ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ ، فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ ، وَعَلَيْكَ بِالسَّدَادِ ، فَقَدْ ذَهَبَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْلَمُونَ فِيمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ ، فَهَذَا الصِّدِّيقُ خَيْرُ هَذِهِ الأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا ، وَالْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ ، قَدْ شَهِدَ التَّنْزِيلَ ، وَعَايَنَ الرَّسُولَ ، وَعَلِمَ فِيمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَيَتَوَقَّى أَنْ يَقُولَ فِي الْقُرْآنِ ، مَخَافَةَ أَنْ لا يُصِيبَ مَا عَنَى اللَّهُ فَيَهْلِكَ ، ثُمَّ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيُّ بَعْدَهُ ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ ، فَكَيْفَ بِهَؤُلاءِ الْمُنْسَلِخِينَ مِنَ الدِّينِ وَالْعِلْمِ ، الَّذِينَ يَنْقُضُونَهُ نَقْضًا ، وَيُفَسِّرُونَهُ بِأَهْوَائِهِمْ خِلافَ مَا عَنَى اللَّهُ ، وَخِلافَ مَا تَحْتَمِلُهُ لُغَاتُ الْعَرَبِ ، وَلَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : لا تَهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةُ حَتَّى تَظْهَرَ فِيهِمُ الزَّنْدَقَةُ ، وَيَتَكَلَّمُوا فِي الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.