قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : وَحَدَّثَنِي أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ هِلالٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنَّهُ قَالَ : " الشَّمْسُ تَطْلُعُ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ الْفَجْرُ ، وَتَغْرُبُ مِنْ حَيْثُ يَغْرُبُ الْفَجْرُ ، وَإِذا أَرَادَتْ أَنْ تَطْلُعَ غَابَتْ حَتَّى تَغْرُبَ بِالْعَمَلِ ، وَتَقُولُ : يَا رَبِّ إِذَا طَلَعْتُ عُبِدْتُ مِنْ دُونِكَ ، فَتَطْلُعُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْمَشْرِقِ فَتَجْرِي إِلَى الْمَغْرِبِ ، وَالْقَمَرُ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهَا يَوْمٌ تَغْرُبُ فِيهِ ، فَيُصْعَدُ بِهَا إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ حَتَّى تُوقَفَ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ، فَتُسَلِّمُ فَلا يَرُدُّ عَلَيْهَا سَلامًا ، فَتَسْجُدُ فَلا يَنْظُرُ إِلَيْهَا ، وَتَسْتَأْذِنُ فَلا يُؤْذَنُ لَهَا ، فَيُعْلَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، فَيَقُولُ : " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْمُرُكُمَا أَنْ تَرْجِعَا إِلَى مَغَارِبِكُمَا ، لا ضُوءَ لَكُمَا وَلا نُورَ بَعْدَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، فَيَبْكِيَانِ مِنْ خَوْفِ رَبِّهِمَا وَمِنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ كَذَلِكَ يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْغَافِلُونَ فِي غَفْلَتِهِمْ إِذْ بِمُنَادٍ يُنَادِي : " أَلا إِنَّ بَابَ التَّوْبَةِ قَدْ غُلِقَ ، وَإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ قَدْ طَلَعَا مِنْ مَغْرِبِهِمَا " . فَيَنْظُرُ النَّاسُ ، فَإِذَا هُمْ بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَسْوَدَانِ كَالْعِكْمَيْنِ ، لا ضَوْءَ لَهُمَا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ { 9 } يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ { 10 } سورة القيامة آية 9-10 . فَيَرْتَفِعَانِ مِثْلَ الْبَعِيرَيْنِ الْمَقْرُونَيْنِ ، يَتَنَازَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ اسْتِبَاقًا ، وَيَتَصَايَحُ أَهْلُ الدُّنْيَا وَتَذْهَلُ الأُمَّهَاتُ عَنْ أَوْلادِهَا ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، فَأَمَّا الصَّالِحُونَ الأَبْرَارُ فَإِنَّهُمْ يَنْفَعُهُمْ بُكَاؤُهُمْ ، وَأَمَّا الْفَاسِقُونَ الْفُجَّارُ فَلا يَنْفَعُهُمْ بُكَاؤُهُمْ يَوْمَئِذٍ ، وَتُكْتَبُ لَهُمْ حَسْرَةٌ ، فَإِذَا بَلَغَتِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ كَبِدَ السَّمَاءِ ، أَيْ : وَسَطَهَا ، جَاءَهُمَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَأَخَذَ بِقُرُونِهِمَا فَيَرُدُّهُمَا إِلَى الْمَغْرِبِ فَيَقْرِنُهُمَا فِي بَابِ التَّوْبَةِ . قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَمَا بَابُ التَّوْبَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : يَا عُمَرُ ، خَلَقَ اللَّهُ بَابًا لِلتَّوْبَةِ ، وَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ، لَهُ مِصْرَاعَانِ مِنْ ذَهَبٍ ، مُكَلَّلانِ بِالدُّرِّ وَالْجَوْهَرِ ، مَا بَيْنَ الْمِصْرَعِ وَالْمِصْرَعِ أَرْبَعُونَ عَامًا لِلرَّاكِبِ الْمُسْرِعِ ، وَذَلِكَ الْبَابُ مَفْتُوحٌ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ إِلَى صَبِيحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ مِنْ مَغَارِبِهِمَا ، وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَتُوبُ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا مِنْ وَلَدِ آدَمَ إِلا وَلَجَتْ تِلْكَ التَّوْبَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ . فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا التَّوْبَةُ النَّصُوحُ ؟ قَالَ : أَنْ يَتُوبَ ثُمَّ لا يَعُودَ ، قَالَ : فَقَرَنَهُمَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ فِي ذَلِكَ الْبَابِ ، ثُمَّ يَرُدُّ الْمِصْرَاعَيْنِ فَيَلْتَئِمُ مَا بَيْنَهُمَا ، وَيَصِيرَا كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا صَدْعٌ قَطُّ وَلا خَلَلٌ ، بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِذَا غُلِقَ بَابُ التَّوْبَةِ لَمْ تُقْبَلْ لِعَبْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ تَوْبَةٌ يُحْدِثُهَا ، وَلَمْ تَنْفَعْهُ حَسَنَةٌ يَعْمَلُهَا ، إِلا مَنْ كَانَ قَدْ قَدَّمَ لِنَفْسِهِ خَيْرًا ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنًا ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا سورة الأنعام آية 158 .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ | عبد الله بن عمرو السهمي / توفي في :63 | صحابي |
وَهْبِ بْنِ جَابِرٍ | وهب بن بيان الخيواني | مقبول |
الْعَلاءِ بْنِ هِلالٍ | العلاء بن هلال الباهلي | ثقة |
أَسَدُ بْنُ مُوسَى | أسد بن موسى الأموي | ثقة |