قَالَ : وَأَمَّا أَبُو مُسْلِمٍ الْخَوْلانِيُّ ، فَلَمْ يَكُنْ يُجَالِسُ أَحَدًا قَطُّ يَتَكَلَّمُ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا إِلا تَحَوَّلَ عَنْهُ ، فَدَخَلَ ذَاتَ يَوْمٍ الْمَسْجِدَ فَنَظَرَ إِلَى نَفَرٍ قَدِ اجْتَمَعُوا ، فَرَجَا أَنْ يَكُونُوا عَلَى ذِكْرٍ وَخَيْرٍ ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ فَإِذَا بَعْضُهُمْ يَقُولُ : قَدِمَ غُلامٌ لِي ، فَأَصَابَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَالَ آخَرُ : جَهَّزْتُ غُلامًا لِي ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ، أَتَدْرُونَ مَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ ، كَمَثَلِ رَجُلٍ أَصَابَهُ مَطَرٌ غَزِيرٌ وَابِلٌ ، فَالْتَفَتَ فَإِذَا هُوَ بِمِصْرَاعَيْنِ عَظِيمَيْنِ ، فَقَالَ : لَوْ دَخَلْتُ هَذَا الْبَيْتَ حَتَّى يَذْهَبَ عَنِّي هَذَا الْمَطَرُ ، فَدَخَلَ فَإِذَا الْبَيْتُ لا سَقْفَ لَهُ ، جَلَسْتُ إِلَيْكُمْ وَأَنَا أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا عَلَى ذِكْرٍ وَخَيْرٍ ، فَإِذَا أَنْتُمْ أَصْحَابُ دُنْيَا قَالَ : وَقَالَ لَهُ قَائِلٌ حِينَ كَبُرَ وَرَقَّ : لَوْ قَصَرْتَ عَنْ بَعْضِ مَا تَصْنَعُ ، فَقَالَ : أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَرْسَلْتُمُ الْخَيْلَ أَلَسْتُمْ تَقُولُونَ لِفَارِسَهَا وَدِّعْهَا وَارْفُقْ بِهَا حَتَّى إِذَا رَأَيْتُمُ الْغَايَةَ فَلا تَسْتَبْقُوا مِنْهَا شَيْئًا ، قَالُوا : بَلَى ، قَالَ : فَإِنِّي قَدْ أَبْصَرْتُ الْغَايَةَ ، وَإِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ غَايَةً وَغَايَةُ كُلِّ سَاعٍ الْمَوْتُ فَسَابِقٌ وَمَسْبُوقٌ .
الأسم | الشهرة | الرتبة |