فحدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي إِسْرَائِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ ، عَنِ الْبَرَاءِ ، قَالَ : " بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِلَى أَبِي رَافِعٍ الْيَهُودِيِّ ، وَكَانَ بِأَرْضِ الْحِجَازِ ، رِجَالًا مِنَ الأَنْصَارِ ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ : عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُقْبَةَ ، أَوْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَتِيكٍ . وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَبْغِي عَلَيْهِ ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ لَهُ بِأَرْضِ الْحِجَازِ . فَلَمَّا دَنَوْا مِنْهُ ، وَقَدْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ ، وَرَاحَ النَّاسُ بِسَرْحِهِمْ ، قَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُقْبَةَ ، أَوْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ : اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ ، فَإِنِّي أَنْطَلِقُ وَأَتَلَطَّفُ لِلْبَوَّابِ لَعَلِّي أَدْخُلُ . قَالَ : فَأَقْبَلَ ، حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْبَابِ ، تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً ، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ . قَالَ : فَدَخَلْتُ ، فَكَمَنْتُ تَحْتَ آرِيِّ حِمَارٍ ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ ، ثُمَّ عَلَّقَ الأَقَالِيدَ عَلَى وَدٍّ . قَالَ : فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ ، فَأَخَذْتُهَا ، فَفَتَحْتُ الْبَابَ ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يَسْمُرُ عِنْدَهُ فِي عَلَالِيٍّ ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ ، فَصَعِدْتُ إِلَيْهِ ، فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُهُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ ، قُلْتُ : إِنَّ الْقَوْمَ نَذَرُوا بِي ، لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ . قَالَ : فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ ، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ ، وَسَطَ عِيَالِهِ ، لا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ ، قُلْتُ : أَبَا رَافِعٍ ؟ قَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَ : فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ ، فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ ، وَأَنَا دَهِشٌ ، فَمَا أَعْنِي شَيْئًا ، وَصَاحَ ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ ، وَمَكَثْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ . ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ ؟ قَالَ : لأُمِّكَ الْوَيْلُ ، إِنَّ رَجُلًا فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ . قَالَ : فَاضْرِبْهُ فَأَثْخِنْهُ ، وَلَمْ أَقْتُلْهُ . قَالَ : ثُمَّ وَضَعْتُ ضَبِيبَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ ، حَتَّى أَخْرَجْتُهُ مِنْ ظَهْرِهِ ، فَعَرَفْتُ أَنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحَ الأَبْوَابَ بَابًا فَبَابًا ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي وَأَنَا أَرَى أَنِّي انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِي . قَالَ : فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَتِي ، ثُمَّ إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ ، فَقُلْتُ : وَاللَّهِ لا أَبْرَحُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ أَمْ لَا . قَالَ : فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ ، قَامَ النَّاعِي عَلَيْهِ عَلَى السُّورِ ، فَقَالَ : أنْعى أَبَا رَافِعٍ رَبَّاحَ أَهْلِ الْحِجَازِ . قَالَ : فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي ، فَقُلْتُ النَّجَاءَ ، قَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ ، فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَحَدَّثْتُهُ ، فَقَالَ : ابْسُطْ رِجْلَكَ فَبَسَطْتُهَا ، فَمَسَحَهَا ، فَكَأَنَّمَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَمَّا الْوَاقِدِيُّ : فَإِنَّهُ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ السَّرِيَةَ الَّتِي وَجَّهَهَا رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِلَى أَبِي رَافِعٍ سَلَّامِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ ، إِنَّمَا وَجَّهَهَا إِلَيْهِ فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ، وَأَنَّ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا إِلَيْهِ فَقَتَلُوهُ كَانُوا أَبُو قَتَادَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَتِيكٍ ، وَمَسْعُودُ بْنُ سِنَانٍ ، وَالأَسْوَدُ بْنُ خُزَاعِيٍّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ ، وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ ، فَإِنَّهُ قَصَّ مِنْ قِصَّةِ هَذِهِ السَّرِيَةِ " .
الأسم | الشهرة | الرتبة |
الْبَرَاءِ | البراء بن عازب الأنصاري | صحابي |
أَبُو إِسْحَاقَ | أبو إسحاق السبيعي / ولد في :30 / توفي في :126 | ثقة مكثر |
إِسْرَائِيلُ | إسرائيل بن يونس السبيعي | ثقة |
مُصْعَبُ بْنُ الْمِقْدَامِ | مصعب بن المقدام الخثعمي / توفي في :203 | صدوق حسن الحديث |
هارون بن إسحاق الهمداني | هارون بن إسحاق الهمداني / توفي في :258 | ثقة |