وَأَنْبَا الشَّيْخُ الأَمِينُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ ، إِجَازَةً أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ ، أنبا أَبُو نُعَيْمٍ ، ثنا أَبِي ، ثنا حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، قثنا الْوَلِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنْ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَلْقَةٍ فِي أَصْحَابِهِ إِذْ قَالَ : " لَيُصَلِّيَنَّ مَعَكُمْ غَدًا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ " . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَطَمِعْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الرَّجُلَ , فَغَدَوْتُ فَصَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقَمْتُ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى انْصَرَفَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ أَسْوَدُ مُتَّزِرٌ بِخِرْقَةٍ مُرْتَدٍ مُرَقَّعَةً , فَجَاءَ حَتَّى وَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي . فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ ، وَإِنَّا لَنَجِدُ مِنْهُ رِيحَ الْمِسْكِ الأَذْفَرِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهُوَ هُوَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، إِنَّهُ لَمَمْلُوكٌ لِبَنِي فُلانٍ " . قُلْتُ : أَفَلا تَشْتَرِيهِ فَتُعْتِقَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَأَنَّى لِي ذَلِكَ إِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَهُ مِنْ مُلُوكٍ الْجَنَّةِ ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ لأَهْلِ الْجَنَّةِ مُلُوكًا وَسَادَةً ، وَإِنَّ هَذَا الأَسْوَدَ أَصْبَحَ مِنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ وَسَادَاتِهِمْ ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ مِنْ خَلْقِهِ الأَصْفِيَاءَ الأَخْفِيَاءَ الأَبْرِيَاءَ ، الشَّعِثَةَ رُءُوسُهُمُ ، الْمُغْبَرَّةَ وُجُوهُهُمُ ، الْخَمِصَةَ بُطُونُهُمْ مِنْ كَسْبِ الْحَلالِ ، الَّذِينَ إِذَا اسْتَأْذَنُوا عَلَى الأُمَرَاءِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمْ ، وَإِنْ خَطَبُوا الْمُنَعَّمَاتِ لَمْ يُنْكَحُوا ، وَإِنْ غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، وَإِنْ حَضَرُوا لَمْ يُدْعَوْا ، وَإِنْ طَلَعُوا لَمْ يُفْرَحْ بِطَلْعَتِهِمْ ، وَإِنْ مَرِضُوا لَمْ يُعَادُوا ، وَإِنْ مَاتُوا لَمْ يُشْهَدُوا " . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ لَنَا بِرَجُلٍ ؟ قَالَ : ذَاكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ . قَالُوا : وَمَا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ؟ قَالَ : أَشْهَلُ ذُو صُهُوبَةٍ ، بَعِيدٌ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ ، مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ , آدَمُ شَدِيدُ الأُدْمَةِ , ضَارِبٌ بِذَقْنِهِ إِلَى صَدْرِهِ , رَامٍ بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ , وَاضِعٌ يَمِينَهُ إِلَى شِمَالِهِ , يَتْلُو الْقُرْآنَ يَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ ، ذُو طِمْرَيْنِ لا يُؤْبَهُ لَهُ ، مُتَّزِرٌ بِإِزَارٍ صُوفٍ وَرِدَاءٍ صُوفٍ ، مَجْهُولٌ فِي أَهْلِ الأَرْضِ ، مَعْرُوفٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّ قَسَمَهُ ، أَلا وَإِنَّ تَحْتَ مَنْكِبِهِ الأَيْسَرِ لُمْعَةً بَيْضَاءَ ، أَلا وَإِنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ قِيلَ لِلْعِبَادِ : ادْخُلُوا الْجَنَّةَ . وَقِيلَ لأُوَيْسٍ : قِفْ فَاشْفَعْ . فَيُشَفِّعُهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي مِثْلِ عَدَدِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ ، يَا عُمَرُ ، وَيَا عَلِيُّ ، إِذَا أَنْتُمَا لَقِيتُمَاهُ فَاطْلُبَا إِلَيْهِ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكُمَا ، يَغْفِرِ اللَّهُ لَكُمَا . قَالَ : فَمَكَثَا يَطْلُبَانِهِ عَشْرَ سِنِينَ لا يَقْدِرَانِ عَلَيْهِ , فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ السَّنَةِ الَّتِي هَلَكَ فِيهَا عُمَرُ ، فِي ذَلِكَ الْعَامِ قَامَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا أَهْلَ الْحَجِيجِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ أَفِيكُمْ أُوَيْسٌ مِنْ مُرَادٍ ؟ فَقَامَ شَيْخٌ كَبِيرٌ طَوِيلُ اللِّحْيَةِ , فَقَالَ : إِنَّا لا نَدْرِي مَا أُوَيْسٌ ، وَلَكِنَّ ابْنَ أَخٍ لِي يُقَالُ لَهُ : أُوَيْسٌ وَهُوَ أَخْمَلُ ذِكْرًا ، وَأَقَلُّ مَالا ، وَأَهْوَنُ أَمْرًا مِنْ أَنْ نَرْفَعَهُ إِلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لَيَرْعَى إِبِلَنَا ، حَقِيرٌ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، فَعَمَّى عَلَيْهِ عُمَرُ ، كَأَنَّهُ لا يُرِيدُهُ ، قَالَ : أَيْنَ ابْنُ أَخِيكَ هَذَا ، أَبِحَرَمِنَا هُوَ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَ : وَأَيْنَ يُصَابُ ؟ قَالَ : بِأَرَاكِ عَرَفَاتٍ . قَالَ : فَرَكِبَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ سِرَاعًا إِلَى عَرَفَاتٍ ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي إِلَى شَجَرَةٍ ، وَالإِبِلُ حَوْلَهُ تَرْعَى ، فَشَدَّا حِمَارَيْهِمَا ثُمَّ أَقْبَلا إِلَيْهِ ؛ فَقَالا : السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . فَخَفَّفَ أُوَيْسٌ الصَّلاةَ ، ثُمَّ قَالَ : السَّلامُ عَلَيْكُمَا وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . قَالا : مَنِ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : رَاعِي إِبِلٍ وَأَجِيرُ قَوْمٍ . قَالا : لَسْنَا نَسْأَلُكَ عَنِ الرِّعَايَةِ وَلا عَنْ إِجَارَةٍ ، مَا اسْمُكَ ؟ قَالَ : عَبْدُ اللَّهِ . قَالا : عَلِمْنَا أَنَّ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّهُمْ عَبِيدُ اللَّهِ ، فَمَا اسْمُكَ الَّذِي سَمَّتْكَ أُمُّكَ ؟ قَالَ : يَا هَذَانِ مَا تُرِيدَانِ إِلَيَّ ؟ قَالا : وَصَفَ لَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُوَيْسًا الْقَرَنِيَّ ، فَقَدْ عَرَفْنَا الصُهُوبَةَ وَالشُّهُولَ ، وَأَخْبَرَنَا أَنَّ تَحْتَ مَنْكِبِكَ الأَيْسَرِ لُمْعَةً بَيْضَاءَ فَأَوْضِحْهَا لَنَا ؛ فَإِنْ كَانَ بِكَ فَأَنْتَ هُوَ ، فَأَوْضَحَ مَنْكِبَهُ فَإِذَا اللُّمْعَةُ , فَابْتَدَرَاهُ فَقَبَّلاهُ ، قَالا : نَشْهَدُ أَنَّكَ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ ، فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَغْفِرِ اللَّهُ لَكَ . قَالَ : مَا أَنَا أَخُصُّ بِاسْتِغْفَارِي نَفْسِي وَلا أَحَدًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ ، وَلَكِنَّهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ، يَا هَذَانِ قَدْ أَشْهَرَ اللَّهُ لَكُمَا حَالِي وَعَرَّفَكُمَا أَمْرِي فَمَنْ أَنْتُمَا ؟ قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَمَّا هَذَا فَعُمَرُ ، وَأَمَّا أَنَا فَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، فَاسْتَوَى أُوَيْسٌ قَائِمًا ، فَقَالَ : السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، وَأَنْتَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ ، فَجَزَاكُمَا اللَّهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ خَيْرًا . قَالا : وَأَنْتَ فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ نَفْسِكَ خَيْرًا . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَكَانَكَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ حَتَّى أَدْخُلَ مَكَّةَ ، فَآتِيكَ بِنَفَقَةٍ مِنْ عَطَائِي ، وَفَضْلِ كِسْوَةٍ مِنْ ثِيَابِي ، هَذَا الْمَكَانُ ميعَادٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ . قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لا مِيعَادَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، لا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ تَعْرِفُنِي ، مَا أَصْنَعُ بِالنَّفَقَةِ , مَا أَصْنَعُ بِالْكِسْوَةِ ، أَمَا تَرَى عَلَيَّ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ ، مَتَى تَرَانِي أَخْرِقُهُمَا ؟ أَمَا تَرَى أَنَّ نَعْلَيَّ مَخْصُوفَتَانِ ، مَتَى تَرَانِي أَبْلِيهِمَا ؟ إِنِّي قَدْ أَخَذْتُ مِنْ رِعَايَتِي أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ، مَتَى تَرَانِي آكُلُهَا ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَ يَدَيَّ وَيَدَيْكَ عَقَبَةً كَئُودًا لا يُجَاوِزُهَا إِلا ضَامِرٌ مُخِفٌّ مَهْزُولٌ ، فَأَخِفَّ يَرْحَمْكَ اللَّهُ . فَلَمَّا سَمِعَ عُمَرُ ذَلِكَ مِنْ كَلامِهِ ضَرَبَ بِدِرَّتِهِ الأَرْضَ ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : أَلا لَيْتَ أُمَّ عُمَرَ لَمْ تَلِدْهُ ، يَا لَيْتَهَا كَانَتْ عَاقِرًا لَمْ تُعَالِجْ حَمْلَهَا ، أَلا مَنْ يَأْخُذُهَا بِمَا فِيهَا وَلَهَا ؟ ثُمَّ قَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خُذْ أَنْتَ هَاهُنَا حَتَّى آخُذَ أَنَا هَاهُنَا . فَوَلَّى عُمَرُ نَاحِيَةَ مَكَّةَ وَسَاقَ أُوَيْسٌ إِبِلَهُ ، فَوَافَى الْقَوْمَ إِبِلَهُمْ وَخَلَّى عَنِ الرِّعَايَةِ وَأَقْبَلَ عَلَى الْعِبَادَةِ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَهَذَا مَا أَتَانَا عَنْ أُوَيْسٍ خَيْرِ التَّابِعِينَ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
أَبِي هُرَيْرَةَ | أبو هريرة الدوسي / توفي في :57 | صحابي |
الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ | الضحاك بن مزاحم الهلالي | ثقة |
نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ | نوفل بن عبد الله | مجهول الحال |
مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ | مخلد بن يزيد الحراني / توفي في :193 | ثقة |
مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُبَيْدٍ | محمد بن إبراهيم بن عبيد | مجهول الحال |
الْوَلِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ | الوليد بن إسماعيل الحراني | مجهول الحال |
سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ | سلمة بن شبيب المسمعي | ثقة |
حَامِدُ بْنُ مَحْمُودٍ | حامد بن محمود الثقفي | مجهول الحال |
أَبِي | عبد الله بن أحمد الأصبهاني / ولد في :281 / توفي في :365 | ثقة |
أَبُو نُعَيْمٍ | أحمد بن عبد الله الأصبهاني | ثقة |
أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْحَدَّادُ | الحسن بن أحمد الأصبهاني | ثقة |
الشَّيْخُ الأَمِينُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمِيُّ | ابن الموازيني السلمي | صدوق حسن الحديث |