ثم كانت سنة اثنتي عشرة من الهجرة


تفسير

رقم الحديث : 1068

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ يَزِيدَ بْنِ أُسَيْدٍ الْغَسَّانِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ ، وَخَالِدٍ ، قَالا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ يَزِيدَ بْنِ أُسَيْدٍ الْغَسَّانِيِّ ، عَنْ عُبَادَةَ ، وَخَالِدٍ ، قَالا : شَهِدَ الْيَرْمُوكَ أَلْفُ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيهِمْ نَحْوٌ مِنْ مِائَةٍ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ ، قَالا : وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ يَسِيرُ فَيَقِفُ عَلَى الْكَرَادِيسِ ، فَيَقُولُ : اللَّهَ اللَّهَ إِنَّكُمْ ذَادَةُ الْعَرَبِ ، وَأَنْصَارُ الإِسْلامِ ، وَإِنَّهُمْ ذَادَةُ الرُّومِ وَأَنْصَارُ الشِّرْكِ ، اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِكَ ، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ نَصْرَكَ عَلَى عِبَادِكَ . قَالا : وَقَالَ رَجُلٌ لِخَالِدٍ : مَا أَكْثَرَ الرُّومَ وَأَقَلَّ الْمُسْلِمِينَ . فَقَالَ خَالِدٌ : مَا أَقَلَّ الرُّومَ وَأَكْثَرَ الْمُسْلِمِينَ ، إِنَّمَا تَكْثُرُ الْجُنُودُ بِالنَّصْرِ وَتَقِلُّ بِالْخِذْلانِ لا بِعَدَدِ الرِّجَالِ ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ الأَشْقَرَ بَرَاءٌ مِنْ تَوْجِيهٍ ، وَأَنَّهُمْ أُضْعِفُوا فِي الْعَدَدِ ، وَكَانَ فَرَسُهُ قَدْ حَفِيَ فِي مَسِيرِهِ ، قَالا : فَأَمَرَ خَالِدٌ عِكْرِمَةَ وَالْقَعْقَاعِ ، وَكَانَا عَلَى مُجَنِّبَتَيِ الْقَلْبِ ، فَأَنْشَبَا الْقِتَالَ ، وَارْتَجَزَ الْقَعْقَاعُ ، وَقَالَ : يَا لَيْتَنِي أَلْقَاكَ فِي الطِّرَادِ قَبْلَ اعْتِرَامِ الْجَحْفَلِ الْوَرَّادِ وَأَنْتَ فِي حَلَبَتِكَ الْوِرَادِ وَقَالَ عِكْرِمَةُ : قَدْ عَلِمَتْ بَهْكَنَةُ الْجَوَارِي أَنِّي عَلَى مَكْرُمَةٍ أُحَامِي فَنَشَبَ الْقِتَالُ ، وَالْتَحَمَ النَّاسُ ، وَتَطَارَدَ الْفِرْسَانُ ، فَإِنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قَدِمَ الْبَرِيدُ مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَأَخَذَتْهُ الْخُيُولُ وَسَأَلُوهُ الْخَبَرَ فَلَمْ يُخْبِرْهُمْ إِلا بِسَلامَةٍ ، وَأَخْبَرَهُمْ عَنْ أَمْدَادٍ ، وَإِنَّمَا جَاءَ بِمَوْتِ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَتَأْمِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ ، فَأَبْلَغُوهُ خَالِدًا ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ أَبِي بَكْرٍ أَسَرَّهُ إِلَيْهِ ، وَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي أَخْبَرَ بِهِ الْجُنْدَ ، قَالَ : أَحْسَنْتَ فَقِفْ ، وَأَخَذَ الْكِتَابَ وَجَعَلَهُ فِي كِنَانَتِهِ ، وَخَافَ إِنْ هُوَ أَظْهَرَ ذَلِكَ أَنْ يَنْتَثِرَ لَهُ أَمْرُ الْجُنْدِ ، فَوَقَفَ مَحْمِيَّةُ بْنُ زُنَيْمٍ مَعَ خَالِدٍ وَهُوَ الرَّسُولُ ، وَخَرَجَ جرجةُ حَتَّى كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ ، وَنَادَى لِيَخْرُجْ إِلَيَّ خَالِدٌ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ خَالِدٌ ، وَأَقَامَ أَبَا عُبَيْدَةَ مَكَانَهُ فَوَافَقَهُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ حَتَّى اخْتَلَفَتْ أَعْنَاقُ دَابَّتَيْهِمَا ، وَقَدْ أَمِنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ، فَقَالَ جرجةُ : يَا خَالِدُ أَصْدِقْنِي وَلا تُكْذِبْنِي ، فَإِنَّ الْحُرَّ لا يَكْذِبُ ، وَلا تُخَادِعْنِي فَإِنَّ الْكَرِيمَ لا يُخَادِعُ الْمُسْتَرْسِلَ بِاللَّهِ ، هَلْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيُّكُمْ سَيْفًا مِنَ السَّمَاءِ فَأَعْطَاكَهُ ، فَلا تُسِلُّهُ عَلَى قَوْمٍ إِلا هَزَمْتَهُمْ ؟ قَالَ : لا . قَالَ : فَبِمَ سُمِّيتَ سَيْفَ اللَّهِ ؟ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بَعَثَ فِينَا نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَدَعَانَا فَنَفَرْنَا عَنْهُ وَنَأْيَنَا عَنْهُ جَمِيعًا ، ثُمَّ إِنَّ بَعْضَنَا صَدَّقَهُ وَتَابَعَهُ ، وَبَعْضَنَا بَاعَدَهُ وَكَذَّبَهُ ، فَكُنْتُ فِيمَنْ كَذَّبَهُ ، وَبَاعَدَهُ ، وَقَاتَلَهُ ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَخَذَ بِقُلُوبِنَا وَنَوَاصِينَا فَهَدَانَا بِهِ فَتَابَعْنَاهُ ، فَقَالَ : أَنْتَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَدَعَا لِي بِالنَّصْرِ فَسُمِّيتُ سَيْفَ اللَّهِ بِذَلِكَ ، فَأَنَا مِنْ أَشَدِّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ . قَالَ : صَدَقْتَنِي ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ جرجةُ : يَا خَالِدُ أَخْبِرْنِي إِلامَ تَدْعُونِي ؟ قَالَ : إِلَى شِهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَالإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ . قَالَ : فَمَنْ لَمْ يُجِبْكُمْ ؟ قَالَ : فَالْجِزْيَةُ وَنَمْنَعُهُمْ . قَالَ : فَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا ؟ قَالَ : نُؤْذِنْهُ بِحَرْبٍ ثُمَّ نُقَاتِلُهُ . قَالَ : فَمَا مَنْزِلَةُ الَّذِي يَدْخُلُ فِيكُمْ وَيُجِيبُكُمْ إِلَى هَذَا الأَمْرِ الْيَوْمَ . قَالَ : مَنْزِلَتُنَا وَاحِدَةٌ فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْنَا شَرِيفُنَا وَوَضِيعُنَا وَأَوَّلُنَا وَآخِرُنَا . ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ جرجةُ : هَلْ لِمَنْ دَخَلَ فِيكُمُ الْيَوْمَ يَا خَالِدُ مِثْلُ مَا لَكُمْ مِنَ الأَجْرِ وَالذَّخْرِ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَأَفْضَلُ . قَالَ : وَكَيْفَ يُسَاوِيكُمْ وَقَدْ سَبَقْتُمُوهُ ؟ قَالَ : إِنَّا دَخَلْنَا فِي هَذَا الأَمْرِ وَبَايَعْنَا نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَيٌّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، تَأْتِيهِ أَخْبَارُ السَّمَاءِ يُخْبِرُنَا بِالْكُتُبِ ، وَيُرِينَا الآيَاتِ ، وَحَقٌّ لِمَنْ رَأَى مَا رَأَيْنَا وَسَمِعَ مَا سَمِعْنَا أَنْ يُسْلِمَ وَيُبَايِعَ ، وَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ لَمْ تَرَوْا مَا رَأَيْنَا ، وَلَمْ تَسْمَعُوا مَا سَمِعْنَا مِنَ الْعَجَائِبِ وَالْحُجَجِ ، فَمَنْ دَخَلَ فِي هَذَا الأَمْرِ مِنْكُمْ بِحَقِيقَةٍ وَنِيَّةٍ كَانَ أَفْضَلَ مِنَّا . قَالَ جرجةُ : بِاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتَنِي وَلَمْ تُخَادِعْنِي وَلَمْ تَأْلَفْنِي . قَالَ : بِاللَّهِ لَقَدْ صَدَقْتُكَ وَمَا بِي إِلَيْكَ وَلا إِلَى أَحَدٍ مِنْكُمْ وَحْشَةٌ ، وَإِنَّ اللَّهَ لَوَلِيُّ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ . فَقَالَ : صَدَقْتَنِي وَقَلَبَ التُّرْسَ وَمَالَ مَعَ خَالِدٍ ، وَقَالَ : عَلِّمْنِي الإِسْلامَ ، فَمَالَ بِهِ خَالِدٌ إِلَى فُسْطَاطِهِ فَشَنَّ عَلَيْهِ قِرْبَةً مِنْ مَاءٍ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ . وَحَمَلَتِ الرُّومُ مَعَ انْقِلابِهِ إِلَى خَالِدٍ وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا مِنْهُ حَمْلَةٌ ، فَأَزَالُوا الْمُسْلِمِينَ عَنْ مَوَاقِفِهِمْ إِلا الْمُحَامِيَةَ عَلَيْهِمْ عِكْرِمَةُ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ ، وَرَكِبَ خَالِدٌ وَمَعَهُ جرجةُ وَالرُّومُ خِلالَ الْمُسْلِمِينَ ، فَتَنَادَى النَّاسُ فَثَابُوا ، وَتَرَاجَعَتِ الرُّومُ إِلَى مَوَاقِفِهِمْ ، فَزَحَفَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى تَصَافَحُوا بِالسُّيُوفِ ، فَضَرَبَ فِيهِمْ خَالِدٌ وَجرجةُ مِنْ لَدُنِ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ إِلَى جُنُوحِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ ، ثُمَّ أُصِيبَ جرجةُ وَلَمْ يُصَلِّ صَلاةً سَجَدَ فِيهَا إِلا الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا ، وَصَلَّى النَّاسُ الأُولَى وَالْعَصْرَ إِيمَاءً ، وَتَضَعْضَعَ الرُّومُ ، وَنَهَدَ خَالِدٌ بِالْقَلْبِ حَتَّى كَانَ بَيْنَ خَيْلِهِمْ وَرِجْلِهِمْ ، وَكَانَ مُقَاتِلُهُمْ وَاسِعَ الْمَطْرَدِ ضَيِّقَ الْمَهْرَبِ ، فَلَمَّا وَجَدَتْ خَيْلُهُمْ مَذْهَبًا ذَهَبَتْ وَتَرَكُوا رِجْلَهُمْ فِي مَصَافِّهِمْ ، وَخَرَجَتْ خَيْلُهُمْ تَشْتَدُّ بِهِمْ فِي الصَّحْرَاءِ ، وَأَخَّرَ النَّاسُ الصَّلاةَ حَتَّى صَلُّوا بَعْدَ الْفَتْحِ . وَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ خَيْلَ الرُّومِ تَوَجَّهَتْ لِلْهَرَبِ ، أَفْرَجُوا لَهَا وَلَمْ يُحَرِّجُوهَا ، فَذَهَبَتْ فَتَفَرَّقَتْ فِي الْبِلادِ ، وَأَقْبَلَ خَالِدٌ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى الرَّجْلِ فَفَضُّوهُمْ ، فَكَأَنَّمَا هُدِمَ بِهِمْ حَائِطٌ ، فَاقْتَحِمُوا فِي خَنْدَقِهِمْ ، فَاقْتَحَمَهُ عَلَيْهِمْ ، فَعَمَدُوا إِلَى الْوَاقُوصَةِ حَتَّى هَوَى فِيهَا الْمُقْتَرِنُونَ وَغَيْرُهُمْ ، فَمَنْ صَبَرَ مِنَ الْمُقْتَرِنِينَ لِلْقِتَالِ هَوَى بِهِ مَنْ جَشَعَتْ نَفْسُهُ ، فَيَهْوِي الْوَاحِدُ بِالْعَشْرَةِ لا يُطِيقُونَهُ ، كُلَّمَا هَوَى اثْنَانِ كَانَتِ الْبَقِيَّةُ أَضْعَفَ ، فَتَهَافَتَ فِي الْوَاقُوصَةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ أَلْفٍ ، ثَمَانُونَ أَلْفَ مُقْتَرِنٍ ، وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ مُطْلَقٍ سِوَى مَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَالرَّجْلِ ، فَكَانَ سَهْمُ الْفَارِسِ يَوْمَئِذٍ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ ، وَتَجَلَّلَ الْفَيْقَارُ وَأَشْرَافٌ مِنْ أَشْرَافِ الرُّومِ بَرَانِسَهُمْ ، ثُمَّ جَلَسُوا ، وَقَالُوا : لا نُحِبُّ أَنْ نَرَى يَوْمَ السُّوءِ إِذْ لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَرَى يَوْمَ السُّرُورِ ، وَإِذْ لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَمْنَعَ النَّصْرَانِيَّةَ فَأُصِيبُوا فِي تَزَمُّلِهِمْ . .

الرواه :

الأسم الرتبة

Whoops, looks like something went wrong.