الْمَدَائِنِيُّ ، أَنَّكَ تَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ مِصْرَ فَتَذْكُرُ بَلاءً عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : الْمَدَائِنِيُّ ، أَنَّكَ تَقُومُ عَلَى مِنْبَرِ مِصْرَ فَتَذْكُرُ بَلاءً عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّكُمْ مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ لَسْتُمْ إِلَى أَحَدٍ بِالْمَسَاءَةِ أَسْرَعُ مِنْكُمْ إِلَى أَنْصَارِ عُثْمَانَ ، فَإِنْ يَكُ ذَلِكَ لِسُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ وَلِيَهَا بَنُو تَيْمٍ وَعَدِيٍّ فَأَظْهَرْتُمُ الطَّاعَةَ ، وَقَدْ وَقَعَ مِنَ الأَمْرِ مَا تَرَى مَعَ مَا كَانَ مِنْ وَقْعَةِ الْبَصْرَةِ الَّتِي لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ عَظِيمِ الْمَصَائِبِ وَذَهَابِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ ، وَأَخْذِ هَذِهِ الْحَرْبِ مِنَّا وَمِنْكُمْ ، حَتَّى اسْتَوَيْنَا فِيهَا ، وَقَدْ رَجَوْنَا غَيْرَ الَّذِي كَانَ ، وَخَشِينَا دُونَ الَّذِي وَقَعَ ، وَلَسْتُمْ بِلاقِينَا الْيَوْمَ بِأَحَدٍ مِنْ حَدِّكُمْ أَمْسَ ، وَلا غَدًا بِأَحَدٍ مِنْ حَدِّكُمُ الْيَوْمَ ، وَقَدْ مُنِعْنَا بِمَا كَانَ مِنَّا الشَّامَ ، وَمُنِعْتُمْ بِمَا كَانَ مِنْكُمُ الْعِرَاقَ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي قُرَيْشٍ فَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْ رِجَالِهَا سَبْعَةُ نَفَرٍ : رَجُلانِ بِالشَّامِ وَرَجُلانِ بِالْعِرَاقِ وَثَلاثَةٌ بِالْحِجَازِ ، فَأَمَّا الَّذِي بِالْحِجَازِ فَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَأَمَّا اللَّذَانِ بِالشَّامِ فَأَنَا وَعَمْرٌو ، وَأَمَّا اللَّذَانِ بِالْعِرَاقِ فَعَلِيٌّ وَأَنْتَ ، وَمِنَ السَّبْعَةِ رَجُلانِ نَاصِبَانِ ، وَرَجُلانِ مُدْبِرَانِ ، وَثَلاثَةٌ وُقُوفٌ عَنَّا وَعَنْكَ ، وَأَنْتَ رَأْسُ هَذَا الْجَمْعِ الْيَوْمَ ، وَلَوْ بَايَعَ النَّاسُ لَكَ بَعْدَ عُثْمَانَ كُنَّا إِلَيْكَ أَسْرَعُ مِنَّا إِلَى عَلِيٍّ . وَالسَّلامُ . فَلَمَّا قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ كِتَابَهُ ضَحِكَ ، ثُمَّ قَالَ : حَتَّى مَتَى يَخْطُبُ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ عَقْلِي وَأُجَمْجِمُ لَهُ عَمَّا فِي نَفْسِي ؟ ثُمَّ كَتَبَ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ أَتَانِي كِتَابُكَ ، فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ سُرْعَتِنَا إِلَى أَنْصَارِ عُثْمَانَ بِسُلْطَانِ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَدْ أَدْرَكْتَ حَاجَتَكَ بِعُثْمَانَ ، لَقَدِ اسْتَنْصَرَكَ فَلَمْ تَنْصُرْهُ ، حَتَّى صِرْتَ إِلَى مَا صِرْتَ إِلَيْهِ ، وَبَيْنِي وَبَيْنَكَ فِي ذَلِكَ ابْنُ عَمِّكَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ وَمَا كَتَبَ بِهِ إِلَيْكَ ، وَأَمَّا طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فَإِنَّهُمَا طَلَبَا الْمُلْكَ وَنَكَثَا الْبَيْعَةَ ، فَقَاتَلْنَاهُمَا عَلَى النَّكْثِ ، وَقَاتَلْنَاكَ عَلَى الْبَغْيِ ، وَأَمَّا قَوْلُكَ لَمْ يَبْقَ مِنْ قُرَيْشٍ غَيْرُ سَبْعَةِ نَفَرٍ ، فَمَا أَكْثَرُ رِجَالِهَا ، وَأَحْسَنُ بَقِيَّتِهَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ ، وَقَدْ قَاتَلَكَ مِنْ خِيَارِهَا مَنْ قَاتَلَكَ ، وَأَمَّا إِغْرَاؤُكَ إِيَّايَ بِتَيْمٍ وَعَدِيٍّ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ خَيْرٌ مِنْ عُثْمَانَ ، كَمَا أَنَّ عُثْمَانَ خَيْرٌ مِنْكَ ، وَمَاذَا تَقِيسُ بِهِ نَفْسَكَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا لَنْ نَلْقَاكُمْ بِمِثْلِ مَا لَقِينَاكُمْ بِهِ بِالأَمْسِ ، فَقَدْ بَقِيَ لَكَ مِنَّا يَوْمٌ يُنْسِيكَ مَا قَبْلَهُ ، وَيُخِفُيكَ مَا بَعْدَهُ ، وَأَمَّا قَوْلُكَ إِنَّهُ لَوْ بَايَعَنِي النَّاسُ اسْتَقَمْتَ لِي ، فَقَدْ بَايَعُوا عَلِيًّا وَهُوَ خَيْرٌ مِنِّي فَلَمْ تَسْتَقِمْ لَهُ ، وَإِنَّ الْخِلافَةَ لا تَصْلُحُ إِلا لِمَنْ كَانَ فِي الشُّورَى ، مِمَّنْ سَمَّاهُ عُمَرُ ، فَمَا أَنْتَ وَالْخِلافَةُ يَا مُعَاوِيَةُ ، وَأَنْتَ طَلِيقُ الإِسْلامِ ، وَابْنُ رَأْسِ الأَحْزَابِ ، وَابْنُ آكِلَةِ الأَكْبَادِ ؟ فَلَمَّا أَتَى مُعَاوِيَةَ كِتَابُهُ قَرَأَهُ عَلَى عَمْرٍو ، فَقَالَ لَهُ عمَرْوٌ : أَنْتَ عَرَّضْتَ نَفْسَكَ لِهَذَا . فَقَالَ : لَسْتُ وَاللَّهِ أَعُودُ لِمِثْلِهَا " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
مُعَاوِيَةُ | معاوية بن أبي سفيان الأموي / توفي في :60 | صحابي |