باب قتل الزنادقة والجهمية واستتابتهم من كفرهم


تفسير

رقم الحديث : 201

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى الْبُوَيْطِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي الزِّنْدِيقِ قَالَ : يُقْبَلُ قَوْلُهُ إِذَا رَجَعَ ، وَلا يُقْتَلُ ، وَاحْتَجَّ فِيهِمْ بِ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ سورة المنافقون آية 1 ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَدَعَ قَتْلَهُمْ لِمَا يُظْهِرُونَ مِنَ الإِسْلامِ ، وَكَذَلِكَ الزِّنْدِيقُ إِذَا أَظْهَرَ الإِسْلامَ كَانَ فِي هَذَا الْوَقْتِ مُسْلِمًا ، وَالْمُسْلِمُ غَيْرُ مُبَدِّلٍ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ ؟ " . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَنَا أَقُولُ ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ : أَنْ تُقْبَلَ عَلانِيَتُهُمْ إِذَا اتَّخَذُوهَا جُنَّةً لَهُمْ مِنَ الْقَتْلِ ، أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا أَسَرُّوا ، فَلا يُقَتَّلُوا ، كَمَا أَنَّ الْمُنَافِقِينَ اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَلَمْ يُؤْمَرْ بِقَتْلِهِمْ ، وَالزِّنْدِيقُ عِنْدَنَا شَرٌّ مِنَ الْمُنَافِقِ ، فَلَرُبَّمَا كَانَ الْمُنَافِقُ جَاحِدًا بِالرَّسُولِ وَالإِسْلامِ ، مُقِرًّا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، مُثْبِتًا لِرُبُوبِيَّتِهِ فِي نَفْسِهِ ، وَالزِّنْدِيقُ مُعَطِّلٌ لِلَّهِ ، جَاحِدٌ بِالرُّسُلِ وَالْكُتُبِ ، وَمَا يُعْرَفُ فِي الإِسْلامِ زَنَادِقَةٌ غَيْرُ هَؤُلاءِ الْجَهْمِيَّةِ ، وَأَيُّ زَنْدَقَةٍ بِأَظْهَرَ مِمَّنْ يَنْتَحِلُ الإِسْلامَ فِي الظَّاهِرِ ، وَفِي الْبَاطِنِ يُضَاهِي قَوْلُهُ فِي الْقُرْآنِ قَوْلَ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ الَّذِينَ رَدُّوا عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، فَقَالُوا : إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ سورة ص آية 7 ، إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ سورة الأنعام آية 25 ، إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ سورة المدثر آية 25 ، كَمَا قَالَتِ الْجَهْمِيَّةُ سَوَاءٌ : إِنْ هَذَا إِلا مَخْلُوقٌ ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ أَيْضًا أَئِمَّةُ سَوْءٍ أَقْدَمُ مِنْ مُشْرِكِي قُرَيْشٍ ، وَهُمْ عَادٌ قَوْمُ هُودٍ ، الَّذِينَ قَالُوا لِنَبِيِّهِمْ : سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ { 136 } إِنْ هَذَا إِلا خُلُقُ الأَوَّلِينَ { 137 } وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ سورة الشعراء آية 136-138 ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَهْمِيَّةِ وَبَيْنَهُمْ حَتَّى نَجْبُنَ عَنْ قَتْلِهِمْ وَإِكْفَارِهِمْ ؟ ! وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا حُجَّةٌ فِي قَتْلِهِمْ وَإِكْفَارِهِمْ إِلا قَوْلَ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، وَسَلامِ بْنِ أَبِي مُطِيعٍ ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَوَكِيعٍ ، وَيَزِيدَ بْنِ هَارُونَ ، وَأَبِي تَوْبَةَ ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَنُظَرَائِهِمْ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، لَجَبَنَّا عَنْ قَتْلِهِمْ وَإِكْفَارِهِمْ بِقَوْلِ هَؤُلاءِ ، حَتَّى نَسْتَبْرِئَ ذَلِكَ عَمَّنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَأَقْدَمُ ، وَلَكِنَّا نُكَفِّرُهُمْ بِمَا تَأَوَّلْنَا فِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرُوِّينَا فِيهِمْ مِنَ السُّنَّةِ ، وَبِمَا حَكَيْنَا عَنْهُمْ مِنَ الْكُفْرِ الْوَاضِحِ الْمَشْهُورِ ، الَّذِي يَعْقِلُهُ أَكْثَرُ الْعَوَامِّ ، وَبِمَا ضَاهَوْا مُشْرِكِي الأُمَمِ قَبْلَهُمْ بِقَوْلِهِمْ فِي الْقُرْآنِ ، فَضْلا عَلَى مَا رَدُّوا عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ تَعْطِيلِ صِفَاتِهِ ، وَإِنْكَارِ وَحْدَانِيَّتِهِ ، وَمَعْرِفَةِ مَكَانِهِ ، وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ بِتَأْوِيلِ ضُلالٍ ، بِهِ هَتَكَ اللَّهُ سِتْرَهُمْ ، وَأَبَّدَ سَوْءَتَهُمْ ، وَعَبَّرَ عَنْ ضَمَائِرِهِمْ ، كُلَّمَا أَرَادُوا بِهِ احْتِجَاجًا ازْدَادَتْ مَذَاهِبُهُمُ اعْوِجَاجًا .

الرواه :

الأسم الرتبة