قَالَ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ وَحَدَّثَنِي جَرَّاحٌ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ كَعْبٍ ، قَالَ : " الدَّجَّالُ بَشَرٌ وَلَدَتْهُ امْرَأَةٌ ، وَلَمْ يَنْزِلْ شَأْنِهِ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ ، وَلَكِنْ ذُكِرَ فِي كُتُبِ الأَنْبِيَاءِ ، يُولَدُ فِي قَرْيَةٍ بِمِصْرَ يُقَالُ لَهَا قُوصُ ، يَكُونُ بَيْنَ مَوْلِدِهِ وَمَخْرَجِهِ ثَلاثُونَ سَنَةً ، فَإِذَا ظَهَرَ خَرَجَ إِدْرِيسُ وَخُنُوكُ يَصْرُخَانِ فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى : إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ ، فَإِذَا أَقْبَلَ أَهْلُ الشَّامِ لِخُرُوجِهِ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَشْرِقِ ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِنْدَ بَابِ دِمَشْقَ الشَّرْقِيِّ ، ثُمَّ يُلْتَمَسُ فَلا يُقْدَرُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يُرَى عِنْدَ الْمَنَارَةِ الَّتِي عِنْدَ نَهَرِ الْكِسْوَةِ ، ثُمَّ يُطْلَبُ فَلا يُدْرَى أَيْنَ سَلَكَ ، فَيُنْسَى ذِكْرُهُ ، ثُمَّ يَأْتِي الْمَشْرِقَ فَيَظْهَرُ وَيَعْدِلُ ، ثُمَّ يُعْطَى الْخِلافَةَ ، فَيُسْتَخْلَفُ ، وَذَلِكَ عِنْدَ خُرُوجِ الْمَسِيحِ ، وَيُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ ، حَتَّى يَتَعَجَّبَ النَّاسُ ، ثُمَّ يُظْهِرُ السَّحَرَ ، وَيَدَّعِي النُّبُوَّةَ ، فَيَفْتَرِقُ عَنْهُ النَّاسُ وَيُفَارِقُهُ أَهْلُ الشَّامِ ، فَيَفْتَرِقُ أَهْلُ الْمَشْرِقِ ثَلاثَ فِرَقٍ : فِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالشَّامِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِالأَعْرَابِ ، وَفِرْقَةٌ تَلْحَقُ بِهِ ، فَيُقْبِلُ بِمَنْ مَعَهُ " قَالَ كَعْبٌ : " وَهُمْ أَرْبَعُونَ أَلْفًا " ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : سَبْعُونَ أَلْفًا ، وَيَأْتِي الأُمَمَ فَيَسْتَمِدُّهُمْ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ فَيُجِيبُونَهُ ، وَتُجْمَعُ إِلَيْهِ الْيَهُودُ جَمِيعًا ، فَيَسِيرُ نَحْوَ الشَّامِ ، مُقَدِّمَتُهُ الْعِصَابَةُ الْمَشْرِقِيَّةُ ، مَعَهُمْ أَعْرَابُ جَدِيسٍ ، عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ ، فَيَفْزَعُ أَهْلُ الشَّامِ فَيَهْرُبُونَ إِلَى الْجِبَالِ ، وَمَأْوَى السِّبَاعِ ، اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الرِّجَالِ ، وَسَبْعَةُ آلافِ امْرَأَةٍ ، عَامَّتُهُمْ إِلَى جَبَلِ الْبَلْقَاءِ ، قَدِ اعْتَصَمُوا بِهِ ، لا يَجِدُونَ مَا يَأْكُلُونَ غَيْرَ شَجَرِ الْمِلْحِ ، وَتَهْرُبُ عَنْهُمُ السِّبَاعُ إِلَى السَّهْلِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْتِي الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ فَيَسْكُنُهَا ، ثُمَّ يَتَرَاسَلُونَ فَيُقْبِلُونَ سِرَاعًا ، حَتَّى يَنْزِلُوا غَرْبِيَّ الأُرْدُنِّ ، عِنْدَ نَهَرِ أَبِي فُطْرُسٍ ، يَنْطَوِي إِلَيْهِمْ كُلُّ فَارٍّ مِنَ الدَّجَّالِ ، وَيُعَبِّئُونَ مَسْلَحَةً عِنْدَ الْمَنَارَةِ الَّتِي غَرْبِيَّ الأُرْدُنِّ ، وَيُقْبِلُ الدَّجَّالُ فَيَهْبِطُ مِنْ عَقَبَةِ أَفِيقَ ، فَيَنْزِلُ شَرْقِيَّ الأُرْدُنِّ ، فَيَحْصُرُهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، فَيَأْمُرُ نَهَرَ أَبِي فُطْرُسٍ فَيَسِيلُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : ارْجِعْ فَيَرْجِعْ إِلَى مَكَانِهِ ، وَيَقُولُ : أَيْبِسْ فَيَيْبَسْ ، وَيَأْمُرُ جَبَلَ ثَوْرٍ وَجَبَلَ طُورِ زِيتَا أَنْ يَنْتَطِحَا فَيَنْتَطِحَانِ ، وَيَأْمُرُ الرِّيحَ فَتُثِيرُ السَّحَابَ مِنَ الْبَحْرِ ، فَتُمْطِرُ الأَرْضَ فَتُنْبِتُ ، وَيَأْمُرُ إِبْلِيسَ الأَكْبَرَ ذُرِّيَّتَهُ بِاتِّبَاعِهِ ، فَيُظْهِرُونَ لَهُ الْكُنُوزَ ، فَلا يَمُرُّونَ بِخَرِبَةٍ وَلا أَرْضٍ فِيهَا كَنْزٌ إِلا نُبِذَ إِلَيْهِ كَنْزُهُ ، وَمَعَهُ قَبِيلٌ مِنَ الْجِنِّ ، فَيَتَشَبَّهُونَ بِمَوْتَاهُمْ ، فَيَقُولُ الْحَمِيمُ لِحَمِيمِهِ : أَلَمْ أَمُتْ وَقَدْ حَيِيتُ ؟ ، وَيَخُوضُ الْبَحْرُ فِي الْيَوْمِ ثَلاثَ خَوْضَاتٍ ، فَلا يَبْلُغُ حِقْوَيْهِ ، فَيُمَيَّزُ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُنَافِقُونَ وَالْكَافِرُونَ ، وَالْهَرَبُ عَنْهُ خَيْرٌ مِنَ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، لِلْمُتَكَلِّمِ يَوْمَئِذٍ بِكَلِمَةٍ يُخْلِصُ بِهَا مِنَ الأَجْرِ كَعَدَدِ رَمْلِ الدُّنْيَا ، وَيُقَاتِلُ النَّاسَ عَلَى الْكُفْرِ ، فَمَنْ قُتِلَ مِنْهُمْ أَضَاءَتْ قُبُورُهُمْ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ وَاللَّيْلِ الدَّامِسِ قَالَ كَعْبٌ : فَإِذَا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ لا يَسْتَطِيعُونَ قَتْلَهُ ، وَلا أَصْحَابَهُ ، سَارُوا غَرْبِيَّ الأُرْدُنِّ الَّتِي بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، فَيُبَارَكُ لَهُمْ فِي ثَمَرِهَا ، وَيَشْبَعُ الآكِلُ مِنَ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ لَعَظِيمِ بَرَكَتِهَا ، وَيَشْبَعُونَ فِيهَا مِنَ الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ ، وَيَتْبَعُهُمُ الدَّجَّالُ ، وَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيَقُولُ : أَنَا الرَّبُّ ، فَيَقُولُ لَهُ أَحَدُهُمَا : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ الآخَرُ لِصَاحِبِهِ : صَدَقْتَ ، وَصِفَتُهُ أَنَّهُ أَفْحَجُ ، أَصْهَبُ ، مُخْتَلِفُ الْحَلْقِ ، مَطْمُوسُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى ، إِحْدَى يَدَيْهِ أَطْوَلُ مِنَ الأُخْرَى ، يَغْمِسُ الطَّوِيلَةَ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ فَيَبْلُغُ قَعْرَهُ ، فَتُخْرِجُ مِنَ الْحِيتَانِ ، يَسِيرُ أَقْصَى الأَرْضِ وَأَدْنَاهَا فِي يَوْمَيْنِ ، خُطْوَتُهُ مَدُّ بَصَرِهِ ، وَتُسَخَّرُ لَهُ الْجِبَالُ وَالأَنْهَارُ وَالسَّحَابُ ، وَيَأْتِي الْجَبَلَ فَيَقُودُهُ ، وَيُدْرِكُ زَرْعُهُ فِي يَوْمٍ ، وَيَقُولُ لِلْجِبَالِ : تَنَحَّيْ عَنِ الطَّرِيقِ ، فَتَفْعَلُ ، وَيَجِيءُ إِلَى الأَرْضِ فَيَقُولُ : أَخْرِجِي مَا فِيكَ مِنَ الذَّهَبِ ، فَتَلْفَظُهُ كَالْيَعَاسِيبِ ، وَكَأَعْيُنِ الْجَرَادِ ، وَمَعَهُ نَهَرُ مَاءٍ ، وَنَهَرُ نَارٍ ، وَجَنَّةٌ خَضْرَاءُ ، وَنَارٌ حَمْرَاءُ ، فَنَارُهُ جَنَّةٌ ، وَجَنَّتُهُ نَارٌ ، وَجَبَلٌ مِنْ خُبْزٍ ، مَنْ أَلْقَاهُ فِي نَارِهِ لَمْ يَحْتَرِقْ ، يَظْهَرُ عِنْدَ عَالِيَةَ مَرَّةً ، وَعَلَى بَابِ دِمَشْقَ مَرَّةً ، وَعِنْدَ نَهَرِ أَبِي فُطْرُسٍ مَرَّةً ، وَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ " .