اخبار عبد الله بن عباس واخبار ابيه العباس بن عبد المطلب


تفسير

رقم الحديث : 588

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ ، قَالَ : لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ثَارَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ ، فَدَعَا ابْنَ عَبَّاسٍ إِلَى بَيْعَتِهِ ، فَامْتَنَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَظَنَّ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ أَنَّ امْتِنَاعَ ابْنِ عَبَّاسٍ تَمَسُّكًا مِنْهُ بِبَيْعَتِهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْمُلْحِدَ ابْنَ الزُّبَيْرِ دَعَاكَ إِلَى بَيْعَتِهِ ، وَالدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ ، لِتَكُونَ لَهُ عَلَى الْبَاطِلِ ظَهِيرًا ، وَفِي الْمَآثِمِ شَرِيكًا ، وَإِنَّكَ اعْتَصَمْتَ بَيْعَتَنَا وَفَاءً مِنْكَ لَنَا وَطَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَا عَرَّفَكَ مِنْ حَقِّنَا ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنْ ذِي رَحِمٍ خَيْرَ مَا يَجْزِي الْوَاصِلِينَ أَرْحَامَهُمُ ، الْمُوفِينَ بِعُهُودِهِمْ ، فَمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ بِرَّكَ ، وَتَعْجِيلَ صَلَتِكَ بِالَّذِي أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ مِنَ الْقَرَابَةِ مِنَ الرَّسُولِ ، فَانْظُرْ مَنْ طَلَعَ عَلَيْكَ مِنَ الْآفَاقِ مِمَّنْ سَحَرَهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ بِلِسَانِهِ وَزُخْرُفِ قَوْلِهِ ، فَأَعْلِمْهُمْ رَأْيَكَ ، فَإِنَّهُمْ مِنْكَ أَسْمَعُ ، وَلَكَ أَطْوَعُ مِنْهُمْ لِلْمُخِلِّ الْمُجْرِمِ الْمَارِقِ . فَكَتَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ دُعَاءَ ابْنِ الزُّبَيْرِ إِيَّايَ إِلَى بَيْعَتِهِ ، وَالدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ ، فَإِنْ يَكُ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَرْجُو بِذَلِكَ بِرَّكَ وَلَا حَمْدَكَ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِالَّذِي أَوِي بِهِ عَلِيمٌ ، وَزَعَمْتَ أَنَّكَ غَيْرُ نَاسٍ بِرِّي وَتعْجِيلَ صِلَتِي ، فَاحْبِسْ أَيُّهَا الْإِنْسَانُ بِرَّكَ وَتَعْجِيلَ صِلَتِكَ ، فَإِنِّي حَابِسٌ عَنْكَ وُدِّي ، فَلَعَمْرِي مَا تُؤْتِينَا مِمَّا لَنَا قِبَلَكَ مِنْ حَقِّنَا إِلَّا الْيَسِيرَ ، وَإِنَّكَ لَتَحْبِسُ مَعَهُ الْعَرِيضَ الطَّوِيلَ ، وَسَأَلْتَ أَنْ أَحُثَّ النَّاسَ عَلَيْكَ ، وَأَنْ أُخَذِّلُهُمْ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ ، فَلَا ، وَلَا سُرُورًا وَلَا حُبًّا ، إِنَّكَ تَسْأَلُنِي نُصْرَتَكَ وَتَحُثُّنِي عَلَى وُدِّكَ ، وَقَدْ قَتَلْتَ حُسَيْنًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَفِتْيَانَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَصَابِيحَ الْهُدَى ، وَنُجُومَ الْأَعْلَامِ ، غَادَرَتْهُمْ خُيُولُكَ بِأَمْرِكَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ مُزَمَّلِينَ بِالدِّمَاءِ ، مَسْلُوبِينَ بِالْعَرَاءِ ، لَا مُكَفَّنِينَ وَلَا مُوَسَّدِينَ ، تَسِفُّوا عَلَيْهِمُ الرِّيَاحُ ، وَتَنْتَابُهُمْ عُرْجُ الضِّبَاعِ ، حَتَّى أَتَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ بِقَوْمٍ لَمْ يَشْرِكُوا فِي دِمَائِهِمْ ، كَفَّنُوهُمْ وَأَجَنُّوهُمْ ، وَبِي وَبِهِمْ وَاللَّهِ غَرَّرْتَ ، وَجَلَسْتَ مَجْلِسَكَ الَّذِي جَلَسْتَ فِيمَا أَنْسَى مِنَ الْأَشْيَاءِ فَلَسْتُ بِنَاسٍ اطِّرَادَكَ حُسَيْنًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ حَرَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حَرَمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَتَسْيِيرَكَ إِلَيْهِ الرِّجَالَ لِتَقْتُلَهُ فِي الْحَرَمِ ، فَمَا زِلْتَ بِذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَشْخَصْتَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ ، فَخَرَجَ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ، فَتَزَلْزَلَتْ بِهِ خَيْلُكَ عَدَاوَةً مِنْكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ ، وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرَهُمْ تَطْهِيرًا ، أُولَئِكَ لَا كَآبَائِكَ الْجِلَافِ الْحُفَاةِ أَكْبَادِ الْحَمِيرِ ، فَطَلَبَ إِلَيْكُمُ الْمُوَادَعَةَ وَسَأَلَكُمُ الرَّجْعَةَ ، فَاغْتَنَمْتُمْ قِلَّةَ أَنْصَارِهِ وَاسْتِئْصَالَ أَهْلِ بَيْتِهِ فَتَعَاوَنْتُمْ عَلَيْهِ كَأَنَّكُمْ قَتَلْتُمْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَ التُّرْكِ ، فَلَا شَيْءَ أَعْجَبُ عِنْدِي مِنْ طُلْبَتِكَ وُدِّي ، وَقَدْ قَتَلْتَ وَلَدِي ، وَسَيْفُكَ يَقْطُرُ مِنْ دَمِي ، وَأَنْتَ آخِذٌ ثَأْرِي ، فَإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَطُولُ لَدَيْكَ دَمِي ، وَلَا تَسْبِقُنِي بِثَأْرِي ، وَإِنْ سَبَقْتَنِي فِي الدُّنْيَا فَقَبْلَ ذَلِكَ مَا قُتِلَ النَّبِيُّونَ ، وَإِنَّ النَّبِيِّينَ فَيَطْلُبُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِدِمَائِهِمْ ، فَكَفَى بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَظْلُومِينَ نَاصِرًا ، وَمِنَ الظَّالِمِينَ مُنْتَقِمًا ، فَلَا يُعْجِبَنَّكَ إِنْ ظَفِرْتَ بِنَا الْيَوْمَ ، فَلَنَظْفَرَنَّ بِكَ يَوْمًا ، وَذَكَرْتَ وَفَائِي وَمَا عَرَّفْتَنِي مِنْ حَقِّكَ ، فَإِنْ يَكُ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، فَقَدْ وَاللَّهِ بَايَعْتُكَ وَمَنْ قَبْلَكَ ، وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَبِي وَوَلَدَ أَبِي أَحَقَّ بِهَذَا الْأَمْرِ مِنْكُمْ ، وَلَكِنَّكُمْ مَعْشَرَ قُرَيْشٍ كَاثَرْتُمُونَا حَتَّى دَفَعْتُمُونَا عَنْ حَقِّنَا ، وَوَلِيتُمُ الْأَمْرَ دُونَنَا ، فَبُعْدًا لِمَنْ تَجَرَّأَ ظُلْمًا ، وَاسْتَغْوَى السُّفَهَاءَ عَلَيْنَا كَمَا بَعُدَتْ ثَمُودُ ، وَقَوْمُ لُوطٍ ، وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ، أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَعْجَبِ الْأَعَاجِيبِ - وَمَا عَسَى أَنْ أَعْجَبَ - حَمْلُكَ بَنَاتِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَطْفَالًا صِغَارًا مِنْ وَلَدِهِ إِلَيْكَ بِالشَّامِ كَالسَّبْيِ الْمَجْلُوبِينَ ، تُرِي النَّاسَ أَنَّكَ قَدْ قَهَرْتَنَا ، وَأَنَّكَ تَمُنُّ عَلَيْنَا ، وَبِنَا مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكَ ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ لَئِنْ كُنْتَ تُصْبِحُ آمِنًا مِنْ جِرَاحَةِ يَدِي ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يُعْظِمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جُرْحَكَ مِنْ لِسَانِي وَنَقْضِي وَإِبْرَامِي . وَاللَّهِ مَا أَنَا بِآيِسٍ مِنْ بَعْدِ قَتْلِكَ وَلَدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَكَ أَخْذًا أَلِيمًا ، وَيُخْرِجَكَ مِنَ الدُّنْيَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا ، فَعِشْ ، لَا أَبَ لَكَ إِنِ اسْتَطَعْتَ ، فَقَدْ وَاللَّهِ ازْدَدْتَ عِنْدَ اللَّهِ أَضْعَافًا ، وَاقْتَرَفْتَ مَأْثَمًا ، وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.