حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ , يَقُولُ : كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَفْضَلِ أَهْلِ زَمَانِهِ ، وَكَانَ يُزَارُ فَيَعِظُهُمْ ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ ، فَقَالَ : " إِنَّا قَدْ خَرَجْنَا مِنَ الدُّنْيَا ، وَقَدْ فَارَقْنَا الأهْلَ وَالأمْوَالَ مَخَافَةَ الطُّغْيَانِ ، وَقَدْ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا فِي حَالِنَا هَذِهِ مِنَ الطُّغْيَانِ أَكْثَرُ مِمَّا دَخَلَ عَلَى أَهْلِ الأمْوَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ ، أُرَانَا يُحِبُّ أَحَدُنَا أَنْ تُقْضَى حَاجَتُهُ ، وَإِنِ اشْتَرَى بَيْعًا أَنْ يُقَارَبَ لِمَكَانِ دِينِهِ ، وَإِنْ لُقِيَ حُيِّيَ وَوُقِّرَ لِمَكَانِ دِينِهِ ، فَشَاعَ ذَلِكَ الْكَلامُ حَتَّى بَلَغَ الْمَلِكَ فَأُعْجِبَ بِهِ الْمَلِكُ ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ وَيَنْظُرَ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا رَآهُ الرَّجُلُ ، قِيلَ لَهُ : هَذَا الْمَلِكُ قَدْ أَتَاكَ لِيُسَلِّمَ عَلَيْكَ ، قَالَ : وَمَا يَصْنَعُ بِذَلِكَ ؟ قِيلَ : لِلْكَلامِ الَّذِي وَعَظْتَ بِهِ ، فَسَأَلَ رَوِيَّهُ هَلْ عِنْدَكَ مِنْ طَعَامٍ ؟ قَالَ : شَيْءٌ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ مِمَّا تُفْطِرُ مِنْهُ ، فَأَمَرَ بِهِ ، فَأُتِيَ عَلَى مَسْكٍ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَخَذَ يَأْكُلُ مِنْهُ ، وَكَانَ يَصُومُ بِالنَّهَارِ لا يُفْطِرُ فَوَقَفَ عَلَيْهِ الْمَلِكُ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَأَجَابَهُ إِجَابَةً خَفِيَّةً ، وَأَقْبَلَ عَلَى طَعَامِهِ يَأْكُلُهُ ، فَقَالَ الْمَلِكُ : أَيْنَ الرَّجُلُ ؟ قِيلَ : هُوَ هَذَا , فَقَالَ : هُوَ الَّذِي يَأْكُلُ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، قَالَ : مَا عِنْدَ هَذَا خَيْرٌ ، فَأَدْبَرَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَرَفَكَ عَنِّي بِمَا صَرَفَكَ بِهِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |