وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بَابْنِ مَخْرَمَةَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : " لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ ، نَدِمَ قَوْمٌ كَثِيرٌ مِنَ الأَنْصَارِ عَلَى بَيْعَتِهِ ، وَلامَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَذَكَرُوا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَهَتَفُوا بِاسْمِهِ ، وَإِنَّهُ فِي دَارِهِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمِ ، وَجَزَعَ لِذَلِكَ الْمُهَاجِرُونَ ، وَكَثُرَ فِي ذَلِكَ الْكَلامُ ، وَكَانَ أَشَدَّ قُرَيْشٍ عَلَى الأَنْصَارِ نَفَرٌ فِيهِمْ ، وَهُمْ : سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أَحَدُ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ ، وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ الْمَخْزُومِيَّانِ ، وَهَؤُلاءِ أَشْرَافُ قُرَيْشٍ الَّذِينَ حَارَبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ، ثُمَّ دَخَلُوا فِي الإِسْلامِ ، وَكُلُّهُمْ مَوْتُورٌ قَدْ وَتَرَهُ الأَنْصَارُ . أَمَّا سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَأَسَرَهُ مَالِكُ بْنُ الدَّخْشَمِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَأَمَّا الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ فَضَرَبَهُ عُرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو فَجَرَحَهُ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَهُوَ فَارٌّ عَنْ أَخِيهِ ، وَأَمَّا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ فَقَتَلَ أَبَاهُ ابْنَا عَفْرَاءَ ، وَسَلَبَهُ دِرْعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ ، وَفِي أَنْفُسِهِمْ ذَلِكَ . فَلَمَّا اعْتَزَلَتِ الأَنْصَارُ تَجَمَّعَ هَؤُلاءِ فَقَامَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنَّ هَؤُلاءِ الْقَوْمَ قَدْ سَمَّاهُمُ اللَّهُ الأَنْصَارَ ، َأَثْنَى عَلَيْهِمْ فِي الْقُرْآنِ فَلَهُمْ بِذَلِكَ حَظٌّ عَظِيمٌ وَشَأْنٌ غَالِبٌ ، وَقَدْ دَعَوْا إِلَى أَنْفُسِهِمْ وَإِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَعَلِيٌّ فِي بَيْتِهِ لَوْ شَاءَ لَرَدَّهُمْ ، فَادْعُوهُمْ إِلَى صَاحِبِكُمْ وَإِلَى تَجْدِيدِ بَيْعَتِهِ ، فَإِنْ أَجَابُوكُمْ وَإِلا قَاتِلُوهُمْ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأَرَجْوُ اللَّهَ أَنْ يَنْصُرَكُمْ عَلَيْهِمْ كَمَا نُصِرْتُمْ بِهِ . ثُمَّ قَامَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ ، فَقَالَ : إِنْ يَكُنِ الأَنْصَارُ تَبَوَّأَتِ الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلُ ، وَنَقَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى دُورِهِمْ مِنْ دُورِنَا ، فَآوَوْا وَنَصَرُوا ، ثُمَّ مَا رَضُوا حَتَّى قَاسَمُونَا الأَمْوَالَ ، وَكَفَوْنَا الْعَمْلَ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ لَهِجُوا بِأَمْرٍ ، إِنْ ثَبَتُوا عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا مِمَّا وُسِمُوا بِهِ ، وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ مُعَاتَبَةٌ إِلا السَّيْفَ ، وَإِنْ نَزَعُوا عَنْهُ فَقَدْ فَعَلُوا الأَوْلَى بِهِمْ ، وَالْمَظْنُونَ مَعَهُمْ . ثُمَّ قَامَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ لَوْلا قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ " ، مَا أَنَكْرَنْا إِمْرَةَ الأَنْصَارِ ، وَلَكَانُوا لَهَا أَهْلا ، وَلَكِنَّهُ قَوْلٌ لا شَكَّ فِيهِ وَلا خيَارَ ، وَقَدْ عَجَلَتِ الأَنْصَارُ عَلَيْنَا ، وَاللَّهِ مَا قَبَضْنَا عَلَيْهِمُ الأَمْرَ وَلا أَخْرَجْنَاهُمْ مِنَ الشُّورَى ، وَإِنَّ الَّذِي هُمْ فِيهِ مِنْ فَلَتَاتِ الأُمُورِ وَنَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ ، وَمَا لا يَبْلُغُهُ الْمُنَى وَلا يَحْمِلُهُ الأَمَلُ ، أَعْذِرُوا إِلَى الْقَوْمِ فَإِنْ أَبَوْا قَاتِلُوهُمْ ، فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ قُرَيْشٍ كُلِّهَا إِلا رَجُلٌ وَاحِدٌ لَصَيَّرَ اللَّهُ هَذَا الأَمْرَ فِيهِ . قَالَ : وَحَضَرَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنَّهُ لَيْسَ لِلأَنْصَارِ أَنْ يَتَفَضَّلُوا عَلَى النَّاسِ حَتَّى يُقِرُّوا بِفَضْلِنَا عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ تَفَضَّلُوا ، فَحَسْبُنَا حَيْثُ انْتَهَى بِهَا ، وَإِلا فَحَسْبُهُمْ حَيْثُ انْتَهَى بِهِمْ ، وايْمُ اللَّهِ لَئِنْ بَطِرُوا الْمَعِيشَةَ وَكَفَرُوا النِّعْمَةَ ، لَنَضْرِبَنَّهُمْ عَلَى الإِسْلامِ كَمَا ضَرَبُوا عَلَيْهِ ، فَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَأَهْلٌ وَاللَّهِ أَنْ يَسُودَ عَلَى قُرَيْشٍ وَتُطِيعَهُ الأَنْصَارُ . فَلَمَّا بَلَغَ الأَنْصَارَ قَوْلُ هَؤُلاءِ الرَّهْطِ ، قَامَ خَطِيبُهُمْ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، إِنَّمَا يِكْبُرُ عَلَيْكُمْ هَذَا الْقَوْلُ لَوْ قَالَهُ أَهْلُ الدِّينِ مِنْ قُرَيْشٍ ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا لا سِيَّمَا مِنْ أَقْوَامٍ كُلُّهُمْ مَوْتُورٌ فَلا يَكْبُرَنَّ عَلَيْهِمْ ، إِنَّمَا الرَّأْيُ وَالْقَوْلُ مَعَ الأَخْيَارِ الْمُهَاجِرِينَ ، فَإِنْ تَكَلَّمَتْ رِجَالُ قُرَيْشٍ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الآخِرَةِ مثل كَلامِ هَؤُلاءِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قُولُوا مَا أَحْبَبْتُمْ وَإِلا فَأَمْسِكُوَا . وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَذْكُرُ ذَلِكَ : تَنَادَى سُهَيْلٌ وَابْنُ حَرْبٍ وَحَارثٌ وَعِكْرِمَةُ الشَّانِي لَنَا ابْنُ أَبِي جَهْلِ قَتَلَنْا أَبَاهُ وَانْتَزَعْنَا سِلاحَهُ فَأَصْبَحَ بِالْبَطْحَاءِ أَذَلَّ مِنَ النَّعْلِ فَأَمَّا سُهَيْلٌ فَاحْتَوَاهُ ابُنْ دَخْشَمٍ أَسِيرًا ذَلِيلا لا يُمِرُّ وَلا يُحْلِي وَصَخْرُ بْنُ حَرْبٍ قَدْ قَلَتْنَا رِجَالَهُ غَدَاةَ لِوَا بَدْرٍ فَمِرْجَلُهُ يَغْلِي وَرَاكَضَنَا تَحْتَ الْعَجَاجَةِ حَارِثٌ عَلَى ظَهْرِ جَرْدَاءٍ كَبَاسِقَةِ النَّخْلِ يُقَبِّلُهَا طَوْرًا وَطَوْرًا يَحُثُّهَا وَيَعْدِلُهَا بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ وَالأَهْلِ أُولِئكَ رَهْطٌ مِنْ قُرَيْشٍ تَبَايَعُوا عَلَى خِطَّةٍ لَيْسَتْ مِنَ الْخُطَطِ الفُضْلِ وَأَعْجَبَ مِنْهُمْ قَابَلُوا ذَاكَ مِنْهُمُ كَأَنَّا اشْتَمَلْنَا مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى ذَحْلِ وَكُلُّهُمُ ثَانٍ عَنِ الْحَقِّ عِطْفَهُ يَقُولُ اقْتُلُوا الأَنْصَارَ بِئْسَ مِنْ فِعْلِ نَصَرْنَا وَآوَيْنَا النَّبِيَّ وَلَمْ نَخَفْ صُرُوفَ اللَّيَالِي وَالْبَلاءَ عَلَى رَجْلِ بَذَلْنَا لَهُمْ أَنْصَافَ مَالِ أَكُفِّنَا كَقِسْمَةِ أَيْسَارِ الْجَذُورِ مِنَ الْفَضْلِ وَمِنْ بَعْدِ ذَاكَ الْمَالِ أَنْصَافَ دُورِنَا وَكُنَّا أُنَاسًا لا نُعَيَّرُ بِالْبُخْلِ وَنَحْمِي ذِمَارَ الْحَيِّ فَهْرِ بْنِ مَالِكٍ وَنُوقِدُ نَارَ الْحَرْبِ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ فَكَانَ جَزْاءُ الْفَضْلِ مِنَّا عَلَيْهِمُ جَهَالَتَهُمْ حُمْقًا وَمَا ذَاكَ بِالْعَدْلِ فَبَلَغَ شِعْرُ حَسَّانٍ قُرَيْشًا ، وَأَمَرُوا ابْنَ أَبِي عَزَّةَ شَاعِرَهُمْ أَنْ يُجِيبَهُمْ ، فَقَالَ : مَعْشَرَ الأَنْصَارِ خَافُوا رَبَّكُمْ وَاسْتَجِيرُوا اللَّهَ مِنْ شَرِّ الْفِتَنْ إِنَّنِي أَرْهَبُ حَرْبًا لاقِحًا يَشْرَقُ الْمُرْضَعُ فِيهَا بِاللَّبَنْ جَرَّهَا سَعْدٌ وَسَعْدٌ فِتْنَةٌ لَيْتَ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ لَمْ يَكُنْ خَلْفَ بُرْهُوتٍ خَفِيًّا شَخْصُهُ بَيْنَ بُصْرَى ذِي رُعَيْنٍ وَجَدَنْ لَيْسَ مَا قَدَّرَ سَعْدٌ كَائِنًا مَا جَرَى الْبَحْرُ وَمَا دَامَ حَضَنْ لَيْسَ بِالْقَاطِعِ مِنَّا شَعْرَةً كَيْفَ يُرْجَى خَيْرُ أَمْرٍ لَمْ يَحِنْ لَيْسَ بِالْمُدْرِكِ مِنْهَا أَبَدًا غَيْرَ أَضْغَاثِ أَمَانِيِّ الْوَسَنْ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ | عكرمة بن أبي جهل المخزومي / توفي في :13 | صحابي |
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ | إبراهيم بن سعد الزهري | ثقة حجة |
مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بَابْنِ مَخْرَمَةَ | محمد بن موسى الأنصاري / توفي في :207 | متهم بالوضع |