ملطية


تفسير

رقم الحديث : 309

حدثني مُحَمَّد بْن سَعْد ، عَنِ الواقدي ، قَالَ : خرج ميخائيل من درب الحدث في ثمانين ألفا ، فأتى عمق مرعش ، فقتل وأحرق وسبى منَ المسلمين خلقا ، وصار إِلَى باب مدينة مرعش ، وبها عِيسَى بْن علي ، وكان قَدْ غزا في تلك السنة ، فخرج إليه موالى عِيسَى وأهل المدينة ومقاتلتهم ، فرشقوه بالنبل والسهام ، فاستطرد لهم حَتَّى إذا نحاهم عَنِ المدينة كر عليهم ، فقتل من موالى عِيسَى ثمانية نفر ، واعتصم الباقون بالمدينة ، فأغلقوها فحاصرهم بها ، ثُمَّ انصرف حَتَّى نزل جيحان ، وبلغ الخبر ثمامة بْن الوليد العبسي ، وهو بدابق ، وكان قَدْ ولى الصائفة سنة إحدى وستين ومائة ، فتوجه إليه خيلا كثيفة ، فأصيبوا إلا من نجا منهم ، فاحفظ ذلك المهدي ، واحتفل لإغزاء الْحَسَن بْن قحطبة في العام المقبل ، وهو سنة اثنتين وستين ومائة . قالوا : وكان حصن الحدث مما فتح أيام عُمَر فتحه حبيب بْن مسلمة من قبل عياض بْن غنم ، وكان معاوية يتعهده بعد ذلك ، وكان بنو أمية يسمون درب الحدث السلامة للطيرة ، لأن المسلمين كانوا أصيبوا به ، فكان ذلك الحدث فيما يقول بعض الناس . وقال قوم : لقي المسلمين غلام حدث عَلَى الدرب فقاتلهم في أصحابه ، فقيل درب الحدث ، ولما كان زمن فتنة مروان بْن مُحَمَّد خرجت الروم ، فهدمت مدينة الحدث وأجلت عنها أهلها كما فعلت بملطية ، ثُمَّ لما كانت سنة إحدى وستين ومائة خرج ميخائيل إِلَى عمق مرعش ، ووجه المهدي الْحَسَن بْن قحطبة ساح في بلاد الروم ، فثقلت وطأته عَلَى أهلها ، حَتَّى صوروه في كنائسهم ، وكان دخوله من درب الحدث ، فنظر إِلَى موضع مدينتها ، فأخبر أن ميخائيل خرج منه ، فارتاد الْحَسَن موضع مدينته هناك ، فلما انصرف كلم المهدي في بنائها وبناء طرسوس ، فأمر بتقديم بناء مدينة الحدث ، وكان في غزاة الْحَسَن هَذِهِ مندل العنزي المحدث الكوفي ، ومعتمر بْن سُلَيْمَان البصري ، فأنشأها عَلي بْن سُلَيْمَان بْن علي ، وهو عَلَى الجزيرة وقنسرين ، وسميت المحمدية ، وتوفي المهدي مع فراغهم من بنائها ، فهي المهدية والمحمدية ، وكان بناؤها باللبن ، وكانت وفاته سنة تسع وستين ومائة ، واستخلف موسى الهادي ابنه ، فعزل عَلي بْن سُلَيْمَان ، وولى الجزيرة وقنسرين مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن علي ، وقد كان علي بْن سُلَيْمَان فرغ من بناء مدينة الحدث ، وفرض مُحَمَّد لها فرضا من أهل الشام والجزيرة وخراسان في أربعين دينارا منَ العطاء ، وأقطعهم المساكن وأعطى كل امرئ ثلثمائة درهم ، وكان الفراغ منها في سنة تسع وستين ومائة . وقال أَبُو الخطاب : فرض علي بْن سُلَيْمَان بمدينة الحدث لأربعة آلاف ، فأسكنهم إياها ، ونقل إليها من ملطية وشمشاط وسميساط وكيسوم ، ودلوك ، ورعبان ألفي رجل . قَالَ الواقدي : ولما بنيت مدينة الحدث هجم الشتاء والثلوج ، وكثرت الأمطار ، ولم يكن بناؤها بمستوثق منه ، ولا محتاط فيه ، فتثلمت المدينة ، وتشعثت ، ونزلت بها الروم ، فتفرق عنها من كان فيها من جندها وغيرهم ، وبلغ الخبر موسى ، فقطع بعثا مع المسيب بْن زهير ، وبعثا مع روح بْن حَاتِم ، وبعثا مع حَمْزَة بْن مَالِك ، فمات قبل أن ينفذوا ، ثُمَّ ولى الرشيد الخلافة ، فأمر ببنائها وتحصينها وشحنتها وإقطاع مقاتلتها المساكن والقطائع . وقال غير الواقدي : أناخ بطريق من عظماء بطارقة الروم في جمع كثيف عَلَى مدينة الحدث حين بنيت ، وكان بناؤها بلبن قَدْ حمل بعضه عَلَى بعض ، وأضرت به الثلوج ، وهرب عاملها ومن فيها ، ودخلها العدو فحرق مسجدها وأخربها ، واحتمل أمتعة أهلها فبناها ، الرشيد حين استخلف .

الرواه :

الأسم الرتبة