حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَبِيِ بَكْرٍ الْمُؤَمَّلِيُّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمٍ ، قَالَ : حَضَرَ قَوْمٌ مِنْ قُرَيشٍ مَجْلِسَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أَمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هَاشِمٍ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : احْمَدُوا اللَّهَ يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ ، إِذْ جَعَلَ وَالِيَ أُمُورِكُمْ مَنْ يُغْضِي عَلَى الْقَذَى ، وَيَتَصَامُّ عَلَى الْعَوْرَاءِ ، وَيَجُرُّ ذَيْلَهُ عَلَى الْخَدَائِعِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ : لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمَشَّيْنَا إِلَيْهِ الضَّرَّاءَ وَدَبَّيْنَا لَهُ الْخَمْرَ ، وَقَلَبْنَا لَهُ ظَهَرَ الْمِجَنِّ ، وَرَجَوْنَا أَنْ يَقُومَ بَأَمْرِنَا أَمْرٌ ، وَلا يُطْعِمُكَ مَالُ مُضَرَ ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : يَا مَعْشَرَ قُرَيشٍ حَتَّى مَتَى لا تُنْصَفُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ . فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : إِنَّ عَمْرًا وَذَوِيهِ أَفْسَدُوكَ عَلَيْنَا ، وَأَفْسَدُونَا عَلَيْكَ ، مَا كَانَ عَلَيْكَ لَوْ أَغْضَيْتَ عَلَى هَذَا ؟ قَالَ : إِنَّ عَمْرًا نَاصِحٌ لِي . قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : أَطْعِمْنَا مثل مَا أَطْعَمْتَهُ ، ثُمَّ خُذْنَا بِمِثْلِ نَصِيحَتِهِ ، إِنَّا يَا مُعَاوِيَةُ رَأَيْنَاكَ تَضْرِبُ عَوامَّ قُرَيشٍ فِي خَوَاصِّهَا ، كَأَنَّكَ تَرَى كِرَامِهَا حَازُوكَ دُونَ لِئَامِهَا ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّكَ تُفْرِغُ مِنْ وِعَاءِ فَمٍ فِي إِنَاءٍ ضَخْمٍ ، وَلَكَأَنَّكَ بِالْحَرْبِ قَدْ حُلَّ عِقَالُهَا عَلَيْكَ ، ثُمَّ لا يُنْظُرُ لَكَ . قَالَ مُعَاوِيَةُ : يَا ابْنَ أَخِي مَا أَحْوَجَ أَهْلَكَ إِلَيْكَ ، يَقُولُ : لَوْ فَعَلْتُ ذَلِكَ قُتِلْتُ . ثُمَّ أَنْشَدَ مُعَاوِيَةُ : أَغَرَّ رِجَالا مِنْ قُرَيشٍ تَتَابَعُوا عَلَى سَفَهٍ مِنِّي الْحَيَا وَالتَّكَرُّمُ " .