قَالَ عُمَرُ ، قَالَ أَبِي : كُنْتُ أَرَى وَرَّادًا الْعِجْلِيَّ يَأْتِي الْمَسْجِدَ مُقَنَّعَ الرَّأْسِ ، فَيَعْتَزَلُ نَاحِيَةً ، فَلا يَزَالُ مُصَلِّيًا وَدَاعِيًا وَبَاكِيًا كَمْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ النَّهَارِ . ثُمَّ يَخْرُجُ , ثُمَّ يَعُودُ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فَهُوَ كَذَلِكَ بَيْنَ صَلاةٍ وَدُعَاءٍ وَبُكَاءٍ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِشَاءَ . ثُمَّ يَخْرُجُ لا يُكَلِّمُ أَحَدًا ، وَلا يَجْلِسُ إِلَى أَحَدٍ فَسَأَلْتُ عَنْهُ رَجُلا مِنْ حَيِّهِ ، وَوَصَفْتُهُ لَهُ ، قُلْتُ : شَابٌّ مِنْ صِفَتِهِ ، مِنْ هَيْئَتِهِ قَالَ : بَخٍ يَا أَبَا عُمَرَ ! تَدْرِي عَمَّنْ تَسْأَلُ ؟ ذَاكُ وَرَّادٌ الْعِجْلِيُّ الَّذِي عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لا يَضْحَكَ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وَجْهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ! قَالَ أَبِي : فَكُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ هِبْتُهُ ! " .