حَدَّثَنِي حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّدُوسِيُّ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، قَالَ : " وَفَدَنِي أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ فِي عَشَرَةٍ مِنَ الْعَرَبِ إِلَى الْيَمَنِ ، فَبَيْنَا نَحْنُ ذَاتَ يَوْمٍ نَسِيرُ إِذْ مَرَرْنَا إِلَى جَانِبِ قَرْيَةٍ أَعْجَبَنَا عِمَارَتُهَا ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : لَوْ مِلْنَا إِلَيْهَا ، فَدَخَلْنَا ، فَإِذَا هِيَ قَرْيَةٌ أَحْسَنُ مَا رَأَيْتُ ، كَأَنَّهَا زَخَائِفُ الرَّقْمِ ، وَإِذَا قَصْرٌ أَبْيَضُ بِفِنَائِهِ شِيبٌ وَشُبَّانٌ ، وَإِذَا جَوَارٍ نَوَاهِدُ أَبْكَارٌ ، قَدْ أَحْجَمَ الثَّدْيُ عَلَى نُحُورِهِنَّ ، قَدْ أَخَذْنَ الْمِهْزَامَ وَهُنَّ يُدِرْنَ ، وَسَطَهُنَّ جَارِيَةٌ قَدْ عَلَتْهُنَّ جَمَالا ، بِيَدِهَا دُفٌّ تَضْرِبُهُ وَتَقُولُ : مَعْشَرَ الْحُسَّادِ مُوتُوا كَمَدَا كَذَا نَكُونُ مَا بَقِينَا أَبَدَا غَيَّبَ عَنَّا مَا نَعَانَا حَسَدَا وَكَانَ جَدُّهُ الشَّقِيَّ الأَنْكَدَا وَإِذَا غَدِيرٌ مِنْ مَاءٍ ، وَإِذَا سَرْجٌ مَمْدُودٌ كَثِيرُ الْمَوَاشِي وَالإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْخَيْلِ وَالأَفْلاءِ ، وَإِذَا قُصُورٌ مُسْتَدِيرَةٌ ، فَقُلْتُ لأَصْحَابِنَا : لَوْ وَضَعْنَا رِحَالَنَا فَتَأْخُذُ الْعُيُونُ مِمَّا تَرَى حَظًّا ، وَتَقْضِي النُّفُوسُ مِنْهُ وَطَرًا ، فَبَيْنَا نَضَعُ رِحَالَنَا إِذْ أَقْبَلَ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْقَصْرِ الأَبْيَضِ ، عَلَى أَعْنَاقِهِمُ الْبُسُطُ ، فَبَسَطُوا لَنَا ثُمَّ مَالُوا عَلَيْنَا بِأَطَايِبِ الطَّعَامِ ، وَأَلْوَانِ الأَشْرِبَةِ ، فَاسْتَرَحْنَا وَأَرَحْنَا ، ثُمَّ نَهَضْنَا لِلرِّحْلَةِ ، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ وَقَالُوا : إِنَّ سَيِّدَ هَذِهِ الْقَرْيَةِ يُقْرِئُكُمُ السَّلامَ ، وَيَقُولُ : اعْذُرُونِي عَلَى تَقْصِيرٍ إِنْ كَانَ مِنِّي ، فَإِنِّي مَشْغُولٌ بِعُرْسٍ لَنَا ، وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ . . . ، فَدَعَوْنَا لَهُمْ وَبَرَّكْنَا ، فَعَمَدُوا إِلَى مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ فَمَلَئُوا مِنْهُ سَفَرَنَا ، فَقَضَيْتُ سَفَرِي وَرَجَعْتُ مُتَنَكِّبًا لِذَلِكَ الطَّرِيقِ ، فَغَبَرَتْ بُرْهَةٌ مِنَ الدَّهْرِ ، ثُمَّ وَفَدَنِي مُعَاوِيَةُ فِي عَشَرَةٍ مِنَ الْعَرَبِ ، لَيْسَ مَعِي أَحَدٌ مِمَّنْ كَانَ فِي الْوَفْدِ ، فَبَيْنَا أُحَدِّثُهُمْ بِحَدِيثِ الْقَرْيَةِ وَأَهْلِهَا إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ : أَلَيْسَ هَذَا الطَّرِيقُ الآخِذُ إِلَيْهَا ؟ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ دَكَادِكُ وَتُلُولٌ ، وَأَمَّا الْقُصُورُ فَخَرَابٌ مَا يَبِينُ مِنْهَا إِلا الرُّسُومُ ، وَأَمَّا الْغَدِيرُ فَلَيْسَ فِيهِ قَطْرَةٌ مِنَ الْمَاءِ ، وَأَمَّا السَّرْجُ فَقَدْ عَفَا وَدَثَرَ أَمْرُهُ ، فَبَيْنَا نَحْنُ وُقُوفٌ مُتَعَجِّبُونَ إِذْ لاحَ لَنَا شَخْصٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْقَصْرِ الأَبْيَضِ ، فَقُلْتُ لِبَعْضِ الْغِلْمَانِ : انْطَلِقْ حَتَّى نَسْتَبْرِئَ ذَلِكَ الشَّخْصَ ، فَمَا لَبِثَ أَنْ عَادَ مَرْعُوبًا ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا وَرَاءَكَ ؟ فَقَالَ : أَتَيْتُ ذَلِكَ الشَّخْصَ فَإِذَا عَجُوزٌ عَمْيَاءُ فَرَاعَتْنِي ، فَلَمَّا سَمِعَتْ حِسِّي قَالَتْ : أَسْأَلُكَ بِالَّذِي بَلَّغَكَ سَالِمًا إِلا أَخَذْتَ عَلَى عَيْنِكَ وَرُحْتَ حَتَّى دَخَلْتَ فِي التَّلِّ ، ثُمَّ قَالَتْ : سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ ، فَقُلْتُ : أَيَّتُهَا الْعَجُوزُ الْغَابِرَةُ ، مَنْ أَنْتِ ؟ وَمِمَّنْ أَنْتِ ؟ فَأَجَابَتْنِي بِصَوْتٍ مَا يَبِينُ ، أَنَا عَمِيرَةُ بِنْتُ دَوْبَلٍ سَيِّدِ أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ : أَنَا ابْنَةُ مَنْ قَدْ كَانَ يُقْرِي وَيُنْزِلُ وَيَحْنُو عَلَى الضِّيفَانِ وَاللَّيْلُ أَلْيَلُ مِنْ مَعْشَرٍ صَارُوا رَمِيمًا أَبُوهُمْ أَبُو الْجَحَّافِ بِالْخَيْرِ دَوْبَلُ ، قُلْتُ : مَا فَعَلَ أَبُوكِ وَقَوْمُكِ ؟ قَالَتْ : أَفْنَاهُمُ الزَّمَانُ ، وَأَبَادَتْهُمُ اللَّيَالِي وَالأَيَّامُ ، وَبَقِيتُ بَعْدَهُمْ كَالْمَزْجِ بَوَّأَهُ الْوَكْرُ ، قُلْتُ : هَلْ تَذْكُرِينَ زَمَانًا كَانَ لَكُمْ فِيهِ عُرْسٌ ، وَإِذَا جِوَارٍ أَخَذْنَ الْمِهْزَامَ ، وَسْطَهُنَّ جَارِيَةٌ بِيَدِهَا دُفٌّ تَضْرِبُ بِهِ ، وَتَقُولُ : أَيُّهَا الْحُسَّادُ مُوتُوا كَمَدَا ؟ فَشَهِقَتْ وَاسْتَعْبَرَتْ وَقَالَتْ " وَاللَّهِ إِنِّي لأَذْكُرُ ذَلِكَ الْعَامَ وَالشَّهْرَ وَالْيَوْمَ وَالْعَرُوسُ ، كَانَتْ أُخْتِي ، وَأَنَا صَاحِبَةُ الدُّفِّ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهَا : هَلْ لَكِ أَنْ نَحْمِلَكِ عَلَى أَوْطَاءِ دَوَابِّنَا وَنَغْذُوكِ بِغِذَاءِ أَهْلِهَا ؟ قَالَتْ : كَلا ، عَزِيزٌ عَلَيّ أَنْ أُفَارِقَ هَذِهِ الأَعْظُمَ حَتَّى أَؤولُ إِلَى مَا آلُوا إِلَيْهِ ، قُلْتُ : مِنْ أَيْنَ طَعَامُكِ ؟ قَالَتْ : " يَمُرُّ بِيَ الرَّكْبُ فِي الْقِرْطِ فَيُلْقُونَ إِلَيَّ مِنَ الطَّعَامِ مَا يَكْفِينِي ، وَالَّذِي أَكْتَفِي بِهِ يَسِيرٌ ، وَهَذَا الْكُوزُ مَمْلُوءٌ مَاءً ، مَا أَدْرِي مَا يَأْتِينِي بِهِ ، وَلَكِنْ أَيُّهَا الرَّكْبُ مَعَكُمُ امْرَأَةٌ ؟ قُلْنَا : لا ، قَالَتْ : مَعَكُمْ مِنَ الثِّيَابِ الْبَيَاضِ ؟ قُلْنَا : نَعَمْ ، وَأَلْقَيْنَا إِلَيْهَا ثَوْبَيْنِ جَدِيدَيْنِ ، فَتَجَلْلَتْ بِهِمَا وَقَالَتْ : رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ كَأَنِّي عَرُوسٌ أَتَهَادَى مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ ، وَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّ هَذَا يَوْمٌ أَمُوتُ فِيهِ ، فَأَرَدْتُ امْرَأَةً تَلِي أَمْرِي ، فَلَمْ تَزَلْ تُحَدِّثُنَا حَتَّى مَالَتْ فَنَزَعَتْ نَزْعًا يَسِيرًا وَمَاتَتْ ، فَيَمَّمْنَاهَا وَصَلَّيْنَا عَلَيْهَا وَدَفَنَّاهَا ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ حَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَبَكَى ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ كُنْتُ مَكَانَكُمْ لَحَمَلْتُهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَلَكِنْ سَبَقَ الْقَدَرُ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ | النعمان بن بشير الأنصاري / ولد في :2 / توفي في :65 | صحابي صغير |
الشَّعْبِيِّ | عامر الشعبي / ولد في :20 | ثقة |
مُجَالِدٍ | مجالد بن سعيد الهمداني / ولد في :48 / توفي في :144 | ضعيف الحديث |
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ | الهيثم بن عدي الطائي / توفي في :207 | متروك الحديث |
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ السَّدُوسِيُّ | محمد بن هشام السدوسي / توفي في :251 | ثقة مصنف |