حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَسْلَمَ ، ثنا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، ثنا شُعَيْبٌ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الأَغَرَّ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : " يُنَادَى أَهْلُ الْجَنَّةِ : تَصِحُّونَ فَلا تَمْرَضُونَ أَبَدًا ، وَتَشْبَعُونَ فَلا تَجُوعُونَ أَبَدًا ، وَتَشُبُّونَ فَلَا تَهْرَمُونَ أَبَدًا , لا تَشْعَثُ أَشْعَارُهُمْ ، وَلا تَغَيَّرُ أبَشَارُهُمْ ، وَلا يَلْقَوْنَ فِيهَا بُؤْسًا " . حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، قَالَ : كَانَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ مِنَ الْوَاعِظِينَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ , قَالَ : عَلِمْتُ أَنَّهُ لَذَّةُ أَسْمَاعِهِمْ فِي الْغُرَفِ الْعَدْنِيَّةِ , ندِيمُهُ زَجَلُ الْحُبُورِ ، وَتمتَعُ أَبْصَارِهِمْ بِالنَّظَرِ إِلَى أَحْسَنِ صَرْحِ الزَّبَرْجَدِ فِي زَهْرِ رِيَاضِ السُّرُورِ ، فَلَوْ تَوَهَّمْتَ مَبْدَأَ سُرَّةِ الْمَرْجَانِ لِهُبُوبِ رِيَاحِ أجَابِهَا , وَارْفِضَاضِ ذُرَّةِ السَّحَائِبِ الْمُرْتَشِحَاتِ فِي قُصُورِ الْمُلْكِ بِعَرَائِشِ خِيَامِهَا لَعَلِمْتَ أَنَّ الْقَوْمَ قَدْ تَوَسَّطُوا نَعِيمَ مَمْلَكَةٍ لا تُغَيِّرُ دَوَائِرُ الأَحْدَاثِ عَلَى دَوَامِهَا , مَا أَنْعَمَ بِأَسْمَاعٍ حَاضِرَةٍ , وَعَوْا عَنِ اللَّهِ : أَنْ يَأَهْلَ الْجَنَّةِ آنَ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلا تَسْقَمُوا ، وَأَنْ تَشِبُّوا فَلا تَهْرَمُوا ، وَتَحْيَوْا فَلا تَمُوتُوا ، وَتَنْعَمُوا فَلا تَبْأَسُوا ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ سورة الأعراف آية 43 , انْظُرْ لَوْجه مَلِكٌ تُرَى تَبَاشيِرُ الْجَمَالِ فِي أَسْرَارِ خَدِّهِ لَمَا سَمِعَ فِيهَا وَاسِتبطَ عَيْنِ الدَّعَةِ , حَتَّى زَهَتْ بِهِ مَنَابِرُ النُّورِ فِي ذِرْوَةٍ فِي دَرَجِ عَلالِيهَا ، وَحِينَ عَلَا أَرَائِكِ الْيَوَاقِيتِ ، وَنَظَرَ إِلَى مِخَدِّ النَّمَارِقِ الْمَصْفُوفَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ , وَبِهَا رَوْنَقٌ يُضْحِكُ الرَّائِيَ عِنْدَ تَلأْلإِ حُسْنِهَا إِلَيْهِ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا سَقْفُ لُؤْلُؤٍ يَكَادُ أَنْ يَخْطَفَ بَصَرَهُ التِمَاعُ نُورِهِ , بَلْ كَيْفَ اكْتَحَلَتْ مُقْلَتُهُ بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْزِلِ تَأْسِيسُ بُنْيَانِهِ جَنادِلُ الدُّرِّ ، وَصَفَائِحُ اللُّجَيْنِ ، وَسَنَابِكُ الْعِقْيَانِ ، لَوْلا قُدْرَةُ التَّسْخِيرِ الَّتِي جَرَتْ بِالسَّلامَةِ مِنْ مَكْرُوهٍ رَيْبِ الزَّمَانِ , أُولَئِكَ خِلالَ شَرَفِ الْمَنْزِلِ الْمَحْمُودِ ، وَالْمُتَفَكِّهُونَ بِالْقَوَامِ الْمَبْرُودِ ، فِي قِبَابِ الْخُلُودِ ، يَأَهْلَ الْجَنَّةِ مَا أَحْسَنَ اسْمَ دَارٍ تَبَوَّأْتُمْ أَسِرَّةَ غُرَفِ عَلالِيهَا ، وَأَبْهَجَ مَنَاظِرَهَا ، وَأَقَرَّ عُيُونَ سَاكِنِيهَا ، وَأَدْوَمَ سُرُورَ مَنْ نُجِّدَتْ مَقَاصِيرُهُ بِوَشْيِ رَفَارِفِهَا ، وَبَهْجَةِ عَبْقَرِيِّهَا , انْعَمُوا فَهِيَ الْجَنَّةُ التي حَطَطْتُمْ فِيهَا رِحَالَكُمْ لِحِفْظٍ دَعَةٍ لا يَهْتَدِي فِيهَا الزَّوَالُ فِيهَا إِلَيْهَا .