أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْرَبٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ , يَقُولُ : " إِنَّ الْمَلِكَ سَمِعَ بِاجْتِهَادِهِ ، فَقَالَ : لآتِيَنَّهُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، وَلأُسَلِّمَنَّ عَلَيْهِ ، وَأَسْرَعَتِ الْبُشْرَى إِلَى الرَّاهِبِ ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ يَأْتِيهِ ، خَرَجَ إِلَى مُتَضَحًّى لَهُ قُدَّامَ مُصَلاهُ ، وَخَرَجَ بِمِنْسَفٍ فِيهِ بَقْلٌ ، وَزَيْتٌ ، وَحِمَّصٌ ، فَوَضَعَهُ قَرِيبًا مِنْهُ ، فَلَمَّا أَشْرَفَ إِذَا هُوَ بِالْمَلِكِ مُقْبِلٌ ، وَمَعَهُ سَوَادٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ أَحَاطُوا بِهِ ، فَلا يُرَى سَهْلٌ وَلا جَبَلٌ إِلا قَدْ مُلِئَ مِنَ النَّاسِ ، فَجَعَلَ الرَّاهِبُ يَجْمَعُ مِنْ تِلْكَ الْبُقُولِ وَالطَّعَامِ ، وَيُعَظِّمُ اللُّقْمَةَ ، فَيَغْمِسُهُ بِالزَّيْتِ ، وَيَأْكُلُهُ أَكْلًا عَنِيفًا ، وَهُوَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ لا يَنْظُرُ إِلَى مَنْ أَتَاهُ ، فَقَالَ الْمَلِكُ : أَيْنَ صَاحِبُكُمْ ؟ قَالُوا : هُوَ هَذَا ، فَقَالَ الْمَلِكُ : كَيْفَ أَنْتَ يَا فُلانُ ؟ فَقَالَ وَهُوَ يَأْكُلُ ذَلِكَ الأكْلَ : كَالنَّاسِ ، فَرَدَّ الْمَلِكُ عِنَانَ دَابَّتِهِ ، فَقَالَ : مَا فِي هَذَا خَيْرٌ ، فَلَمَّا ذَهَبَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ ، قَالَ الرَّاهِبُ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي ، وَهُوَ لِي لائِمٌ " .