كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَالْمُهَلَّبِ ، وَزِيَادٍ ، قَالُوا : كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ : عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَيْفٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَطَلْحَةَ ، وَالْمُهَلَّبِ ، وَزِيَادٍ ، قَالُوا : وَلَمَّا فَرَغَ خَالِدٌ مِنَ الأَنْبَارِ ، وَاسْتُحْكِمَتْ لَهُ ، اسْتَخْلَفَ عَلَى الأَنْبَارِ الزِّبْرَقَانَ بْنَ بَدْرٍ ، وَقَصَدَ لِعَيْنِ التَّمْرِ وَبِهَا يَوْمَئِذٍ مِهْرَانُ بْنُ بَهْرَامَ جوبين فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ مِنَ الْعَجَمِ ، وَعَقَّةُ بْنُ أَبِي عَقَّةَ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ مِنَ الْعَرَبِ مِنَ النَّمِرِ وَتَغْلِبَ وَإِيَادٍ ، وَمَنْ لافَهُمْ ، فَلَمَّا سَمِعُوا بِخَالِدٍ ، قَالَ عَقَّةُ لِمِهْرَانَ : إِنَّ الْعَرَبَ أَعْلَمُ بِقِتَالِ الْعَرَبِ ، فَدَعْنَا وَخَالِدًا . قَالَ : صَدَقْتَ ، لَعَمْرِي لأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِقِتَالِ الْعَرَبِ ، وَإِنَّكُمْ لَمِثْلُنَا فِي قِتَالِ الْعَجَمِ ، فَخَدَعَهُ وَاتَّقَى بِهِ ، وَقَالَ : دُونَكُمُوهُمْ وَإِنِ احْتَجْتُمْ إِلَيْنَا أَعَنَّاكُمْ ، فَلَمَّا مَضَى نَحْوَ خَالِدٍ ، قَالَتْ لَهُ الأَعَاجِمُ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ هَذَا الْقَوْلَ لِهَذَا الْكَلْبِ ؟ فَقَالَ : دَعُونِي فَإِنِّي لَمْ أَرُدَّ إِلا مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَشَرٌّ لَهُمْ ، إِنَّهُ قَدْ جَاءَكُمْ مَنْ قَتْلَ مُلُوكَكُمْ ، وَفَلَّ حَدَّكُمْ فَاتَّقَيْتُهُ بِهِمْ ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ عَلَى خَالِدٍ فَهِيَ لَكُمْ ، وَإِنْ كَانَتِ الأُخْرَى لَمْ تَبْلُغُوا مِنْهُمْ حَتَّى يَهِنُوا فَنُقَاتِلَهُمْ وَنَحْنُ أَقْوِيَاءُ وَهُمْ مُضْعَفُونَ . فَاعْتَرَفُوا لَهُ بِفَضْلِ الرَّأْيِ ، فَلَزَمَ مِهْرَانُ الْعَيْنَ ، وَنَزَلَ عَقَّةُ لِخَالِدٍ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ بُجَيْرُ بْنُ فُلانٍ ، أَحَدُ بَنِي عُتْبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُهَيْرٍ ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ الْهُذَيْلُ بْنُ عِمْرَانَ ، وَبَيْنَ عَقَّةَ وَبَيْنَ مِهْرَانَ رَوْحَةٌ أَوْ غَدْوَةٌ ، وَمِهْرَانُ فِي الْحِصْنِ فِي رَابِطَةِ فَارِسَ ، وَعَقَّةُ عَلَى طَرِيقِ الْكَرْخِ كَالْخَفِيرِ . فَقَدِمَ عَلَيْهِ خَالِدٌ وَهُوَ فِي تَعْبِئَةِ جُنْدِهِ ، فَعَبَّى خَالِدٌ جُنْدَهُ ، وَقَالَ لِمُجَنِّبَتَيْهِ : اكْفُونَا مَا عِنْدَهُ ، فَإِنِّي حَامِلٌ ، وَوَكَّلَ بِنَفْسِهِ حَوَامِي ، ثُمَّ حَمَلَ وَعَقَّةُ يُقِيمُ صُفُوفَهُ ، فَاحْتَضَنَهُ فَأَخَذَهُ أَسِيرًا ، وَانْهَزَمَ صَفَّهُ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ ، فَأَكْثَرُوا فِيهِمُ الأَسْرَ ، وَهَرَبَ بُجَيْرٌ ، وَالْهُذَيْلُ ، وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ ، وَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ مِهْرَانَ هَرَبَ فِي جُنْدِهِ وَتَرَكُوا الْحِصْنَ ، وَلَمَّا انْتَهَتْ فِلالُ عَقَّةَ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ إِلَى الْحِصْنِ اقْتَحَمُوهُ وَاعْتَصَمُوا بِهِ ، وَأَقْبَلَ خَالِدٌ فِي النَّاسِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَى الْحِصْنِ وَمَعَهُ عَقَّةُ أَسِيرٌ ، وَعَمْرُو بْنُ الصَّعِقِ ، وَهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يَكُونَ خَالِدٌ كَمَنْ كَانَ يُغِيرُ مِنَ الْعَرَبِ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ يُحَاوِلُهُمْ سَأَلُوهُ الأَمَانَ ، فَأَبَى إِلا عَلَى حُكْمِهِ ، فَسَلِسُوا لَهُ بِهِ ، فَلَمَّا فَتَحُوا دَفَعَهُمْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ ، فَصَارُوا مساكًا ، وَأَمَرَ خَالِدٌ بِعَقَّةَ ، وَكَانَ خَفِيرَ الْقَوْمِ ، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ لِيُوئْسِ الأُسَرَاءَ مِنَ الْحَيَاةِ ، وَلَمَّا رَآهُ الأُسَرَاءُ مَطْرُوحًا عَلَى الْجِسْرِ يَئِسُوا مِنَ الْحَيَاةِ . ثُمَّ دَعَا بِعَمْرِو بْنِ الصَّعِقِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ ، وَضَرَبَ أَعْنَاقَ أَهْلِ الْحِصْنِ أَجْمَعِينَ ، وَسَبَى كُلَّ مَنْ حَوَى حِصْنُهُمْ ، وَغَنِمَ مَا فِيهِ ، وَوَجَدَ فِي بَيْعَتِهِمْ أَرْبَعِينَ غُلامًا يَتَعَلَّمُونَ الإِنْجِيلَ عَلَيْهِمْ بَابٌ مُغْلَقٌ ، فَكَسَرَهُ عَنْهُمْ ، وَقَالَ : مَا أَنْتُمْ ؟ قَالُوا : رُهُنٌ ، فَقَسَمَهُمْ فِي أَهْلِ الْبَلاءِ مِنْهُمْ : أَبُو زِيَادٍ مَوْلَى ثَقِيفٍ ، وَمِنْهُمْ نُصَيْرٌ أَبُو مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ ، وَمِنْهُمْ أَبُو عَمْرَةَ جَدُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّاعِرِ ، وَسِيرِينُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ سِيرِينَ ، وَحُرَيْثٌ ، وَعُلاثَةُ . فَصَارَ أَبُو عَمْرَةَ لِشُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ ، وَحُرَيْثٌ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبَّادٍ ، وَعُلاثَةُ للمعنى ، وَحُمْرَانُ لِعُثْمَانَ ، وَمِنْهُمْ عُمَيْرٌ وَأَبُو قَيْسٍ ، فَثَبَتَ عَلَى نَسَبِهِ مِنْ مَوَالِي أَهْلِ الشَّامِ الْقُدَمَاءِ ، وَكَانَ نُصَيْرٌ يُنْسَبُ إِلَى بَنِي يَشْكُرَ ، وَأَبُو عَمْرَةَ إِلَى بَنِي مُرَّةَ ، وَمِنْهُمُ ابْنُ أُخْتِ النَّمِرِ . .