حَدِيثُ مكلبَةَ بْنِ مَلْكَانَ : غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ قِتَالا شَدِيدًا حَتَّى حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ ، وَنَزَلُوا هُمْ عَلَى الْمَاءِ ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَطْشَانَ قَدْ خَلَعَ ثِيَابَهُ وَاسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ ، فَأَخَذْتُ إِدَاوَةً لِي وَمَضَيْتُ فِي طَلَبِ الْمَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ أَرْضًا ذَاتَ رَمْلٍ ، فَإِذَا طَائِرٌ يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ شِبْهَ الدَّرَّاجِ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَطَارَ ، فَنَظَرْتُ إِلَى مَوْضِعِهِ ، فَإِذَا فِيهِ نَدَاوَةٌ فَحَفَرْتُ بِيَدِي فَخَرَقْتُ خَرْقًا عَمِيقًا ، فَنَبَعَ فَشَرِبْتُ حَتَّى رَوِيتُ وَتَوَضَّأْتُ وَمَلأْتُ الإِدَاوَةَ ، وَأَقْبَلْتُ حَتَّى أَتَيْتُ النَّبِيَّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ لِي : " يَا مكلبَةُ ، أَمَعَكَ مَاءٌ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ لِي : ادْنُ ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَنَاوَلْتُهُ الإِدَاوَةَ فَشِرَب حَتَّى رَوِيَ ، وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : يَا مكلبَةُ ، ضَعْ يَدَكَ عَلَى فُؤَادِي حَتَّى يَبْرَدَ ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى فُؤَادِهِ حَتَّى بَرَدَ ، ثُمَّ قَالَ لِي : يَا مكلبَةُ ، عَرَفَ اللَّهُ لَكَ هَذَا ، فَنَحَّيْتُ يَدِي عَنْ فُؤَادِهِ ، فَإِذَا هِيَ تَسْطَعُ نُورًا ، قَالَ الْمُظَفَّرُ بْنُ عَاصِمٍ : فَكَانَ مكلبَةُ يُوَارِي يَدَهُ بِالنَّهَارِ ؛ كَرَاهِيَة أَنْ يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَيَتَأَذَّى فَإِذَا رَآهُ مَنْ لا يَعْرِفُهُ حَسِبَ أَنَّهُ أَقْطَعُ ، وَلَقِيتُهُ بِاللَّيْلِ فَصَافَحْتُهُ فَإِذَا يَدُهُ تَسْطَعُ نُورًا ، ( خط ) مِنْ طَرِيقِ الْمُظَفَّرِ بْنِ عَاصِمٍ وَهُوَ الْمُتَّهَمُ بِهِ ، وَكَانَ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ مِائَةً وَتِسْعًا وَثَمَانِينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا ، وَلا يُعْرَفُ فِي الصَّحَابَةِ مَنِ اسْمُهُ مكلبَةُ ، وَقَالَ السُّيُوطِيُّ : قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي ( الْمِيزَانِ ) : مكلبَةُ بْنُ مَلْكَانَ الْخُوَارِزْمِيُّ زَعَمَ أَنَّهُ صَحَابِيٌّ ، فَإِمَّا افْتَرَى ، وَإِمَّا لا وُجُودَ لَهُ ، وَيَكُونُ مِنَ افْتِرَاءِ الْمُظَفَّرِ الْعِجْلِيِّ ، وَفِي ( الإِصَابَةِ ) لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ نَحْوُهُ ، وَقَالَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ ابْنُ كَثِيرٍ فِي ( جَامِعِ الْمَسَانِيدِ ) : أُعْجُوبَةٌ مِنَ الْعَجَائِبِ : مكلبَةُ بْنُ مَلْكَانَ أَمِيرُ خُوَارِزْمَ بَعْدَ الثَّلاثِ مِائَةِ بِقَلِيلٍ ، ادَّعَى الصُّحْبَةَ ، وَأَنَّهُ غَزَا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ غَزْوَةً ، فَإِنْ صَحَّ السَّنَدُ إِلَيْهِ بِهَذِهِ الدَّعْوَى فَقَدِ افْتَرَى ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ ، وَهُوَ الأَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ ، فَقَدِ ائْتَفَكَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلا الْمُظَفَّرُ بْنُ عَاصِمٍ الْعِجْلِيُّ ، وَلَسْتُ أَعْرِفُهُ ، وَالْغَالِبُ أَنَّهُ نَكِرَةٌ لا يُعْرَفُ ، انْتَهَى . ( قُلْتُ : ) لَيْسَ بِمَجْهُولٍ ، فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ ، مِنْهُمْ : عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ الْمُقْرِي فِي طَرِيقِ الْخَطِيبِ ، وَمِنْهُمْ : أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمُفِيدُ فِي ( تَارِيخِ خُوَارِزْمَ ) لِمَحْمُودِ بْنِ أرسلانَ ، وَمِنْهُمْ : مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ الْمُقْرِي ، ذَكَرَ الذَّهَبِيُّ : أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنَ الْمُظَفَّرِ ، وَمِنْهُمُ : الْحَارِثُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ الْبَلْخِيُّ ، وَمِنْ طَرِيقِهِ رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ الْمُسْتَمْلِي ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ، قَالَ السُّيُوطِيُّ وَفِي تَارِيخِ ابْنِ النَّجَّارِ : أَنَّ مُصْعَبًا الْخُرَاسَانِيَّ حَدَّثَ بِبَغْدَادَ بِحَضْرَةِ الْخَلِيفَةِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ ابْنِ الْمُقْتَدِرِ ، عَنْ مكلبَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ، ( قُلْتُ : ) مُصْعَبٌ الْمَذْكُورُ لَمْ يُتَرْجَمْ فِي ( الْمِيزَانِ ) وَلا فِي ( اللِّسَانِ ) ، وَالْغَالِبُ عَلَى ظَنِّي أَنَّهُ مُظَفَّرٌ كُتِبَ بِالضَّادِ فَتَصَحَّفَ بِمُصْعَبٌ ، وَقَوَّى ظَنِّي بِذَلِكَ أَنَّ الرَّاوِيَ لَهُ فِي طَرِيقِ ابْنِ النَّجَّارِ ، عَنْ مُصْعَبٍ الْمَذْكُورِ ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ ، وَهُوَ قَدْ رَوَاهُ عَنِ الْمُظَفَّرِ كَمَا قَدَّمْنَا عَنِ الذَّهَبِيِّ ، وَالْمُظَفَّرُ خُرَاسَانِيٌّ ، فَقَدْ ذَكَرَ الذَّهَبِيُّ عَنْهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ ، أَنَّهُ قَالَ : وُلِدْتُ فِي آخِرِ دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنَ الْكِبَرِ ، وَمَوْلِدُهُ بِالْكُوفَةِ وَمَنْشَؤُهُ بِخُرَاسَانَ ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مكلبَةَ بْنِ مَلْكَانَ | مكلبة بن ملكان الخوارزمي | متهم بالوضع |