تفسير

رقم الحديث : 122

ثُمَّ ذَكَرَ بِسَنَدِهِ ، عَنْ ثُمَّ ذَكَرَ بِسَنَدِهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَمْدَانِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : لَمْ نَشْعُرْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَإِذَا بِالأَشْعَرِيِّ قَدْ طَلَعَ عَلَى مِنْبَرِ الْجَامِعِ بِالْبَصْرَةِ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ ، وَمَعَهُ شَرِيطٌ قَدْ شَدَّهُ فِي وَسَطِهِ ثُمَّ قَطَعَهُ ، وَقَالَ : اشْهَدُوا عَلَيَّ إِنِّي كُنْتُ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلامِ ، وَإِنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ السَّاعَةَ ، وَإِنِّي تَائِبٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ مِنَ الْقَوْلِ بِالاعْتِزَالِ ، ثُمَّ نَزَلَ . ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدَانِيُّ مَجْهُولٌ . وَإِنَّمَا رَمَاهُ بِالْجَهْلِ لأَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ لا مَطْعَنَ فِيهِ ، فَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ يَعْلَمُهُ وَأَنْكَرَهُ لِهَوَاهُ ، فَذَلِكَ وَصْمَةٌ فِيهِ ، وَإِمَّا أَنَّهُ جَاهِلٌ بِهِ حَقِيقَةً فَهُوَ قُصُورٌ ، وَعَدَمُ اطِّلاعٍ ، وَإِنَّمَا رَمَاهُ بِالْجَهَالَةِ لأَنَّ فِي تَمَامِ الْحِكَايَةِ أَمْرًا كَتَمَهُ وَأَخْفَاهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ، وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَمْدَانِيُّ : ثُمَّ أَنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ : فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَمُتَابِعُوهُ وَمَنْ بَِهْوَاهُ : بَانَ لَهُ الْحَقُّ فَتَبِعَهُ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : كَانَ قَدْ مَاتَ لَهُ قَرَابَةٌ ، وَلَهُ مَالٌ كَثِيرٌ ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِالْبَصْرَةِ قَاضٍ يَغْلُو فِي السُّنَّةِ ، فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي : أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لا يَتَوَارَثَانِ ، وَمَنَعَهُ مِنَ الْمِيرَاثِ بِتَأْوِيلٍ يَتَأَوَّلُهُ عَلَيْهِ ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ حَتَّى أَخَذَ الْمِيرَاثَ ، وَقَالَ طَائِفَةٌ : كَانَ قَدِ اشْتَغَلَ بِالْكَلامِ ، وَأَفْنَى فِيهِ عُمْرَهُ ، وَبَلَغَ مِنْهُ أَقْصَى مَبْلَغٍ ، وَلَمْ يَرَ لِنَفْسِهِ رُتْبَةً عِنْدَ الْعَامَّةِ ، وَلا مَنْزِلَةً عِنْدَ الْخَاصَّةِ ، فَأَظْهَرَ التَّوْبَةَ لِيُؤْخَذَ عَنْهُ ، وَيُقْبَلَ مِنْهُ ، وَيُحَصِّلَ لَهُ مَنْزِلَةً ، فَبَلَغَ بِذَلِكَ بَعْضَ مَا أَرَادَ . هَذَا آخِرُ كَلامِ الْحَمْدَانِيِّ ، فَكَتَمَ هَذَا مِنْهُ ابْنُ عَسَاكِرَ ، وَأَخْفَى لِهَوَاهُ بِيَانَ حَالِ الْحَمْدَانِيِّ ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيُّ : كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَمْدَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ قَيِّمًا بِالنَّحْوِ وَالْعَرُوضِ وَالْغَرِيبِ وَالأَخْبَارِ وَالأَشْعَارِ ، مُقَدَّمًا فِي ذَلِكَ ، لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَصَبِيَّةٌ فِي الدِّيَانَاتِ ، وَلا مَيْلٌ إِلَى الْغُلُوِّ فِي ذَلِكَ ، وَلا يَقُولُ فِي ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ ، آخِر كَلامِهِ . وَقَدْ وَصَفَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْحَمْدَانِيَّ هَذَا بِالْمَعْرِفَةِ بِالنَّحْوِ وَغَيْرِهِ ، وَأَنَّهُ كَانَ إِمَامًا فِي اللُّغَةِ ، وَقَدْ نَقَلَ عَنِ الأَشْعَرِيِّ حِكَايَاتٍ عَدِيدَةً شَنِيعَةً ، رَوَاهَا عَنْهُ الأَئِمَّةُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْهَا فِي كِتَابِ كَشْفِ الْغِطَاءِ ، مِنْهَا الْحِكَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْهُ حِينَ لَقَّنَ الْمَيِّتَ ، فَقَالَ الدَّافِنُ : اللَّهُمَّ أَوْسِعْ مُدْخَلَهُ ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ ، فَقَالَ الأَشْعَرِيُّ : وَأَلْعِقْهُ خَرَاهُ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : هَذَا الْكَلامُ لَيْسَ مِنْ ذَا الْجَانِبِ ، هَذَا مِنْ ذَاكَ الْجَانِبِ ، فَقَالَ : وَأَنَا فِي ذَاكَ الْجَانِبِ وُلِدْتُ ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : قُلْتُ لَهُ : هَذَا مَذْهَبُ الإِلْحَادِيَّةِ ، فَقَالَ : وَأَنَا وُلِدْتُ مُلْحِدًا وَغَيْرَ ذَلِكَ ، لَكِنِّي لَمْ أَرَ تَرْجَمَةَ هَذَا الرَّجُلِ فِي تَارِيخِ الذَّهَبِيِّ ، فَهَذَا الَّذِي ذَكَرَ عَنْهُ الْخَبَرَ ، قَدْ ذَكَرَ أَنَّ النَّاسَ فِي ذَلِكَ الآنَ اخْتَلَفُوا فِي تَوْبَتِهِ ، هَلْ هِيَ صَادِقَةٌ أَمْ لا ؟ وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَهُ : إِنَّ النَّاسَ اتَّخَذُوهُ إِمَامًا ، وَأَيْضًا قَدْ نَقَلَ الْحَمْدَانِيُّ هَذَا أَنَّ النَّاسَ لَمْ تَقْبَلْ تَوْبَتَهُ ، وَلَمْ تَأْخُذْ بِكُتُبِهِ ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ قَوْلَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ حِكَايَةً أُخْرَى ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا وَأَنَّهُ تَابَ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَمْرًا آخَرَ كَذَلِكَ بِسَنَدٍ ، وَأَنَّهُ تَابَ عَنِ الاعْتِزَالِ ، ثُمَّ قَالَ : فَهَذَا سَبَبُ رُجُوعِهِ عَنْ مَذَاهِبِ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى مَذَاهِبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، فَقَدْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَ عُمْرِهِ عَلَى غَيْرِ السُّنَّةِ ، وَإِنْ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا مُتَكَلِّمًا ، وَأَنَّهُ تَابَ عَنِ الاعْتِزَالِ ، وَلَمْ يَتُبْ عَنِ الْكَلامِ فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَنْ كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ ، وَبِهَذِهِ الْحَالَةِ ، يُجْعَلُ إِمَامُ الإِسْلامِ ، وَالْمُقْتَدَى بِهِ يُتْرَكُ مِثْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ ، وَلا يُقْتَدَى وَلا يُذْكَرُ إِلَّا هَذَا الَّذِي أَقَامَ عَلَى الْبِدْعَةِ عُمْرَهُ ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَوْبَتِهِ ، هَلْ كَانَتْ حَقِيقَةً أَمْ لا ؟ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.