باب الايمان بكلام الله تبارك وتعالى


تفسير

رقم الحديث : 167

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ التَّنُوخِيُّ أَبُو الْجَمَاهِرِ ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : " إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ سورة فصلت آية 41 : بِالْقُرْآنِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ سورة فصلت آية 41 : أَعَزَّهُ اللَّهُ ، لأَنَّهُ كَلامَهُ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ سورة فصلت آية 42 : وَهُوَ إِبْلِيسُ ، لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْهُ حَقًّا ، أَوْ يَزِيدَ فِيهِ بَاطِلا . قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَهَذِهِ الأَحَادِيثُ قَدْ رُوِيَتْ ، وَأَكْثَرُ ، مِنْهَا مَا يُشْبِهُهَا ، كُلُّهَا مُوَافِقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ فِي الإِيمَانِ بِكَلامِ اللَّهِ ، وَلَوْلا مَا اخْتَرَعَ هَؤُلاءِ الزَّائِغَةُ مِنْ هَذِهِ الأُغْلُوطَاتِ وَالْمعَانِي يَرُدُّونَ بِهَا صِفَاتِ اللَّهِ ، وَيُبَدِّلُونَ بِهَا كَلامَهُ ، لَكَانَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ كَافِيًا لِجَمِيعِ الأُمَّةِ ، مَعَ أَنَّهُ كَمَيْلٍ شَافٍ إِلا لِمُتَأَوِّلِ ضَلالٍ ، أَوْ مُتَّبِعِ رِيبَةٍ ، فَحِينَ رَأَيْنَا ذَلِكَ أَلَّفْنَا هَذِهِ الآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ ، لِيَعْلَمَ مَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَنَّ مَنْ مَضَى مِنَ الأُمَّةِ لَمْ يَزَالُوا يَقُولُونَ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، لا يَعْرِفُونَ لَهُ تَأْوِيلا غَيْرَ مَا يُتْلَى مِنْ ظَاهِرِهِ أَنَّهُ كَلامُ الرَّحْمَنِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، حَتَّى نَبَغَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ اقْتَرَبُوا لِرَدِّ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتَعْطِيلِ كَلامِهِ وَصِفَاتِهِ الْمُقَدَّسَةِ بِهَذِهِ الأُغْلُوطَاتِ الَّتِي لَوْ ظَهَرَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مَا كَانَ سَبِيلُ مَنْ يُظْهِرُهَا بَيْنَهُمْ إِلا كَسَبِيلِ أَهْلِ الرِّدَّةِ ، أَوَّلُهَا هَذِهِ الْكَلِمَةُ الْمَلْعُونَةُ الَّتِي فَارَقُوا بِهَا جَمِيعَ أَهْلِ الصَّلاةِ ، فَقَالُوا : كَلامُ اللَّهِ مَخْلُوقٌ ، وَالْحُجَجُ عَلَيْهِمْ مِنْ رَدِّ مَا أَتَوْا بِهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَرُوِّينَا مِنْ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ بَعْدَهُ ، ثُمَّ عَلَيْهِمْ حُجَجٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْكَلامِ وَالنَّظَرِ ، لا نُحِبُّ ذِكْرَ كَثِيرٍ مِنْهَا تَخَوُّفًا مِنْ أَنْ لا تَحْتَمِلَهَا قُلُوبُ ضُعَفَاءِ النَّاسِ ، وَلَكِنْ يَكْفِي مَنْ نَظَرَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَرُوِّينَا مِنْ هَذِهِ الآثَارِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مُخَالَفَةَ هَؤُلاءِ لِلأُمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، فَيَقُولَ لَهُمْ : وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى وَرَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأَمَةَ بَعْدَهُ سَمَّوْهُ كَلامَ اللَّهِ ، وَزَعَمْتُمْ أَنْتُمْ أَنَّهُ خَلْقُ اللَّهِ , فَكَفَى بِهَذَا مُخَالَفَةً لِلَّهِ ، وَلِرَسُولِهِ ، وَلِلأَمَةِ مِنْ بَعْدِهِ ، أَوِ ائْتُوا فِيهِ بِكِتَابٍ نَاطِقٍ ، أَوْ أَثَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ ، وَلَنْ تَأْتُوا بِهِ أَبَدًا ، وَكَيْفَ تَأْثُرُونَ الْكُفْرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَهْلِ الإِسْلامِ بَعْدَهُمْ ؟ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ يَحْتَجُّ بِتَفَاسِيرَ مَقْلُوبَةٍ ، وَبِمَعَانٍ لا أَصْلَ لَهَا مِنْ كِتَابٍ وَلا سُنَّةٍ ، وَلا إِجْمَاعٍ إِلا الْكُفْرَ يَقِينًا ، قُلْتُ لِبَعْضِهِمْ : دَعُوا هَذِهِ الأُغْلُوطَاتِ الَّتِي نَحْنُ بِهَا أَعْلَمُ مِنْكُمْ ، وَلَنْ يُنْزِلَكُمُ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ بِالْمَنْزِلَةِ الَّتِي يُعْتَمَدُ فِيهَا عَلَى تَفْسِيرِكُمْ ، أَوْ يُقْبَلُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ آرَائِكُمْ ، وَقَدْ أَتَيْنَاكُمْ بِهِ مَنْصُوصًا عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ وَعَنِ الأُمَّةِ بِأَجْمَعِهَا أَنَّهُ كَلامُ اللَّهِ حَقًّا ، فَهَاتُوا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَنْصُوصًا أَنَّهُ خَلْقُ اللَّهِ كَمَا ادَّعَيْتُمْ ، وَإِلا فَأَنْتُمُ الْمُفَارِقُونَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ قَدِيمًا وَحَدِيثًا ، الْمُلْحِدُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ ، الْمُفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى كِتَابِهِ وَرَسُولِهِ ، وَلَنْ تَأْتُوا عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، أَرَأَيْتُمْ قَوْلَكُمْ : إِنَّهُ مَخْلُوقٌ ، فَمَا بَدْءُ خَلْقِهِ ؟ قَالَ اللَّهُ لَهُ : كُنْ ، فَكَانَ كَلامًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ بِلا مُتَكَلِّمٍ بِهِ ؟ ! فَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَخْلُقْ كَلامًا يَرَى وَيَسْمَعُ بِلا مُتَكَلِّمٍ بِهِ ، فَلا بُدَّ مِنْ أَنْ تَقُولُوا فِي دَعْوَاكُمْ : اللَّهُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْقُرْآنِ ، فَأَضَفْتُمُوهُ إِلَى اللَّهِ ، فَهَذَا أَجْوَرُ الْجَوْرِ وَأَكْذَبُ الْكَذِبِ ، أَنْ تُضِيفُوا كَلامَ الْمَخْلُوقِ إِلَى الْخَالِقِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا كَانَ مُكَذِّبًا لا شَكَّ فِيهِ ، فَكَيْفَ وَهُوَ كُفْرٌ لا شَكَّ فِيهِ ، لا يَحِقُّ لِمَخْلُوقٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَدَّعِيَ الرُّبُوبِيَّةَ ، وَيَدْعُو الْخَلْقَ إِلَى عِبَادَتِهِ ، فَيَقُولُ : إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي سورة طه آية 14 ، وَ إِنِّي أَنَا رَبُّكَ سورة طه آية 12 ، وَأَنَا اخْتَرْتُكَ سورة طه آية 13 ، وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي { 41 } اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي سورة طه آية 41-42 ، إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى سورة طه آية 46 ، وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ سورة الذاريات آية 56 ، أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ { 60 } وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ سورة يس آية 60-61 ، قَدْ عَلِمَ الْخَلْقُ إِلا مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ أَنَّهُ لا حَقَّ لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ غَيْرُ الْخَالِقِ ، بَلِ الْقَائِلِ بِهِ ، وَالدَّاعِي إِلَى عِبَادَتِهِ غَيْرُ اللَّهِ كَافِرٌ كَفِرْعَوْنَ الَّذِي قَالَ : أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى سورة النازعات آية 24 ، وَالْمُجِيبُ لَهُ ، الْمُؤْمِنُ بِدَعْوَاهُ أَكْفُرُ وَأَكْذَبُ ، وَإِنْ قُلْتُمْ : إِنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ مَخْلُوقٌ ، فَأَضَفْنَاهُ إِلَى اللَّهِ ، لأَنَّ الْخَلْقَ كُلُّهُمْ بِصِفَاتِهِمْ وَكَلامِهِمْ لِلَّهِ ، فَهَذَا الْمُحَالُ الَّذِي لَيْسَ وَرَاءَهُ مُحَالٌ ، فَضْلا عَلَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا ، لأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَنْسِبْ شَيْئًا مِنَ الْكَلامِ كُلِّهُ إِلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ كَلامُهُ غَيْرَ الْقُرْآنِ وَمَا أَنْزَلَ عَلَى رُسُلِهِ ، فَإِنْ قَدْ تَمَّ كَلامُكُمْ وَلَزِمْتُمُوهُ ، لَزِمَكُمْ أَنْ تُسَمُّوا الشِّعْرَ وَجَمِيعَ الْغِنَاءِ وَالنَّوْحَ وَكَلامَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ وَالْبَهَائِمِ كَلامَ اللَّهِ ، فَهَذَا مَا لا يَخْتَلِفُ الْمُصَلُّونَ فِي بِطُولِهِ وَاسْتِحَالَتِهِ ، فَمَا فَضْلُ الْقُرْآنِ إِذًا عِنْدَكُمْ عَلَى الْغِنَاءِ وَالنَّوْحِ وَالشِّعْرِ ، إِذْ كَانَ كُلُّهُ فِي دَعْوَاكُمْ كَلامَ اللَّهِ ؟ فَكَيْفَ خَصَّ الْقُرْآنَ بِأَنَّهُ كَلامُ اللَّهِ وَنَسَبَ كُلَّ كَلامٍ سِوَاهُ إِلَى قَائِلِهِ ؟ فَكَفَى بِقَوْمٍ ضَلالا أَنْ يَدَّعُوا دَعْوَى لا يَشُكُّ الْمُوَحِّدُونَ فِي بِطُولِهِ وَاسْتِحَالَتِهِ ، وَمَا يَزِيدُ دَعْوَاكُمْ تَكْذِيبًا وَاسْتِحَالَةً ، وَيَزِيدُ الْمُؤْمِنِينَ بِكَلامِ اللَّهِ إِيمَانًا وَتَصْدِيقًا ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ مَيَّزَ بَيْنَ مَنْ كَلَّمَ مِنْ رُسُلِهِ فِي الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُكَلِّمْ ، وَمَنْ يُكَلِّمُ مِنْ خَلْقِهِ فِي الآخِرَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُكَلِّمْ ، فَقَالَ : تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ سورة البقرة آية 253 ، فَمَيَّزَ بَيْنَ مَنِ اخْتَصَّهُ بِكَلامِهِ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ ، ثُمَّ سَمَّى مِمَّنْ كَلَّمَ مُوسَى ، فَقَالَ : وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا سورة النساء آية 164 ، فَلَوْ لَمْ يُكَلِّمْهُ نَفْسُهُ إِلا عَلَى تَأْوِيلِ مَا ادَّعَيْتُمْ فَمَا فَضْلُ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ تَكْلِيمِهِ إِيَّاهُ عَلَى غَيْرِ مِمَّنْ لَمْ يُكَلِّمْهُ ؟ إِذْ كُلُّ الرُّسُلِ فِي تَكْلِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ مِثْلُ مُوسَى ، وَكُلٌّ عِنْدَكُمْ لَمْ يَسْمَعْ كَلامَ اللَّهِ ، فَهَذَا مُحَالٌ مِنَ الْحُجَجِ ، فَضْلا عَنْ أَنْ يَكُونَ رَدًّا لِكَلامِ اللَّهِ وَتَكْذِيبًا لِكِتَابِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ : مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ سورة البقرة آية 253 إِلا وَأَنَّ حَالَتَيْهِمَا مُخْتَلِفَتَانِ فِي تَكْلِيمِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ ، فَمِمَّا يَزِيدُ ذَلِكَ تَحْقِيقًا قَوْلُهُ : أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ سورة آل عمران آية 77 ، يَعْنِي : يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَفِي هَذَا بَيَانٌ بَيِّنٌ أَنَّهُ لا يُعَاقِبُ قَوْمًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَرْفِ كَلامِهِ عَنْهُمْ إِلا وَأَنَّهُ مُثِيبٌ بِتَكْلِيمِهِ قَوْمًا آخَرِينَ ، ثُمَّ قَدْ مَيَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَنْ يُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَيْنَ مَنْ لا يُكَلِّمُهُ ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِّينَا فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ : " مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . وَالْحَدِيثُ الآخَرُ : مَا رُوِّينَا عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ : " ثَلاثَةٌ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " . فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَيْضًا بَيَانٌ بَيِّنٌ عَلَى نَفْسِ كَلامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ يُكَلِّمُ أَقْوَامًا وَلا يُكَلِّمُ آخَرِينَ ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَيْتُمْ كَانَ الْمُثَابُ بِكَلامِ اللَّهِ وَالْمُعَاقَبُ بِهِ الْمَصْرُوفُ عَنْهُ سَوَاءً عِنْدَكُمْ ، أَلا تَرَى أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ آدَمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ : أَنَبِيًّا كَانَ ؟ قَال : " نَعَمْ ، مُكَلَّمًا " ، فَهَذَا يُنَبِّئُكَ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَ كَلامِ اللَّهِ ، لا كَلامَ مَنْ سِوَاهُ ، وَلَوْ كَانَ مُكَلَّمًا بِكَلامِ الْمَخْلُوقِينَ فِي دَعْوَاكُمْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِيرُ فَضِيلَةٍ لآدَمَ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْخَلْقِ ، لأَنَّ عَامَّةَ الْخَلْقِ يُكَلِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَهُمْ مُكَلَّمُونَ ، فَمَا فَضْلُ آدَمَ هَذَا عِنْدَكُمْ عَلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ؟ وَقَدْ قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ سورة البقرة آية 37 .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.